التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

محاربة الإرهاب لا يكون إلا بإزالة الكيان الإسرائيلي 

عندما قامت المقاومة الفلسطينية بين ٢٥ فبراير و ٩ مارس ١٩٩٦، بسلسلة عملياتٍ إستشهادية في فلسطين المحتلة، إستهدفت فيها الكيان الصهيوني في كل من القدس وعسقلان وأدت  الى مقتل ٦٠ مستوطناً، وأقضت مضاجع الحكومة الإسرائيلية، أسرع حينها قادة العالم، وبرعاية أمريكا، لعقد مؤتمر لإفشال الحملة الفعالة ضد “الإرهاب” كما وصفوه حينها.

عُقد المؤتمر في شرم الشيخ، وتقدم الكيان الإسرائيلي الحضور، الى جانب ١٣ دولةً عربية و١٢ دولة أجنبية، فيما لم يحضر حينها لبنان وسوريا. قادة العالم كما يصفون أنفسهم، نسيوا الجرائم الإسرائيلية. في الحقيقة أنهم لم ينسوا، ولكن أن تُقتل أممٌ وشعوب ليحيا الكيان الصهيوني فليست مشكلة، أم أن يُستهدف الصهاينة في أرضٍ احتلوها، وشعبها يقاومهم بالحجارة، فهذا “إرهاب “. إنها أمريكا راعية الإرهاب، ومعها أدواتها في المنطقة، من دول عربية في مقدمتهم دول الخليج الفارسي. بناءاً لما تقدم، ما هو الإرهاب؟ وكيف أن الكيان الإسرائيلي هو على رأس الإرهاب في الشرق الأوسط؟

 أولاً: ما هو الإرهاب وكيف ينطبق على الكيان الإسرائيلي؟

 يُعرف الإرهاب بأنه، استخدام لوسائل تهدف إلى خلق جو من الرعب في جماعة اجتماعية، أو في سكان في مكان ما، من أجل تغيير سلوك هذه الجماعة. هذا تعريف الإرهاب بشكل عام. ولكن ما هو إرهاب الدولة؟

 صنف الدكتور مايكل نيكلسون (M.Nichelson) إرهاب الدولة في حالات أربع كما وهي  محاولة الدولة السيطرة على المواطنين عن طريق الإرهاب، أو إستخدام الإرهاب في إطار السياسات الإستعمارية، أو إستخدام الإرهاب في الحروب أو إستخدام الإرهاب كبديل للحرب. أليست كل هذه التصنيفات منطبقة على الكيان الاسرائيلي؟!!

 لقد مارس الكيان الصهيوني هذه الصور الأربع كلها للإرهاب وبالتحديد ضد العرب والفلسطينيين. وقد قام الدكتور مأمون فندي أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون في واشنطن، بتحليل هذه العناصر وتطبيقها على الكيان الاسرائيلي، فقال: “تلك – الحالات الأربع – حالات يمكن أن نراقب من خلالها السلوك الإسرائيلي وسياساته في طريقة تعامله مع الفلسطينيين تحت الاحتلال، فكل الممارسات الإسرائيلية تقع تحت طائلة التصنيف الثاني، وهو استخدام الإرهاب كوسيلة للسيطرة على المواطنين الأصليين في المستعمرات، ويمكن إثبات ذلك من خلال قراءة محايدة لعدد المسجونين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وطريقة معاملتهم التي تتمثل في التعذيب الذي تؤكده كل يوم تقارير منظمات حقوق الإنسان العالمية كذلك تشير إلى ممارسات الكيان الاسرائيلي المتمثلة في العقاب الجماعي للفلسطينيين عن طريق إغلاق المناطق السكانية وفرض حظر التجول وغيره.

 ومن الوسائل الأخرى المستخدمة كما رأينا أخيرًا هدم المنازل الخاصة بأي فلسطيني، حتى ولو كان الذنب هو أن صاحب البيت قد تحدث مع فلسطيني آخر له صلة بالحركة الإسلامية في فلسطين. وأخيرًا لا آخرًا في السياسة الإسرائيلية المتمثلة في الاغتيالات السياسية، مثل اغتيال «فتحي الشقاقي» و«يحيى عياش». والرسالة الموجهة من الكيان الاسرائيلي هنا لكل الفلسطينيين هي أن يد هذا الكيان  ستطولهم سواء كانوا خارج الحدود أو داخلها. وتلك الرسالة الهدف منها بث الرعب في قلوب كل الفلسطينيين و قلب أي إنسان له مواقف غير مؤيدة لكل سياسات الكيان الاسرائيلي”.

