هل تحرق السعودية نفسها في اليمن؟
اسراء فارس-
تخطئ الشقيقة الكبرى ومن معها حينما تستعدي بلدا مجاورا مثل اليمن وشعبا كبيراً مثل الشعب اليمني وتخطئ أكثر وأكثر عندما تضع نفسها وإمكاناتها في خدمة القاعدة والتكفيريين.. وهكذا أخطاء هي من النوع القاتل.. انها بالفعل تلعب بالنار وهذا بكل تأكيد لن يكون في صالحها.. خاصة وان شعبنا ليس مستعدا لان يحترق او يموت بمفرده”.
ما كتبه مسؤول العلاقات السياسية لحركة أنصارالله حسين العزي، أتى مكملاً لجملة المواقف الصريحة التي تضمنها خطاب قائد الحركة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والتي كان لافتاً فيها النبرة العالية في انتقاد التدخل السعودي، ودور “المملكة الشقيقة” في تأزيم الأحداث في اليمن… الحديث عن دور خطير تلعبه “الشقيقة” لم يأتِ من أنصار الله حصراً، إذ وصف عضو اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني محمد المقالح الرياض بأنها “مركز المؤامرة على اليمن”.
باشرت السفارة السعودية لدى اليمن أعمالها رسمياً من عدن، الخبر الذي عنونته صحيفة “الشرق الأوسط” كعنوان أول على الصفحة الرئيسية، أرفقته بصورة على خبر سابق، نقلته عن “مصدر خليجي” بأن السفيرين السعودي والقطري، لدى اليمن زاولا أعمالهما من مدينة عدن، حيث يقيم الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد فراره متنكراً من صنعاء.
خبر الصحيفة السعودية مرفقاً مع مجمل تحليلات لكتابها، يأتي ليؤكد أن المملكة ذهبت بقرار التصعيد في اليمن، من خلال تعويم النموذج الليبي في البلد الذي يجاورها جنوباً، بعدما عرقلت الحلول السياسية وأفشلت الحوار فيه. وهو ما أقر به عبد الرحمن الراشد، في مقاله قبل أيام في الصحيفة السعودية نفسها، فكتب عن فرار الرئيس هادي “انتقال الرئيس إلى مدينة عدن، سيعني يمناً تتنازعه حكومتان وبعاصمتين. فالرئيس هادي اعترفت به كل القوى السياسية اليمنية، بما فيها الحوثية، وتعترف به إلى اليوم الأمم المتحدة… ففي عدن ستوجد حكومة تعترف بها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، حتى إن الدول الكبرى استعدت لهذه الخطوة…ونتوقع أن يعلن في صنعاء عن شبه حكومة، تمثل ميليشيا الحوثيين وحلفاءها الانقلابيين، ولن تجد من يعترف بها داخليا وخارجياً”.
المؤشرات الاولية تًوحي بأن المملكة السعودية ترمي بكل أوراقها في اليمن، والهدف إعادة اليمنيين إلى “بيت الطاعة”، وتقول بما تنتهج من سياسات “إما أن يكون الأمر وفق ما تريد أو أن الأمور ستكون مفتوحة على خيارات افضلها مُر للرياض كالتقسيم أو الحرب الأهلية، وهي خيارات حذرت منها إيران على لسان مساعد وزير خارجيتها حسين امير عبد اللهيان.
“السعودية اليوم وبالمكشوف تستدعي العملاء والمرتزقة للتشاور وتعطل الحوار والتوافق بين اليمنيين لابقاء الفراغ الدستوري قائماً وغطاء للتخريب والترهيب وصولاً الى انهيار الدولة وتمزيق الوطن”، يقول محمد المقالح.
بالإضافة إلى النموذج الليبي، ذهبت السعودية إلى دعم الجماعات التكفيرية في اليمن، والغريب هنا أن من زعم محاربة داعش والتكفيريين في المنطقة، أخذ يدعّم نفوذهم في حديقته الخلفية، اليمن.
