ثورة البحرين : سلمية سلمية حتى ينقطع نفس النظام
المنامة ـ سياسة ـ الرأي ـ
في يوم 14 شباط / فبراير من كل عام، تُشل البحرين باكملها بمناسبة ذكرى الثورة التي اندلعت عام 2011 ، اثر دعوة المعارضة للاضراب والعصيان والتظاهرات ، الامر الذي يعكس حجم الرفض الشعبي للنظام الاستبدادي ، الذي فقد ارادة الحوار للوصول الى حلول وسط مع شعبه ، فلم يجد امامه سوى خيار القمع ، وسيلة للتعامل مع المطالب السلمية للشعب.
التجربة التي عاشها الشعب البحريني مع النظام ، لاسيما بعد اندلاع ثورته قبل اربع سنوات ، تؤكد ان السلمية هي امضى سلاح يمكن ان يرفعه الشعب ضد طغيان النظام ، وهذه السلمية والحضارية التي ميزتا الثورة البحرينية المطالبة بالحقوق المشروعة والطبيعية للشعب البحريني ، هي التي اصابت النظام بالجنون والهستريا ، ودفعته الى بيع البلاد للغزاة السعوديين والاماراتيين والبريطانيين ، تحت يافطات كاذبة مهلهلة كقوات درع الجزيرة ، واقامة قاعدة بريطانية دائمة في البحرين على نفقة النظام!!
الاحصاءات التي توثق حالات انتهاكات حقوق الانسان في البحرين تشير الى وجود نحو 160 شهيدا ، و ما يقارب 10000 معتقل بينهم 300 امراة و اكثر من 160 طفلا بين محكوم و محتجز ، واكثر من 100 مواطن مسقطة جنسياتهم و 5000 مفصول عن العمل و 39 مسجدا مهدما ، و 1500 مصاب، فضلا عن استهداف جمعيات المجتمع المدني والجمعيات السياسية وغلق بعضها وملاحقة بعض منها قضائياً، إلى جانب اكتظاظ السجون بالسجناء والمعتقلين.
آخر عوارض هستيريا النظام كانت اعتقال الامين العام لحركة الوفاق الاسلامية المعارضة الشيخ علي سلمان ، المعروف بمواقفه الوطنية السلمية والمتزنة والبعيدة كل البعد عن الطائفية ، تحت ذريعة التحريض على “الكراهية والعنف” ، وهي تهمة اضحكت الجميع على النظام ، الذي اخذ يتخبط وبشكل يثير السخرية ، امام الارادة الشعبية المتمسكة بالسلمية كخيار استراتيجي لتغيير الوضع السياسي في البلاد.
كان واضحا للجميع ان سبب اعتقال الشيخ سلمان هو افشال الشيخ مسرحية الانتخابات التي اجراها النظام ، الذي كان يحاول ان يغطي عورته بشيء من الشرعية التي افتقدها منذ زمن بعيد ، فجاءت النتائج عكس ما كان يشتهي ، اذ افقدته حتى بقايا الهالة التي كان يحيط نفسه بها اعلاميا على الاقل ، بعد ان رفضت المعارضة المشاركة في الانتخابات التي لم يتجاوز المشاركين فيها الثلاثين بالمائة ، رغم استخدامه كل وسائل الترغيب والترهيب.
السبب الاخر الذي يقف وراء اعتقال الشيخ سلمان ، كان الاستفتاء الشعبي الذي دعت اليه المعارضة بالتزامن مع الانتخابات ، حيث شارك الشعب البحريني في 21 تشرين الثاني / نوفمبر 2014 ونظمته الهيئة الوطنية المستقلة في البحرين برئاسة السيدة بلقيس رمضان، شارك فيه أكثر من 178 ألف مواطن، وصوّت الغالبية من المواطنين البحرينيين وبنسبة 99 % بنعم لتقرير المصير باختيار نظام سياسي جديد تحت إشرف الأمم المتحدة.
من اهم ما يميز الثورة البحرينية ، هي مظلوميتها ، فهي مظلومة عربيا ودوليا ، عربيا لنجاح الانظمة العربية الخليجية النفطية والغازية وبفضل ما تملك من امكانات مالية واعلامية ضخمة ، من اظهار الثورة البحرينية على انها ثورة “شيعية” ضد النظام “السني” الخليفي ، وساعدهم شيوخ فتنة تم تضخيمهم من امثال القرضاوي وغيره ، وهذه الكذبة الكبيرة ، وللاسف الشديد انطلت على قطاعات واسعة من الشعوب العربية التي تعيش هذه الايام ظروفا استثنائية ، خلقتها الرجعية العربية والغرب ومن ورائهما الصهيونية العالمية.
المظلومية الثانية هي مظلومية دولية ، حيث نجح النظام البحريني ومن ورائه السعودية وقطر والامارات غيرها من تقديم تنازلات الى درجة الخنوع والخضوع ، كالمشاركة وبشكل بارز في اثارة الفتن الطائفية في المجتمعات العربية والاسلامية ، واشعال الحرب في سوريا والعراق وليبيا ومصر خدمة مجانية للكيان الصهيوني ، واقامة قواعد عسكرية لامريكا والغرب في الخليج الفارسي و اقامة علاقات مع الكيان الصهيوني واغراق الاسواق النفطية بالنفط العربي الرخيص ، وعقد صفقات اسلحة بارقام فلكية لانقاذ الاقتصاد الامريكي والغربي ، كل هذه الاجراءات كانت بهدف منع الغرب من التطرق الى ما يحدث في البحرين والسعودية و والتعتيم والتغطية عليها.
لقد ولى الزمن الذي كانت فيه الانظمة الفاسدة المستبدة تقمع وتنكل بالشعوب دون ان تكون لجرائمها صدى في العالم ، وهو عالم اصبحت فيه الشعوب هي صاحبة الكلمة العليا ، في مقابل انظمة رجعية قبلية متفسخة ، كما هو حال الشعب البحريني الذي اختار طريق السلمية والاحتجاج الحضاري طريقا لتحقيق مطالبه الحقة. انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق