التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

السعودية تعلن إفلاسها السياسي في المنطقة، عبر تشكيل تحالفٌ مذهبي الهوية 

لا شك أن السعودية التي تشعر بالضعف السياسي في المنطقة، تعمل بشكل أكبر من غيرها على تشكيل محورٍ يهدف للتخفيف من الآثارالسلبية للتطورات في المنطقة عليها، وكذلك كمحاولةٍ منها لجعل الرياض مركزا للحراك الدبلوماسي في المنطقة. لكن الهدف الحقيقي هو، محاولة السعودية رسم محورٍ لإحتواء الدور الإيراني وإبعاد مصر عن إيران، بعدما أبدت طهران والقاهرة، رغبتهم في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بينهما. فما هي القراءة التحليلية لإنشاء هذا التحالف؟ وما هي آفاق نجاح هذا التحالف؟

أولاً: سعي السعودية لإنشاء التحالف، قراءة وتحليل

قالت مصادر إعلامية مطلعة إن السعودية لم تتأخر في تنفيذ السياسة الأمريكية أو الطرح الأميركي، وبدأت سريعاً في العمل على إخراج هذا الطرح من النظرية الى التطبيق، وذلك عبر تحويل عاصمتها الرياض الى محطة للقاءات سياسية متعددة. ولا شك أنه كان من اللافت الحراك  الذي شهدته الرياض خلال الأيام الماضية. والأهم من كل ذلك، هي الشخصيات التي شاركت في صنع هذا الحراك الذي يمكن إطلاق تسمية الحج السياسي عليه. فالرياض استقبلت مؤخراً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأردني عبد الله الثاني والأمير القطري تميم بن حمد ورئيس الوزراء الباكستاني. وكان من اللافت أيضاً، اللقاء الذي حاولت السعودية إستثماره لتوجيه ما يمكن إعتباره رسالة لمن يهمه الأمر، وهو اللقاء الذي جمع الملك السعودي مع رئيسة كوريا الجنوبية في الرياض، والذي أعقبه توقيع إتفاقيات نووية بين البلدين، وهي ما يمكن إعتباره رسالة الى أن إيران نووية، يعني فتح الباب أمام تسلح دول المنطقة للحصول على التقنية النووية. ويأتي ذلك في ردٍ مبطنٍ على السياسة الأمريكية التي تسعى للوصول الى اتفاقٍ مع إيران، مما أثار حفيظة السعودية، التي أصبحت تجد نفسها وكذلك انظمة الخليج الفارسي، دولاً من دون هيبة أو دورٍ يُحترم، في ظل تعاظم قوة إيران ودورها ونفوذها في المنطقة، مما يجعلها نداً للأمريكي، وليس أداةً كهذه الدول الخليجية.

لذلك فإن سرعة اللقاءات التي حصلت في الرياض تشير الى أن السعودية أرادت حصولها قبيل الحديث عن قرب الإنتهاء من الموضوع النووي الايراني وإعلان الاتفاق بين إيران ومجموعة ٥+١، لأن السعودية تتخوف من أن يؤدي هذا الاتفاق الى مزيد من التمدد في النفوذ الإيراني. والحقيقة الأكثر وضوحاً هي أن ما يجري مع إيران اليوم يؤكد مكانة الجمهورية الإسلامية في المنطقة والعالم، والإعتبار والإحترام الذي تلقاه من الأطراف والدول في العالم. وما ردة الفعل السعودية إلا تعبيرٌ عن العجز والضعف الذي يتصف به الدور السعودي ومعها دول الخليج الفارسي الى جانب تركيا، والتي إن جمعها، فسيكون قد جمعها وحدة المصيبة التي حلت بهم، وهي تراجع دورهم وتعاظم الدور الإيراني.

ولا يمكن إستبعاد الهدف العسكري من الحلف الذي تنشأه السعودية. فقد تكون السعودية قد سعت من خلال هذه اللقاءات، الى تشكيل حلف عسكري يقف بوجه النفوذ الايراني. وبالتالي ليكون هناك قوة ضاربة تستفيد منها دول الخليج الفارسي وتحديداً السعودية لتحسين دورها واستعادة ما خسرته من نفوذ. وهنا تحاول السعودية الإستفادة من القدرات العسكرية التركية والمصرية والأردنية، ساعيةً على أن تكون هي، قائدة هذا التحالف.

ثانياً: آفاق نجاح هذا التحالف

لا شيء يمكن أن يؤكد أو يضمن نجاح هذا المحور أو التحالف. فالتباينات الموجودة بين هذه الدول ليست قليلة. وبالأخص أن سياسة العلاقات الدولية خرجت من إطار التكتلات السياسية، لما تعيشه كل دولةٍ على حدة، في ما يتعلق بوضعها الداخلي.

وهنا يسجل للموقف المصري، أنه موقفٌ متوازن. وقد ظهر ذلك في حرص الرئيس المصري قبل توجهه الى الرياض على القول إن أي قوة عربية ستتشكل لن تكون موجهة ضد أي طرف، في ردٍ غير مباشر على المعلومات التي تقول إنها موجهة ضد إيران. فيما يمكن تلخيص المصلحة المصرية، بأن مصر تسعى الى كسب المساعدات الاقتصادية من السعودية وكذلك قطر.

أما بالنسبة الى تركيا فهي الدولة التي لم تعتمد مساراً واضحاً في سياستها الدولية. سوى أنها دولةٌ تسعى لإعادة بناء السلطنة العثمانية. لكنه وبالرغم من ذلك، هناك تقاطع مصالح بينها وبين السعودية، وفي نفس الوقت هناك إختلافٌ في وجهات النظر تجاه ملفاتٍ أخرى، وبالتحديد الإخوان المسلمين. فالسعودية تسعى لتفرقة الاخوان المسلمين من أجل السيطرة عليهم. بينما الهدف التركي هو تقويتهم وجعلهم يتولون السلطة ليكونوا سندا لها. ويضاف الى ذلك من أمرٍ آخر يمكن أن يكون سبباً في اختلافهم، هو أنه وعلى مدى العقود التي مرت كان واضحاً أن كلا الطرفين يعتبران تمدد نفوذ أحدهم، انحسار تلقائياً لنفوذ الطرف المقابل. كالقول أن تزايد شعبية الأتراك سيأخذ من الحصة السعودية، وكذلك العكس.

لكن المؤكد أن البلدين قد يجمعهما، مصيبة انهيار تنظيم داعش الإرهابي الذي لطالما راهنوا عليه، وما لإيران من دورٍ في القضاء عليه. لذلك فهناك تخوف من كلا البلدين من النفوذ الايراني المتمدد في المنطقة خاصة في سوريا والعراق. والأخطر من كل ذلك على هذه الدول، هو أن البلدين قلقتان من طبيعة بلديهما الديمغرافية. لكن بالرغم من ذلك، لا تتوقف هذه الدول عن إستخدام لغة التحريض المذهبي.

إذاً إنها سياسة المصالح، هي التي قد تجمع المنافسين في نفس الساحة. فالجميع اليوم قلقٌ من الدور الإيراني المتعاظم. ولكن أن يأخذ هذا التحالف وجهاً مذهبياً معيناً، مع غياب أطراف أساسية في المنطقة مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن، ليس مستغرباً. فالسعودية ليس في قاموسها إلا سياسة التحريض والتفرقة، على قاعدة فرق تسد. واليوم تعبر السعودية عن إفلاسه السياسي، باعترافها بفشل سياستها الخارجية، مقابل إعترافها بنجاح السياسة الإيرانية في المنطقة، والتي جعلت من إيران قطباً عالمياً. فالجميع يلتقون على هدف محاولة إعادة الهيبة السياسية. ولكن السؤال الأبرز والأخطر اليوم، لهذه الدول الساعية لذلك هو: ألم يكن من الأجدر تشكيل حلفٍ مشترك ضد الكيان الإسرائيلي؟

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق