منظومة العيون الخمينية من طهران إلى الجليل!
محمد صادق الحسيني –
ستة وثلاثون عاما وهم يحاولون الصاق التهمة بها بانها ثورة إيرانية، وبالتالي ما دخل العرب بها او سائر الامم الاخرى؟ ستة وثلاثون عاما وهم يحاولون الصاق التهمة بها بانها ثورة شيعية، وبالتالي ما دخل أهل السنة بها او سائر الطوائف الاخرى؟
ستة وثلاثون عاما وقبل ذلك ربع قرن اضافي وهم يحاولون اخراج قادتها العلماء من مسرح الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية للناس بحجة ان حداثتهم و»تقدمهم» و»مدنيتهم» اسدلت الستار و إلى الابد على مقولتي التدين والايديولوجيا، وانهم باتوا يمثلون «نهاية التاريخ «! وان من يقف بوجههم او من يحاججهم مهزوم لا محالة وامره ماض إلى زوال من دون شك او ترديد، فكيف من تجرأ او يتجرأ على مقارعتهم؟
ستة وثلاثون عاما ومثلها او يزيد من قبل، وهم يبذلون قصارى جهدهم لاثبات ان نظامهم الدولي اي معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الاولى، وما تبعها من تكريس وتعزيز مدنس بقيام كيان الاغتصاب والاحتلال، هو النظام التقدمي والحر والاصيل والوحيد القادر على صناعة التاريخ والارتقاء بالامم إلى سدة الحضارة والتطور والسيادة والريادة!
لكن ذلك الرجل الثمانيني الوقور والحكيم والزاهد في الدنيا والفقير إلى الله لكنه الغني بدينه وثباته وتصميمه والمتمسك بعقيدته وعزيمته الراسخة على انه الاقوى وانه الاعز وانه الارقى مادام معتصما بحبل الله المتين ومؤمن بمقولة: «ان ينصركم الله فلا غالب لكم»…..، استطاع ان يبزهم جميعا وفرادى ويثبت لهم بطلان ما روجوا له، عنيت به الامام روح الله الموسوي الخميني …..
في مثل هذه الايام من العام 1979 م استطاع رجل الاحتجاج والرفض والثورة والحكم ان يضع حدا لكل محاولاتهم اليائسة والبائسة.
بعبارة واحدة اعتمدها منهجا، استطاع ان يبزهم جميعا يوم وجه نداءه الشهير: يا شعبنا العظيم ويا شعوب العالم اجمع، لقنوا انفسكم انكم تستطيعون، ستستطيعون بالفعل، وبمنهج واضح ومنير ومستنير استطاع ان يعرض افكاره ملخصا كل ما اراد قوله او فعله على مدى حياته قدم معادلته البديلة: الدين يساوي الحياة.
وهكذا كانت المبارزة في ميادين الغيب كما في ساحات الشهادة، اي في ميادين ادعاءات خصومه من حيث روجوا لخروج الدين من دورة الحياة، كما في تلك الميادين التي ظنوا انهم الوحيدون الفاعلون فيها اي امتلاك الصدارة في شؤون العلم والعقل، استطاع قائد الثورة وحكيمها وحاكم دولتها الفتية ومن بعده تلامذته الملتزمون بخطه ونهجه، ان يبزوا ذلك الغربي المتعجرف والاستعلائي والاناني عندما اطلق نظرية العيون الاربع.
وذلك يوم دعا شعبه وعمل معهم على رسم معالم اول دولة دينية حديثة ومعاصرة تقوم على مبدأ الجمع والمزج المدروس والمتقن والمحكم بين العقيدة والعزيمة والعلم والعقل، وهكذا كان وبهت الذي كفر.
انظروا الان إلى إيران وقارنوا انتم بانفسكم ماذا كانوا يريدون لها وماذا خططوا ضدها وماذا فكروا لها وماذا روجوا عنها وما آلت الان فعلا؟
لم يتركوا وسيلة للتآمر عليها ولا محاولة لااسقاط ثورتها ودولتها الا وقد فعلوا والشواهد والادلة والقرائن بالمئات.
حاولوا حصارها كما فعلوا بجد ذلك الرجل الثمانيني العجوز عنيت به محمد بن عبد الله واستمروا من بعده مع وريثه الحق الامام السيد علي خامنئي حتى قيل عن طهران على لسان معانديها وبعض المرجفين في المدينة من ابناء جلدتها بانها باتت في «عصر شعب ابي طالب»!
ولكن ماذا حصل بفعل العيون الاربعة، وماذا حصل بفعل منهج، لقنوا انفسكم بانكم تستطيعون، وستستطيعون؟
ليس فقط لم يتمكنوا منها ولم يستطيعوا حشرها في شعب ابي طالب، بل انها اصبحت اليوم في عصر بدر وخيبر.
نعم انها تصعد إلى الفضاء متعملقة باقمارها وصواريخها، وتجوب البحار على مدى الافق من هرمز إلى خليج عدن وباب المندب إلى مضيق جبل طارق و إلى مابعد بعد جبل طارق، والقادم ابعد وابعد …
وفي العلوم تتصدر الدول العشر الاولى في العالم في اكثر من صعيد ومستوى وحقل، والمقبل من الايام يشي بمفاجآت كبيرة .
وفي ميادين السياسة والموقع غدت عضوا اساسيا في نادي الدول النووية في العالم ناهيك عن كونها الدولة الاقليمية العظمى الاهم فيه.
وفوق هذا وقبله وبعده ترى سيد هذا العالم المستعلي والمتجبر والمستكبر يجد نفسه مضطرا ومجبرا ومكرها للاذعان بضرورة مفاوضتها باي ملف من ملفات المنطقة، معترفا لها بذلك بانها افلتت من حصاره، وموقنا اكثر فاكثر ومع كل يوم يمر بانه لا فكاك من التعايش معها ولو على مضض.
انها عزة الصابرين الاستراتيجيين والمتقنين لديبلوماسية حياكة السجاد، بفضل جمعهم لعالم الغيب والشهادة في منظومة ينبغي ان تسجل لذلك الرجل الثمانيني العجوز : منظومة العيون الاربع.
الرجل الذي هزم فوكوياما «نهاية التاريخ» ومن قبله هنتينغتون «صراع الحضارات، والذي يؤسس تلامذته الاوفياء اليوم وفي مقدمهم السيد القائد الامام السيد علي خامنئي، لنظام عالم جديد، وقواعد تعامل واشتباك سياسي امني عسكري وفكري وثقافي مع الخصوم، يستطيع معها القول: بان العالم الذي جمع له يوما ليهزمه ليس فقط يفشل اليوم في كل حشده المتوالي على مدى اكثر من ثلاثة عقود….