التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 27, 2024

مجلس الأمن يبيض صفحة الإرهابيين في سوريا 

وكالات ـ سياسة ـ الرأي ـ

العناوين الإنسانية العريضة هي المداخل التي تحاول من خلالها الحكومات الغربية إحراج المواقف الداعمة لسوريا داخل مجلس الأمن، ولطالما حاولت المؤسسات الأممية التي تتحكم بها الإدارة الأمريكية أن تدين الدولة السورية من خلال الوصول إلى توافق على فرض عقوبات على دمشق عبر طرح القضايا الإنسانية، وكان من المنطقي جداً أن تقوم الإدارة الأمريكية ومن معها من حكومات داعمة للإرهاب في سوريا بمحاولة إنقاذ الميليشيات المسلحة التي تتعرض لضربات موجعة من قبل القوات السورية المسنودة بقوات شعبية.

القرار الذي تبناه مجلس الأمن فيما يخص استخدام الأسلحة الكيميائية في الحرب المفروضة على الدولة السورية منذ مايقارب الأربع سنوات، محاولة أمريكية للتشويش على الجهود الكبيرة التي تبذلها دمشق في مواجهة التنظيمات التكفيرية على مستويات عدة، وإن كانت الحكومة الأمريكية قد حاولت عبر مراحل الأزمة السورية أن توجه اللوم دائما إلى دمشق في الجرائم التي يرتكبها المسلحون باستخدام الأسلحة الكيميائية، فإن البيانات الرسمية والتصريحات الرفيعة المستوى في سوريا شددت على إن استخدام غاز الكلور لايتم من قبل القوات السورية، ولا يمكن للإدارة الأمريكية أن توجه اللوم إلى دمشق في حالات يستخدم فيها مثل هذا النوع من الأسلحة لأن مادة الكلور تعتبر من المواد السهل الحصول عليها من قبل أي من التنظيمات، و كنتيجة طبيعية لتعامل هذه التنظيمات مع دول ومخابرات عدة بما فيها أمريكا وإسرائيل فإنها من الأكيد قد حصلت على الأساس التحتي لتجهيز أسلحتها الكيميائية، خاصة وإن تنظيم داعش يمتلك ضمن صفوفه الكثيرين من الحاصلين على شهادات علمية عليا.
الواضح من القرار إن روسيا وافقت عليه شريطة أن لا يتم المساس بأمن وسيادة الدولة السورية وإلا لكان الفيتو حاضراً، بالتالي ما سيخرج من تصريحات أمريكية لاحقة حيال القرار سيكون مجرد زوابع في فنجان السياسة الدولية، ومواقف مصدرة للمسلحين الذين دخلوا في مرحلة الانهيار الكبير، خاصة وإن الصراع الميليشياوي وصل ذروته في مناطق عديدة، والمسلحين يصفون بعضهم، وعلى ذلك كان لزاماً على الإدارة الأمريكية أن تعمل على استصدار مثل هذا القرار في محاولة لبث المسلحين بعضاً من المعنويات التي بدؤوا يفقدونها في الآونة الأخيرة، والحديث هنا عن معارك كبرى يخوضها الجيش العربي السوري في جبهات عدة، ومن الضروري أمريكياً أن يتم التشويش وعرقلة مسير هذه العمليات التي لو استمرت لفترة أخرى ستؤدي إلى نصر سوري لا ترغب به واشنطن بالمطلق.
في زاوية أخرى تحضر احتمالات استخدام هذا القرار لضرب سوريا عسكرياً باعتباره يدرج المخالف له تحت الفصل السابع، وفي تفاسير القرار لابد من الوصول إلى توافق على إن سوريا خرقته في حال ذهبت أمريكا إلى ادعاء ذلك، والثابت من العلاقة السورية الروسية إن موسكو لن تساوم على دمشق بالمطلق، فالمراحل التي مرت بها الأزمة السورية أثبتت ذلك برغم الضغوط الكبيرة على روسيا في هذا الشأن، ويأتي الموقف الروسي من عمق الفهم في موسكو لمتطلبات الأمن القومي الروسي أولاً، فسوريا تعتبر البوابة التي يراد أن يمرر من خلالها مشروع الشرق الأوسط الأكبر نحو تقسيم المنطقة إلى دويلات يسهل على الإدارة الأمريكية أن تتحكم بها لتتحكم لاحقاً بمصادر وطرق نقل الطاقة من دول المنشأ إلى الدول المستهلكة بأقل تكلفة ممكنة بما يؤدي إلى تحول الطاقة إلى الورقة الأقوى في السياسة الأمريكية وهي الورقة التي تحاول أمريكا أن تسيطر عليها للسيطرة على العالم.
في المحصلة يبقى صدور مثل هذا القرار مفيداً لسوريا التي تواجه مسلحين مزودين بأكثر الأسلحة قدرة من الناحية التقنية وبكميات كبيرة، كما إن المخابرات الدولية التي تساند وتدير هذه التنظيمات لن تكون قادرة على تنفيذ جريمة كبيرة باستخدام الأسلحة الكيميائية وتكون قادرة على التمويه، خاصة وإن سوريا قدمت في وقت سابق أدلة على استخدام المسلحين الأسلحة المحرمة دولياً في أكثر من مناسبة، كما إن مجلس الأمن بقراره هذا والذي اختص بالجرائم اللاحقة ولم يتطرق إلى الجرائم التي ارتكبها المسلحين في سوريا سابقاً، يعتبر محاولة من مجلس الأمن لتبيض صفحة المسلحين من هذه الجرائم ويفتح الباب على التكهنات لطبيعة التهم التي ستوجه لسوريا خلال المرحلة القادمة.انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق