تزايد إعداد الأوروبيين في صفوف التنظيمات الارهابية لاسيما ” داعش “
يوما بعد يوم تتزايد مخاوف الدول الغربية من إرتفاع أعداد الاوروبيين الساعين إلى الانضمام الى الجماعات الإرهابية والمتطرفة لاسيما تنظيم “داعش “.
فقد كشف رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، في تصريحات صحفية الأحد ٨ مارس/آذار، أن نحو ١٠ آلاف أوروبي قد ينضمون إلى الجماعات الارهابية في سوريا والعراق بنهاية ٢٠١٥، أي أكثر بثلاث مرات من عددهم المعلن حالياً.
وأشار فالس إلى وجود ١٤٠٠ فرنسي في صفوف داعش في الوقت الحاضر، معرباً عن مخاوفه من التهديد الذي يطرحه هذا الأمر ولفترة قد تمتد طويلاً، مشيراً أيضاً إلى أن عدداً كبيراً من هؤلاء الارهابيين هم من بلجيكا وهولندا والدنمارك وبريطانيا.
بدورها اعلنت بريطانيا عن تخوفها من تفاقم ظاهرة الإرهاب على أراضيها بعد عودة ٣٠٠ بريطاني قادمين من صفوف “داعش” في سوريا والعراق، كانت لندن قد أدرجت أسماءهم على لائحة” الأشخاص المثيرين للقلق”.
وكشفت صحيفة ” ديلي تلغراف ” في عددها الصادر الأحد ٩ مارس/آذار استنادا إلى وثيقة قالت إنها رسمية ، أن ٧٠٠ بريطاني إرهابي، ممن التحقوا بـ”داعش” مصنفون من قبل الاستخبارات البريطانية بأنهم “خطرون”، فيما قدرت الاستخبارات الأمريكية في وقت سابق عدد الإرهابيين الأجانب في سوريا والعراق بأكثر من ٢٠ ألفاً، مشيرة إلى أنهم جاؤوا من ٩٠ دولة من مختلف أنحاء العالم.
وفي سياق المخاوف الأوروبية من انتقال الإرهاب إلى أراضيها أعلن وزير الخارجية البلجيكي “ديديه رايندرز ” اعتقال شابة بلجيكية عقب عودتها من تركيا، لتحري أسباب اختفائها في سوريا بعد توجهها بشكل سري إلى هذا البلد وبقائها فيه لـمدة تزيد عن ثمانية أشهر . وكشف ” رايندرز” أن السلطات التركية اعتقلت صديق الشابة البلجيكية الذي تلقى تدريبات على استخدام الأسلحة وتوجه بدوره إلى سوريا.
في السياق ذاته اعلن وزير الداخلية الفرنسي “بيرنار جازينوف ” عن اعتقال عدة أشخاص متهمين بتجنيد شباب لصالح الجماعات الارهابية في سوريا.
وتدلل الأرقام “المعلنة وغير المعلنة” على أن عدد الارهابيين الأجانب في صفوف داعش وغيره من التنظيمات الارهابية أصبح يثقل كاهل أوروبا، ويضع دولها في مواجهة حقيقية مع الإرهاب والتطرف في عقر دارها.
ومن المعلوم أن فرنسا وسائر البلدان الأوروبية دعمت التنظيمات الارهابية والمتطرفة في المنطقة لاسيما في سوريا منذ بداية الأزمة في هذا البلد، وباتت تشعر اليوم بقلق شديد من خطر الارهابيين العائدين اليها من هذه المنطقة، وبالتالي فإن عواصم هذه الدول قد وجدت نفسها مرغمة على اتخاذ تدابير أمنية باهظة التكاليف لمواجهة هذا التهديد.
والسؤال المطروح الآن هو: لماذا غضّت الدول الغربية عن نشوء ونمو هذه الجماعات الارهابية مع علمها بتوجهاتها وطبيعة الأعمال الاجرامية التي تقوم بها وما الذي دعاها الى السكوت عنها طيلة الفترة السابقة التي تجاوزت الأربع سنوات خصوصاً وأن عدداً من وسائل الإعلام الغربية قد كشف بأن العديد من الدول الغربية كانت على علم بنشاطات هذه الجماعات وكونها تجند أرهابيين لإرسالهم الى سوريا والعراق لتنفيذ عمليات إجرامية في هذين البلدين.
ولابد من القول ان الدول الاوروبية عموماً وفرنسا وبريطانيا على وجه التحديد باتت الآن أمام خيارات صعبة في مواجهة هذه الأزمة، فأما أن تختار المواجهة مع الجماعات الارهابية والدخول في حرب مفتوحة معها والتعاون بجدية مع الدول التي تتعرض للارهاب لاسيما سوريا والعراق للحد من هذه الظاهرة الخطرة وهذا يتطلب منها إرادة سياسية حقيقية ومراجعة المواقف “والتراجع عن الخطأ فضيلة ” كما هو معروف، أو أن تصل هذه الدول إلى تسوية مع هذه الجماعات الارهابية والمتطرفة قد تدفع ثمنها شعوب أخرى تعيش في أماكن اخرى من العالم لاسيما في منطقة الشرق الاوسط.
ومع أن صحوة الأوروبيين تجاه الجماعات الإرهابية التي تعاظم خطرها نحو الغرب جاءت متأخرة إلا انها مع ذلك تبدو خيراً من أن لاتأتي أبداً. ولكن يبقى السؤال: هل سنشهد صحوة أوروبية وغربية حقيقية لإعادة النظر في السياسات المغامرة السابقة تجاه المنطقة، أم أن الأمر مجرد تحركات إعلامية لاتستهدف سوى ذر الرماد في العيون والتصيد في الماء العكر لتحقيق مصالح غير مشروعة على حساب أرواح ودماء شعوب المنطقة.
في نهاية المطاف نجدد القول بأنه لم يعد هناك خيار أمام الأوروبيين إلاَّ أن يعترفوا بأن الحديث عن التنظيمات الارهابية بأنها وليدة ظروف خاصة بالشرق الاوسط, هو حديث بسيط وساذج يشبه الى حد كبير الكلام حول وقوف هذه التنظيمات بفكرها الشاذ والمتطرف وراء الاعمال الارهابية التي تشهدها العديد من الدول الأوروبية بين الحين والآخر على غرار ما حدث لصحيفة ” شارلي ايبدو ” الفرنسية وغيرها من الحوادث التي دقت ناقوس الخطر منذ زمن بعيد ولكننا نرى أنه ما زالت هناك آذان في الغرب لا تريد سماع صوت هذا الناقوس إلا بعد فوات الأوان.