في مقابلة مع مجلة “شؤون خليجية” يقول المغرّد في الشؤون السعودية “مجتهد” أن ملف اليمن بات بيد ولي ولي العهد السعودي، وزير الداخلية محمد بن نايف. وأضاف أن خيار السعودية بدعم القبائل ضد أنصار الله، يعني “دعم تنظيم القاعدة”… وهو خيار من شأنه أن يقود السعودية إلى أحراق نفسها.
فيعتبر القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني محمد المقالح أن “السعودية تعيش لحظة جنون في سياساتها تجاه العرب عموماً وتجاه اليمنيين خصوصاً وهو نهج أخرق سيودي بها في نهاية الامر وعلى سياق هذا الجنون البقري الى الهاوية والتمزق والانهيار”… ويضيف: ” السعودية هي التي تصدر الارهاب والارهابيين الى اليمن وتزودهم بالمال والسلاح لقتال اليمنيين وتدمير وطنهم الامر الذي يجعل من خطاب المهادة والمداراه تجاه السياسة السعودية والتدخل السعودي الصارخ في شؤوننا الداخلية امر غير مقبول وبعضه يرقى الى درجة الخذلان والخيانة .”
وفي الإطار نفسه، يلفت الإعلامي اليمني علي الدرواني، في حديثه مع موقع قناة المنار، إلى أن “أمن اليمن من أمن الخليج، هذا ما يُقر به الخليجيون أنفسهم. إذاً، العلاقة طردية ان اختلت بمكان تأثر المكان الآخر”. فالمسألة بحسب الدرواني أن امكانية السعودية في التأثير على اليمن، “وإن كانت نقطة قوة بيد السعودية إلا أنها تعد نقطة ضعف أيضاً، لأن أي اهتزاز في الأمن باليمن سيمتد إلى السعودية”.
يقول علي الدرواني إن وسائل الاعلام السعودية ” تنضح بما يؤكد على دعم الرياض لعناصر القاعدة في مأرب وشبوة، وقد دعموهم قبل ذلك في حاشد وعمران وكل مكان كانت كلها عناصر تكفيرية، حتى شكلت اليمن أكبر قاعدة للعناصر التكفيرية في منطقة الشرق الاوسط”… يؤكد الإعلامي اليمني أن “الخطر ليس فقط على اليمن بل على السعودية” نفسها، مذكراً بهجمات للقاعدة نفذتها ضد حرس الحدود السعودية، وقال “ربما تتوهم انها ستكون بمنأى عن الخطر، الا أن تنظيم القاعدة يتربص بالسعودية أكثر من تربصه باليمن”.
حتماً، إن أي سيناريو يُشعل اليمن لن تكون السعودية بمنأى عنه، إلا أنه وبعيداً عن الدور السعودي، كيف ينظر اليمنيون إلى ما يجري من تطورات متسارعة؟
يعتبر الدرواني أن نقل سفارتي السعودية وقطر إلى عدن هو “محاولة لتصوير الوضع في عدن على أنه وضع مثالي وأنه افضل من صنعاء لكن الحقيقة هي العكس”.
إلا أن الإعلامي اليمني علي الدرواني يرى أن مشهد اليمن بات بملعب القوى السياسية اليمنية ككل، لتتخذ قراراً مصيرياً بحماية وحدة اليمن، وإلا سيكون الباب مفتوحاً أمام اللجان الثورية وأنصار الله لاستخدام أوراق لازالت على الطاولة، وهي من بين ما أُقر ضمن بنود الاعلان الدستوري: مجلس رئاسي + هيئة وطنية تشريعية + حكومة وحدة وطنية، من شأنها ترسم مشهد صنعاء مستقبلاً.
دعوة اليمنيين إلى التوحد يطلقها أيضاً القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني محمد المقالح فيقول “عبر تاريخنا المعاصر ومنذ انشاء مملكة ال سعود التوسعية كانت الهوية اليمنية الجامعة تبرز اكثر ما تبرز في مواجهة السعودية وتدخلاتها الصارخة في شؤون اليمنيين . والخلاصة فان الوطنية اليمنية وخطابها الجامع هو من سيجعل تراكمات الغضب اليمني اليوم ينفجر في وجهة العدوان السعودي الصارخ نارا وانتصارا”.على حد قول المقالح..