السيدات أولاً
نزار عبدالستار /
العالم المتمدن محكوم بأفضلية المرأة، وهو سلوك يعد الأرقى والأكثر دلالة على التحضر. إن قانون “السيدات أولا” يعطي امتيازات أكثر من كونها امتيازات “اتكيتية ” وانما هي فكرة تنطوي على الجمال والابتكار؛ فكل حركات التحرر النسائية العالمية اعتمدت على هذا التقدير واستثمرته لصالحها في نيل حقوقها. كما ان هذه الحركات كانت تشجع على اعتماد فوقية المرأة سلوكا ومنهجا سياسيا.
انقسم العالم على مدى التاريخ بين تعظيم المرأة واضطهادها. وشهدت القرون الماضية نموا كبيرا في الاتجاهين، لكن ثقافة احترام المرأة كانت العنصر الأساس في النمو الحضاري وبالتالي صارت سمة من سمات النصف الشمالي من الكرة الأرضية.
ان الدرس الذي تعلمته البشرية في النصف الاول من القرن العشرين كان بمثابة نقطة تحول نحو تكريم المرأة وعتقها من نير التهميش فالدور الذي لعبته المرأة في الحربين العالميّتين وما رافقها من ازمات اقتصادية تدميرية دفع الى اطلاق الحريات والى نقل المرأة من دلالاتها الحسية الحاضنة الى الفعل الانتاجي، ومن الاستغلال الطبقي الشكلي الى التعميم الافقي حتى صارت المرأة نواة الرقي ومحور الرفاهية.
ان نمونا الحضاري يعتمد على ضرورة تجديد المفاهيم الاجتماعية وتفتيت الضار منها والمرأة لها المكانة الاهم في هذه المفاهيم ومرتبطة بها قسرا وذلك ضمن عادات وتقاليد استمدت من مصادر عدة. وكلما توجهنا نحو تعديل المفاهيم الاجتماعية المضادة للمرأة اقتربنا من اقرار الحقوق المدنية بمفهومها الواسع وتنشيط الحياة وتحقيق الشكل الاسمى للتقدم.
ان البلدان لا تزدهر بمعادلة حقوق المكونات الاثنية والعرقية وانما بمعادلة الحق الاجتماعي بين الرجل والمرأة وتقديس الحرية.
لاشك ان تغيير البنى المدنية والارتقاء بها تصاعديا يفرض انماطا اجتماعية جديدة ومنطلقات فكرية مختلفة ترتبط مع حركة ساعة العالم والمرأة هي العلامة الدالة لاي تقدم حضاري فكلما كنا اقرب الى التساوي واعمق تفهما للشراكة الحياتية دفعنا عجلة الازدهار نحو الدوران بشكل طبيعي.
ان ميل مجتماعتنا الشرقية الى ترسيخ الذكورة الاجتماعية لا تعبر فقط عن خلل توازني وانما هي ضد المنطق والحياة بل هي جوهر التخلف الحياتي والركن الاساس في التدهور واذا ما اردنا تعمير الحياة وفق التنوير والاصلاح والمساواة فان انصاف المرأة هو العمود الاساس لكل تطور وتقدم ورقي.
السيدات اولا .. شعار علينا رفعه ليس فقط اجتماعيا، وانما باستثماره سياسيا وذلك بتعميقه في الوعي الجمعي وجعله من اولويات العمل التنموي البشري.
اننا نهدر طاقة عظيمة لا تقل شأنا عن ثرواتنا الستراتيجية اذا لم ننتبه الى ضرورة احترام المرأة وجعلها تقف في مقدمة مسارنا. كما ان علينا الانتباه للشعارات الفارغة التي ترى في المرأة لافتة مؤقتة تبرز كل دورة انتخابية. وهذه المتاجرة بالقضية لا تقل خطورة عن العنف والاضطهاد كونها خدعة وجريمة.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق