التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

السعودية أكبر مستورد للأسلحة في العالم .. لماذا؟ 

سامح مظهر /

من الطبيعي جدا ان تقوم الدول ومن اجل الحفاظ على شعبها وسيادتها وحدودها امام اي اطماع خارجية ، بالعمل على تسليح نفسها الى الحد الذي يشكل هذا التسليح قوة ردع امام اي جهة خارجية ، قد تفكر بالاعتداء عليها او تهديدها ، وقد يتضاعف هذا التسليح في حال شعرت هذه الدول بوجود تهديدات جدية ودائمة في الاقليم الذي يضمها ، و لكن ان تقوم دولة ما ، دون ان تكون هناك اي مخاطر جدية تهددها ، او ان تكون في نية بلد ما الاعتداء عليها ، بانفاق مبالغ ضخمة وبارقام فلكية تخرج عن نطاق المعقول ، وتتصدر قائمة اكبر الدول المستوردة للسلاح في العالم.

اما الدولة التي تصدرت قائمة اكبر مستوردي السلاح في العالم فی عام 2014 ، وفق  شركة (آي.إتش.إس) للأبحاث ، والتي تقدم معلومات عن السوق العالمية ومعلومات اقتصادية ، هي المملكة العربية السعودية التی تقدمت على الهند.

ونقل بيان (آي.إتش.إس) عن بن مورز محلل شؤون الدفاع في الشركة قوله “النمو في السعودية كان كبيرا ويرجع ذلك إلى طلبات سابقة. هذه الأرقام لن تتباطأ.”

وأضاف أن واردات السعودية ارتفعت بنسبة 54 بالمئة خلال عامي 2013 و2014 واعتمادا على شحنات مزمعة ستنمو بنسبة 52 بالمئة لتصل إلى 9.8 مليار دولار في عام 2015 دون ذكر مبيعات عام 2014. وتابعت الشركة أن السعودية ستنفق دولارا من كل سبعة دولارات على الواردات الدفاعية في عام 2015.

وأضافت في تقرير سنوي عن تجارة السلاح إن الولايات المتحدة ظلت تتصدر قائمة المصدرين في عام 2014 متقدمة على روسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا دون أي تغيير لقائمة عام 2013 لأكبر خمس دول مصدرة.

وأكبر خمسة مستوردين في عام 2014 هم السعودية والهند والصين والإمارات وتايوان على التوالي. وكان الترتيب في عام 2013 الهند والسعودية والإمارات وتايوان والصين.

وقالت (آي.إتش.إس) إن السعودية والإمارات استوردتا معا أنظمة دفاعية قيمتها 8.6 مليار دولار في عام 2014 أي أكثر من واردات دول غرب أوروبا مجتمعة. وأكبر مستفيد من سوق الشرق الأوسط كانت الولايات المتحدة إذ بلغت الصادرات للشرق الأوسط عام 2014 ما قيمته 8.4 مليار دولار مقارنة مع ستة مليارات في عام 2013 .

الملفت ان السعودية تدفع اضعاف هذه المبالغ عن طريق بيع النفط الرخيص لامريكا ، في مقابل توفير حماية لها ولنظام الحكم فيها من قبل امريكا ، التي تقيم عشرات القواعد العسكرية في السعودية وباقي الدول الخليجية ، كما تتواجد حاملات الطائرات والسفن الحربية الامريكية في بحار المنطقة على مدار الساعة ، كما تجوب طائراتها بطيار وبدون طيار على مدار الساعة سماء السعودية  ، وكل هذه المهام الامريكية مدفوعة الثمن من الخزينة السعودية.

ترى لم تنفق السعودية كل هذه الاموال الضخمة لشراء سلاح متطور وباهظ الثمن ، على الرغم من الوجود العسكري الامريكي والغربي المكثف في السعودية لحماية النظام فيها ؟، هذا لو عرفنا ان السعودية لا تعادي مطلقا الكيان الصهيوني ، كي يشكل الاخير  لها تهديدا كما يهدد باقي الدول العربية الاخرى مثل سوريا ومصر ولبنان ، كما ان السعودية التي تحتضن مكة المكرمة والمدينة المنورة ،  لم ولن تكون يوما هدفا لاطماع اي بلد عربي او اسلامي ، لذلك من الطبيعي ان تتبادر الى  الاذهان تساؤلات عن الاسباب التي تدفع السعودية الى انفاق كل هذه الاموال على التسليح و التصدي للعدو الوهمي الذي يتربص بها للانقضاض عليها؟.

الحقيقة ليس هناك اي عدو للسعودية ، يمكن ان يهددها ، وكل ما في الامر ان النظام السعودي يقوم بدوره الوظيفي الذي من اجله زرع في جزيرة العرب ، وهو تصدير النفط بسعر التراب لامريكا ، والعمل على الابقاء على عجلة الاقتصاد الامريكي بالدوران من خلال شراء اسلحة لا حاجة لها بها ، وما ايداع كل الاموال السعودية في البنوك الامريكية الا جانبا من جوانب هذا الدور الوظيفي  ، الذي لا يتعدى سوى العمل على ضخ النفط باقصى سرعة الى امريكا ، واعادة الاموال الامريكية ازاء شراء هذا النفط الرخيص الى امريكا من خلال شراء الاسلحة وايداع ما تبقى في بنوكها .

الغريب ان امريكا لم تكتف بهذاالدور الوظيفي للاسرة الحاكمة في السعودية بل وتعمل على تخويف النظام السعودي من كل شيء يدور حوله ، بهدف استنزاف النفط السعودي بشكل اكبر واسرع ، وذلك من خلال تحويل ايران “والشيعة” ومحور المقاومة الى اعداء يتربصون بالسعودية للقضاء عليها ، الامر الذي صدقته السعودية واخذت تبني عليه استراتيجيتها في التعامل مع تطورات المنطقة وتم استنزافها بشكل اكبر واسرع من امريكا.

الغريب ان السعودية  ، اخذت في الاوانه الاخيرة تخشى حتى من التنظيمات التي اوجدتها وصنعتها مثل القاعدة والمجموعات التكفيرية الاخرى ، بل اخذت تخشى حتى حليفاتها امريكا واسرائيل ،وترى ان الجميع يتآمرون عليها وان هناك شيئا ما يحاك ضدها خلف الكواليس.

صحيفة الاندبندنت البريطانية وفي عددها الصادر السبت 7 اذار مارس ، اشارت الى الحالة السعودية المستعيصة في مقال كتبه روبرت فيسك ، حيث يقول فيسك إن السعوديين يخشون الإيرانيين والشيعة وتنظيمي “الدولة الإسلامية” و”القاعدة” وجماعة الإخوان المسلمين ومؤامرة إسرائيلية وخيانة أمريكية ونفوذ قطر، بل انهم يخافون حتى من أنفسهم!!.

ولفت إلى أنه عندما وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكونغرس الأمريكي محذرا من التهديد الذي تشكله إيران للعالم، لم يكن مستغربا قول رئيس تحرير الموقع الإنجليزي لقناة العربية السعودية، فيصل عباس، إنه على الرغم “من أنه نادرا للغاية أن يتفق أي شخص عاقل مع أي شيء يقوله أو يفعله رئيس الوزراء الإسرائيلي…فإنه يتعين الإقرار بأن بيبي (نتنياهو) كان محقا على الأقل فيما يتعلق بالتعامل مع إيران”.

وقال فيسك إن عباس ربما لا يكون ممثلا للأسرة المالكة السعودية، لكنه ما كان ليتلفظ بهذا الكلام لو لم يكن يحظ بمباركة منها.

حالة الهلع التي يعيشها النظام السعودي منذ وقت طويل ، لاسيما بعد ما عرف بمرحلة الربيع العربي ، رغم ترسانة الاسلحة التي يكدسها والمظلة الامنية الامريكية الثقيلة ، ورغم قيامه بالدور الوظيفي باكمل وجه وزيادة ، مردها خوف النظام من شعبه  ، بعد ان بدت عورة النظام للجميع ، فهو نظام لا يمت للعصر بصلة ، لذلك يحاول ان يختلق اعداء ليكون ذريعة لتكميم الافواء ،وممارسة البطش والتنكيل والتعامل مع كل صغيرة وكبيرة بطريقة امنية في غاية القسوة ، بعد ان فقدت الوهابية قدرتها على ترويض الشباب للقبول بنظام آل سعود ، فالتحالف القائم منذ زمن طويل بين آل الشيخ و آل سعود لم يعد قابلا للاستمرار ، وبدلا من ان يقوم النظام بالعمل على تصحيح الاوضاع الداخلية واجراء اصلاحات قد تؤخر موعد اضمحلاله ، نراه يغرق اكثر في بحر الفتن التي يثيرها في المنطقة ، وينفق اكثر لشراء المزيد من الاسلحة ، ويرتمي اكثر  في احضان امريكا ، ظانا ان موته وحياته بيدها، بينما الواقع ليس كذلك ، فلا امريكا ولا غيرها بقادرة على ان تقلل من اعمار الانظمة  التي تتكي على شعوبها ، مهما خططت ودبرت المكائد ، كما ليس بمقدور امريكا ولا غيرها ان تزيد من اعمار الانظمة الاستبداية ، مهما بلغ حجم دعمها وحمايتها ، وهذه حقائق لم تعد خافية على احد ، لاسيما على آل سعود انفسهم ، الذين كانوا يعتقدون حتى الامس القريب ، ان اموال النفط ، والتسلح ، والدعم الامريكي يمكن ان تعصمهم من غضب الشعب.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق