رسائل الأسد إلى الغرب لا تنتهي.. والرد المعادي عبر النفط
سوريا ـ سياسة ـ الرأي ـ
لا تنتهي الرسائل التي وجهها الرئيس السوري بشار الأسد من خلال حواره مع قناة BBC البريطانية، والتي سيلتقطها المحور الغربي لمحاولة استقراء خط السياسية السورية في المرحلة القادمة، ولن يسقط هذا المحور من حساباته النتائج العسكرية الهامة للجيش السوري في محاور عديدة تبدأ من ريف دير الزور الشرقي ولا تنتهي بالمطلق في الجنوب أو محيط حلب، وتزامن هذه العمليات مع استمرارية الجهود الروسية لتطوير منتدى موسكو التشاوري من خلال توسيع طيف المعارضات المشاركة وهو ما يعقد المسائل أكثر.
ففي زاوية أخرى لا تنفصل المسائل الإقتصادية عن خطوط السياسة، فالتوجهات تشير إلى أن المحور الغربي مصر على التصعيد مع روسيا في عدة ملفات من أهمها مصادر الطاقة، فرؤوس الأموال التي تتحكم الحكومات الغربية بقرارها تعمل على خفض أسعار النفط للعودة به إلى المستويات الصاعقة التي وصلها خلال الشهر الماضي، وأهم الدول المتضررة من خفض أسعار النفط وفق وجهة النظر الأميركية هما إيران و روسيا، الداعمتين بشكل أساسي للحكومة السورية مما ساعد بشكل كبير على بقاء سوريا على ثباتها العسكري و تماسكها الاقتصادي.
ولعل الثقة الكبيرة التي يطل من خلالها الأسد خلال حواره مع القناة البريطانية تأتي من إداركه صعوبة الرقم السوري في المعادلة الغربية للمنطقة، مستفيداً في ذلك من جملة العلاقات التي استطاع الأسد أن يرسخها أكثر مع كل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا والصين، وإن كان الأسد يصر على ان المنجز العسكري الذي تحققه القوات السورية لم تنتهك قوانين الحرب، فإن أميركا تحاول أن تفجر أسعار برميل النفط لتصل به إلى الهاوية الملائمة لخلق المناخات اللازمة لنشر الفوضى أكثر في سوريا بدفع الدول الداعمة لخفض المساعدات المقدمة لسوريا، وإن كانت ثقة الاسد مستقاة من رسوخ المواقف للمحور المعادي للغرب والداعم لسوريا، فإن أميركا تجيد تحريك أدواتها إلى الآن على مختلف الصعد ليكون سعر برميل النفط سلاحاً استراتيجياً بيد واشنطن عبر السعودية خصوصاً ودول الخليج الفارسي عموماً.
كما إن جملة المواقف الداعمة من قبل الحكومات الداعمة تدفع الرئيس السوري للتأكيد على إن الخيار الوطني في سوريا خياراً ثابتاً وفق عقيدة المقاومة السورية للمد الأميركي، فأن تتحول سوريا إلى دولة مطية للغرب أمر مرفوض في دمشق حتى وإن دفعت إلى الحرب لمدة طويلة في محاولة لاستنزاف قرارها السيادي قبل قدراتها اللوجستية، وتدرك “إسرائيل” جيداً أن تحرك القوات السورية في الجنوب يأتي رداً على ممارستها في تلك المنطقة وتدميراً لأدواتها بالدرجة الأولى، فسوريا وحلفاؤها يدركون تماماً ومنذ اللحظة الأولى للأزمة السورية أن وجود التيارات التكفيرية في الأراضي السورية لم يأتوا من كل أقطاب العالم لدفع عملية التغيير الديمقراطي، خاصة وإن الديمقراطية محرمة في عقيدة التكفيريين وفي عقيدة واحدة من أهم الدول الداعمة والمصدرة للإرهاب إلى سوريا، وهي السعودية التي تحرم الانتخابات ولا تقيم أي وزن لحقوق الإنسان، في مقابل دعمها للميليشيات المسلحة في سوريا بذريعة تحقيق هذه الأمور للشعب السوري. والسؤال الذي يحضر هنا يبحث عن الخطوة التصعيدية التي يمكن أن تقوم بها حكومة الكيان المحتل لوقف تقدم الجيش السوري في المناطق الجنوبية، ومن المفيد أيضاً أن يبحث السؤال عينه عن الطريقة التي ستتعامل فيها سوريا مع الحدث الجنوبي بناءاً على الثوابت التي أكدها الرئيس السوري مرة أخرى في تصريحاته اليوم، والجواب يأتي من الطريقة التي يتعامل بها السوريون مع التحالف الأميركي الذي ينقسم بين دعم الإرهاب و ادعاء محاربته، وهذه الخطوات تفهمها دمشق وترفض التعامل مع هكذا محور يعيش قادته حالة انفصام الشخصية بمزاج عالٍ، ويبقى للرئيس السوري أن يدير العمليات العسكرية والسياسية في سوريا، ويراقب خطط أعدائه تنهار تباعاً بفعل التخبط في القرار نتيجة للمنجز السوري على كافة الأصعدة.انتهى