 إذاً لا تحتاج المسألة لكثيرٍ من الدلائل لإثباتها، فالكيان هذا ولفظاعة جرائمه، لا يزال التاريخ وسيبقى، يحدثنا عن جرائمه. ويمكن مراجعة التاريخ لنجد  ممارساته واستخدامه للإرهاب في حالات الحرب في حروب ١٩٤٨، و١٩٦٧، و١٩٧٣، و ١٩٨٢، و١٩٩٦، و٢٠٠٦، و٢٠١٤. وبالتالي فالتاريخ حافلٌ بالجارئم الإسرائيلية. ولكن أين هم الحكام العرب وبالتحديد دول الخليج الفارسي؟ وهل يعرفون أنهم شركاء هذا الكيان في جرائمه، بدورهم في غض النظر؟

ثانياً: الإرهاب المتمثل بداعش، امتدادٌ لإرهاب الكيان الإسرائيلي:

الكيان الاسرائيلي والذي بنى كيانه و وجوده  على الإرهاب، هو اليوم حاضن لداعش الارهابي ولو تمثل بتنظيمٍ إرهابي يدعي الإسلام. فتنظيم داعش الإرهابي، لم يصرح يوماً بأن  الكيان الا سرائيلي هدف له، بل ليس بخفيٍ  ما يقوم به الكيان لحمايته، وتأمين الدعم له بالسلاح والمؤن، ونقل جرحاه الى المستشفيات داخل فلسطين المحتلة. فهذا التنظيم بأهدافه الإرهابية يمثل امتداداً للنهج الإسرائيلي، لذلك يجب حمايته ودعمه. فمنذ أيام بثت القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلي تقريراً تليفزيونياً عن تنظيم “داعش الإرهابي” والذي أجراه الصحفي الإسرائيلي “ايتاى آنجل”، حيث تمكن من الوصول إلى أقرب النقاط للتنظيم الإرهابى في سوريا والعراق.

وأوضح التقرير أنه بخلاف الكثير ممن سماهم التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط، أن الكيان هذا ليس موجودا على رأس قائمة اهتمامات داعش الارهابي. وقال ايتاى آنجل،الكيان الاسرائيلي ليس على رأس قائمة اهتماماتهم، وعندما يتم سؤالهم عن العدو الأكبر لهم يقولون: الأكراد، اليزيديين، الشيعة، المسيحيين.. حتى السُنّة الذين يعتبرونهم غير أطهار يقتلونهم دون تمييز”.

فالكيان الاسرائيلي الذي يعي جيداً أن ما يُسمى بالتحالف الدولي والإقليمي لمحاربة “تنظيم داعش الإرهابي” يحمل في طياته فرصة ذهبية لأطرافه من أجل تحقيق مآرب إستراتيجية تتجاوز هدفه المعلن المتمثل في القضاء على هذا التنظيم وأعوانه من التنظيمات الإرهابية المنتشرة في ربوع العراق وسوريا، لم تفكر القيادة الإسرائيلية في المشاركة. فالخبراء والمسؤولون الإسرائيليون، متفقون على عدم وجود تهديد جاد ومباشر لهذا التنظيم بالنسبة لبلادهم، وهذا ما أكده كل من وزير الدفاع الإسرائيلى “موشيه يعالون” ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق الذي يترأس معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب “عاموس يادلين” أن تنظيم “داعش الإرهابي” لا يشكل خطراً على إسرائيل. وقد نقلت صحيفة “هآرتس” الصهيونية في ٣١ أكتوبر الماضي تصريحات أحد كبار ضباط القيادة الشمالية الإسرائيلية، والذي أكد أن الولايات المتحدة أرتكبت خطأً كبيراً حين قررت القتال ضد تنظيم داعش الإرهابي، فهم الآن على نفس الجانب مع حزب الله وإيران والرئيس السوري بشار الأسد، على حدٍ قوله. كما أن التصريحات السورية تؤكد على دعم وتنسيق إسرائيل بشكل وثيق مع الإرهابيين في سوريا، فإسرائيل تدعي أنها تقدم الدعم الإنساني للمعارضة السورية المعتدلة، ولكنها خصصت جزء كبير من ميزانيتها التي أقرت في ١٩ ديسمبر الماضي لتدريب هذه المعارضة.

 إذاً هو الإرهاب المتمثل  بالكيان الاسرائيلي، ففي الوقت الذي يسعى العالم اليوم لقتال الإرهاب، وإن جَمع البعض مصالح مشتركة، أو مخاطر تهددهم، فإن خطر الإرهاب سيبقى قائماً، بوجود الكيان الإسرائيلي. وإن الإرهاب الحقيقي الذي يجب إزالته من الوجود هو الكيان الاسرائيلي. فمن يؤمن حقاً بمحاربة الإرهاب يعرف أين يجب أن يكون. فهل هناك من يجرؤ على الدخول في هذا المواجهة الحقيقية مع الإرهاب الحقيقي المتمثل  بالكيان الاسرائيلي، والتي يقودها محور المقاومة اليوم وفي مقدمته إيران؟ .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق