الخوف السعودي يجعل من المملكة المستورد الاول للسلاح
منذ الازل، كان الانسان محب للحياة وكان يطمح دائما ليصل الى الكمال. ومنذ الازل ايضا، كان السعي نحو الملك و السلطة يحول الاخ الى عدو والجار الى مصدر تهديد، فبرزت الى الملأ قاعدة جديدة عرفت بقاعدة القوة، او ما يسميه البعض بشريعة الغاب حيث ياكل القوي الضعيف. اما اليوم، فقد تغيرت العديد من القواعد التي سيطرت على العالم منذ القدم، فلم تعد القوة عبارة عن فاس وعضلات او سيف ذو حدين، و لم تعد القوة متمركزة بين “السادة الاقوياء”، بل اصبحت القوة سلاح بعيد المدى. فبرز ما سمي اليوم بسباق التسلح. وبرزت اسماء جديدة لم تكن بالحسبان، فاين نحن اليوم من سباق التسلح؟ و ما الرابط العجيب بين السعودية و السلاح؟
سباق التسلح والسعودية في الطليعة
مع ازدياد التوتر في منطقة الشرق الأوسط بسبب المخاوف من برنامج إيران النووي، وسباق التسلح في المنطقة، ازدادت مبيعات الأسلحة عالميا للعام السادس على التوالي فوصلت إلى ٦٤,٤ مليار دولار مقابل ٥٦ مليارا في العام ٢٠١٣، أي بزيادة ١٣,٤ %.
وبحسب تقرير نشرته شركة “IHS ” ، وهي شركة بارزة في تحليل تجارة الأسلحة العالمية ومقرها لندن، فقد اجتازت السعودية الهند لتصبح أكبر مستورد للأسلحة في العالم في ٢٠١٤، بالتزامن مع هبوط الكيان الاسرائيلي إلى المركز السابع في قائمة أول ١٠ دول مصدرة للأسلحة في العالم، بعد أن كانت في المركز السادس عام ٢٠١٤.
وأوضح التقرير الذي يغطي نحو ٦٥ بلدا، أن السعودية أصبحت أكبر مستورد للأسلحة في العالم مع استيراد معدات عسكرية بقيمة ٦,٤ مليار دولار. فأصبحت الدولة الاولى بعد أن سبقت الهند التي كانت تعتبر أهم سوق لامريكا. وأضاف التقرير أن “الاستيراد السعودي ازداد بمعدل ٥٤ %”، وسوف يزداد أيضا بمعدل ٥٢ % في العام ٢٠١٥، ليصل إلى ٩,٨ مليار دولار.
وأشار مكتب “آي اتش اس” إلى أنه “في العام ٢٠١٥، كل دولار من أصل سبعة يدفع من أجل شراء أسلحة تكون السعودية قد دفعته”.
وبغض النظر عن أكبر المستفيدين من تنامي السوق في الشرق الأوسط الا وهي امريكا، والتي وصلت قيمة شحناتها إلى المنطقة في العام الماضي، إلى ٨.٤ مليار دولار، وبعد أن وصلت في ٢٠١٣ إلى ٦ مليارات دولار، لا بد من الاجابة على سؤال يطرح نفسه: “لماذا السعودية؟!”
التسلح السعودي سباق مع الخوف
يلاحظ الباحثون منذ زمن ان السعودية تقوم ببناء ترسانة عسكرية ضخمة وسط مخاوف من التحول الجيوسياسي في الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي تبحث فيه امريكا، حسب زعمها، عن مساعدة في محاربة “داعش”، يبقى الهم السعودي الوحيد متركز في كيفية التخلص من الخطر الايراني، الذي بدأ شيئا فشيئا وكانه ينسج خيوط السيطرة والزعامة بين دول الشرق الاوسط.
السبب الاخر الذي يجر السعودية الى التسليح يمكن حصره بالحكومة السعودية، التي تعمل يوميا لتذكير امريكا بأهمية بلدها كحليف وصديق ودود في منطقة الشرق الاوسط، وهذا ما تبينه مناقصات الأسلحة التي تترجم إلى وظائف هامة للكثير من المجتمعات.
ولا شك ايضا ان السعوديين بدؤوا يشعرون بالخوف من تصاعد قوة “داعش” وتهديداتها، وذلك لان المساعدات السعودية لم تنجح حتى اليوم بابعاد الخطر الداعشي عن اراضيها رغم تعاونهم مع التحالف الذي تقوده امريكا منذ عام ٢٠١٤.
سبب اخر يجر السعوديين نحو ابواب التسليح، وهو السبب الذي يجمع الاسباب كافة لهدف اكبر و اوسع نطاقا، الا وهو فرض السعودية على الشرق الاوسط باعتبارها قوة عظمى لا بد للدول ان تهابها و تقدم لها قرابين الالهة.
خوف من الجيران و المستفيد امريكي
رغم كل ما تقدم لا بد من الاشارة ايضا الى اوضاع جيران السعودي، ولا حاجة لتفصيل اوضاع اليمن و البحرين الغارقتين في بحر من الثورات و المظاهرات و محاولات التغيير. ولا بد ان الوضع الراهن يهدد كافة المعابر السعودية و المصالح السعودية التي تواجه اشد احتجاجات منذ سنوات.
التسليح السعودي اذا مسكن للخوف، لكن المشاكل التي لا بد من التامل فيها، علاقة السعودية بامريكا و الاخيرة بالكيان الاسرائيلي، وبما ان الامريكي لا يفرق بين الدول عندما تصل الامور الى مصلحته الشخصية، ومع التاكيد على قيمة القرار الامريكي بين السعوديين، لا بد من التخوف في ان تصبح السعودية مجرد مخازن اسلحة يستفيد منها الامريكي عند حاجته.
اسئلة كثيرة و كبيرة لا بد للايام ان تجيب عليها، ولكن يبقي السؤال الاكثر اثارة للجدل هل هذه الأرقام غير المسبوقة والمدفوعة في التسليح السعودي، في ظل انخفاض سعر البترول، وفي ظل عجز في ميزانية هذا العام، يعد سوء توزيع في موارد الدولة وأوجه الصرف، مما قديؤدي إلى ظهور أزمات حياتية كثيرة واعتراضات شعبية للبداية باصلاحات في المملكة؟؟ برسم الايام….