التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

“داعش” والحياة .. إرادتان متناقضتان 

سامح مظهر

يتفق اغلب المحللين السياسيين على ان جميع ممارسات وسلوك “داعش” تاتي على النقيض تماما مع اهداف وتطلعات الشعوب العربية والاسلامية في الحرية والتقدم والاستقلال والحياة الكريمة، وتصب من الفها الى يائها في صالح الصهيونية العالمية، الى الحد الذي بات واضحا وبما لا يقبل الشك ان هذه المجموعة تعمل وبشكل محموم على تنفيذ اجندة صهيونية في غاية الخطورة، تهدد البلدان والمجتمعات العربية والاسلامية كوجود.

 

ما فعلته “داعش” خلال السنوات الماضية ، بالبلدان والشعوب العربية ، عجزت عنها الصهيونية ومن ورائها الغرب وامريكا ان تفعله خلال عقود طويلة ،،  وآخر ما استهدفته “داعش” ، هو التراث العراقي والانساني ، والذي كان هدفا استراتيجيا وبعيد المنال للحركة الصهيونية منذ بدايتها وحتى اليوم.

ففي الوقت الذي تؤكد الحركة الصهيونية على تراث وهمي لها في فلسطين ، وتعمل ليل نهار في البحث عن الهيكل المزعوم تحت الاقصى الشريف ، لاثبات نظيرتها حول وجود جذور صهيونية في ارض فلسطين ، يمكن ان يبرر احتلالها وجرائمها ، نرى الصهيونية وعبر معول “داعش” تدمر وتمحي التراث الانساني في العراق والذي يعود الى اكثر من اربعة الاف سنة ، وكذلك فعلت في سوريا ، بهدف الانتقام من هذا التراث الذي يؤكد كذب ادعاء الصهيونية بوجود تاريخ لها في هذه المنطقة من العالم ، ولامحاء كل اثر يمكن ان يكشف هذا الزيف التاريخي ، الذي اقيمت على اساسه “اسرائيل”.

ليس هناك من انسان يملك ذرة من عقل يمكن ان يقتنع برواية “داعش” حول استهدافها لتراث العراق القديم ، على انه استهداف للوثنية والاصنام ، والتزاما بتعاليم الاسلام السمحاء ، بينما الاسلام الذي حكم هذه الديار منذ 1400 عام لم يتعرض لهذا التراث ، الذي يعتبر ملك الانسانية جمعاء ، كما انه ليس هناك لا في العراق ولا خارجه من كان يتعامل مع هذا التراث على انه صنم يعبده دون الله ، فمثل هذه الافكار المريضة لا تعشعش الا في عقول “داعش” ، مطية الصهيونية الطيعة.

ان استهداف التراث العراقي وتدميره من قبل “داعش” ، يعتبر آخر هدف من سلسلة الاهداف التي كانت مدرجة على قائمة الاهداف الصهيونية منذ عشرات السنين ، والتي حققتها “داعش” للصهيونية من دون ان تطلق رصاصة واحدة او تسقط قطرة دم واحدة من جندي صهيوني ، واهم تلك الاهداف :

-اشعال نار فتنة طائفية مصطنعة ، ليقتل المسلمون بعضهم بعضا ، وهي الفتنة “الشيعية السنية”.

-ضرب الجيوش العربية عبر اشغالها في حروب داخلية تستنزف الجيوش وتضعفها.

-اهدار ثروات العرب والمسلمين في الحروب العبثية وعدم استخدامها من اجل تعزيز قدراتهم العسكرية والاقتصادية.

-تقسيم البلدان العربية على اسس دينية وطائفية وعرقية.

-تحريض اتباع الديانات والطوائف والقوميات على بعضهم البعض ، وتحويلهم الى حطب نار حروب لا تخمد.

-تشتيت وشرذمة المجتمعات العربية.

-خلق اعداء وهميين للعرب ، وتجنيد كل الطاقات من اجل محاربة هذا العدو الوهمي.

-دفع الشعوب العربية الى حالة من اليأس والاحباط ، تدفعها الى استمداد العون من امريكا واعتبارها المنقذ الوحيد.

-حذف فلسطين من ذاكرة و وجدان الانسان العربي.

-تشويه صورة الاسلام.

-اظهار المسلمين كقتلة ومجرمين وسفاحين وساديين ومتخلفين.

اما هدف كل هذه الاهداف فهو الحفاظ على امن الكيان الصهيوني ، والابقاء عليه متفوقا على جميع العرب الضعفاء والمشرذمين ، بل العمل على تسويقه ك”دولة” قوية ديمقراطية متحضرة ، وسط شعوب عربية متخلفة يذبح بعضها البعض دون رحمة ، بحيث يصل الامر ببعض العرب الى ان يمد يده الى هذا الكيان المجرم للحصول على الدعم والاسناد من اجل مواصلة الحرب المدمرة ، كما يحدث الان.

ولكن رغم كل ما قامت به الصهيونية وصنيعتها “داعش” في المنطقة من فظائع ، ورغم كل الماساة التي تعيشها شعوب المنطقة ، الا ان ارادة الحياة ، التي تُصقل في لهيب نيران الفتنة “الداعشية” الصهيونية ، تبقى هي الاقوى ، ويمكن تلمس تجلياتها في الانتصارات التي يحققها الجيش السوري في مختلف الجبهات ، وكذلك الانتصارات التي يحققها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي في مختلف الجبهات ، وحالة الانهيار التي اخذت تدب في صفوف “داعش” والتكفيريين ،وكذلك يمكن تلمس اثار هذه الارادة ، في الرفض الشعبي لممارسات “داعش” وباقي الزمر التكفيرية في العراق وسوريا ولبنان وليبيا وتونس والجزائر ومصر وغيرها ، كل هذه التجليات تؤكد حقيقة واحدة وهي ؛ ان لا مكان ل”داعش” الظلامية بين الشعوب العربية ، فاذا ما تمكنت ارادة الموت المتمثلة ب”داعش” ان تتسلل ، في غفلة من الزمن ، الى بعض الجسد العربي ، الا ان ارادة الحياة التي اعطت هذا الجسد القوة على الاستمرارية ، ستلفظه كما لفظت الصهيونية.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق