مزارعو الأغوار الفلسطينية يغزون بمحاصيلهم الأسواق العالمية
فلسطين ـ الرأي ـ
لم يُثنِ قيد الاحتلال الإسرائيلي وأساليبه العدوانية مزارعي بلدة طمون بمحافظة طوباس شمالي الضفة المحتلة، عن فلاحة أراضيهم التي تحيط بها البؤر الاستيطانية من كل جانب.
وأفاد بأن مزارع الأعشاب الطبية في البلدة – التي تمتد حتى نهر الأردن شرقًا وتشتهر بالزراعة – هزمت الاحتلال ومستوطناته، حين وفرت فرص عمل بديلة لعديد الأسر، وبدأت بتصدير منتجاتها إلى الأسواق العالمية.
وتعمل في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، التي تسمى بـ”سلة غذاء فلسطين” 7 شركات في زراعة وتمويل إنتاج الأعشاب الطبية وتصديرها للخارج، فيما يتخطى حجم الأراضي المزروعة بهذه الأصناف حاجز 1000 دونم.
الشاب إبراهيم بشارات وهو طالب يدرس المحاسبة في جامعة القدس المفتوحة، من بين المئات الذين يعملون في إحدى هذه الشركات، موفقًا بذلك بين دراسته والعمل، يقول: “اعمل بجد رغم كوني طالبًا جامعيًا، وحين تشتد عليّ الامتحانات أخرج في إجازة”.
ووفق بشارات، فإنه الشبان في جيله، كانوا لا يجدون عملًا، أو يضطرون للحصول عليه في المستوطنات المقامة فوق أرضهم، أو ينظمون إلى سوق البطالة.
ويضيف: “خططي بعد التخرج أن أبحث عن عمل، لكنني أنظر إلى سوق التشغيل، وأجد من سبقني كأحمد بشارات (24 عامًا)، الذي يحمل درجة الدبلوم في التمريض، يعملون هنا”.
صاحب الشركة التي يعمل بها إبراهيم وأحمد خليل بشارات، يقول: “أسسنا شركة لإنتاج الأعشاب الطبية عام 2008، وأطلقنا عليها اسم بلدتنا، وجاءت الفكرة حين قررنا أن نتخلى عن العمل في المستوطنات، والعودة إلى أرضنا”.
واستنادًا لبشارات، فإن “الزراعات التقليدية كالبندورة والخيار في المنطقة لها العديد من المشاكل، وأبرزها تدني الأسعار، وعدم وجود أسواق للتصدير الخارجي”.
وبدأ خليل مع أشقائه وصهرهم في زراعة أكثر من 20 نوعًا من الأعشاب كالكزبرة، والنعناع، والزعتر الليموني، وإكليل الجبل، والجرجير، والميرمية، وبصل الثوم بعد أن توقفوا عن العمل في مستوطنة “روعية” المقامة فوق أراضي الأغوار، وصاروا اليوم يوظفون 25 عاملًا ينتشرون في 70 دونمًا من الدفيئات البلاستيكية.
ونوه خليل إلى أن “كل ما ننتجه يشق طريقه إلى ألمانيا، روسيا، الإمارات، الولايات المتحدة، بعد أن تنجح فحوصات المحصول، وتؤكد خلوها من الكيماويات السامة”.
ونظرًا لتحكم الاحتلال بمنافذنا الحدودية – يتابع – نضطر للبحث عن وسيط، وبتنا اليوم نعتمد على أنفسنا، وتواصلنا مع مصدرين أجانب، ويستطرد قائلًا: “نتبع نظام الدورة الزراعية، ولدينا الكثير من المحاصيل، صحيح أن الأمر متعب، وفيه العديد من المشاكل، لكن ذلك أفضل من أن نستمر في العمل بالمستوطنات، أو نلقي بمحاصيلنا التقليدية في الشارع”.
وينتج العامل الواحد يوميًا بين 15- 20 كيلو غرامًا من بصل الثوم رفيع الأوراق، وتتضاعف الكمية في أصناف أخرى، أكثر سهولة.
وترسم الشحنات دربها انطلاقًا من الأغوار، نحو الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، لتصل وجهتها بعد 3 أيام إلى بلاد بعيدة، فيما يسبق العاملون في المزرعة الشمس لقطاف الأعشاب بعناية من الدفيئات، ثم يعودون أدراجهم إلى مركز التعبئة.
ويقول عبد صالح يوسف (43 عامًا): “اعمل 8 ساعات كل يوم، وسبق أن اشتغلت 10 سنوات في المستوطنات، مقابل 60 شيقلاً يوميًا، أما اليوم، فأنا أكثر سعادة؛ لأنني أعمل في بلدي، وليس في مكان سرقة أرضنا”.
وأضاف: “أجمل شيء أن أعلم أبنائي الخمسة الاعتماد على الذات، وأنا لا أترك بلدي للعمل في أي مكان بالدنيا. وأصعب ما يواجهني هو البصل الصغير، الذي يحتاج لصبر وتعب، حتى يجهز، لكن الجيد أننا نتناوب في المزرعة”.
ويتقن العاملون في مركز التعبئة شروط الأعشاب سريعًا، فهي تحتاج إلى توحيد في أطوالها، وتنظيف من الأعشاب، وإزالة الزوائد. فأطوال النعناع مثلًا 20 سم، أما البصل فبين 18-25 سم.
ويشكو أصحاب الشركات من التكاليف الباهظة التي تطوق أعناقهم، وارتفاع أثمان المياه، وتكرار موجات الصقيع والرياح، التي تهدد بيوتهم البلاستيكية. كما أن بعض النباتات تحتاج إلى إضاءة ليلًا مثل التراجون، وبعضها لا يقاوم البرد، ناهيك عن ارتفاع أثمان الأشتال والأسمدة والكيماويات وأجور العمال والنقل. انتهى