التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

الى الأزهر الشريف .. إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا 

منيب السائح /

لم اكن اتوقع يوما ان ارى الازهر الشريف يُحشر حشرا في زاوية بائسة ، مخصصة عادة للتكفيريين، والصداميين المجرمين ، والطائفيين الحاقدين ، ومن يدعمهم من خليجيين متخلفين وفي مقدمتهم السعوديين والقطريين ، وهم ينعقون بصوت نشاز ، على ايقاع اوركسترا يقودها الامريكيون ، عن “مجازر” و “مذابح” و “ابادة” و”حرب طائفية” يتعرض لها “اهل السنة” في العراق على يد “الشيعة الروافض”؟ ، ولكن ما كنت لا اتوقعه قد وقع فاذا بي ارى الازهر الشريف في المكان الذي لا يجب ان يكون فيه.

كان من المتوقع ان تتعالى الاصوات الطائفية والصدامية ، وان يبدأ الاعلام الخليجي الحاقد بشن حرب نفسية ، بالتزامن مع الانتصارات الملحمية التي تسطرها القوات المسلحة العراقية وقوات الحشد الشعبي وابناء العشائر الغيورة ، في محافظة صلاح الدين ، ولكن ما لم يكن متوقعا ان يكون صوت الازهر الشريف اعلى من كل تلك الجوفة البائسة ، وهو يتحدث عن “الجرائم البربرية” التي يتعرض لها اهل السنة في صلاح الدين وتكريت ،الامر الذي يدعنا ان نتوقف امامه قليلا.

مؤسسة كبيرة وضخمة ومحترمة مثل الازهر في مصر ، تفرق كثيرا مع مجموعة ارهابية مثل “الدواعش” والمتحدث باسمها ابو محمد العدناني ، وكذلك مع البعثيين المجرمين وزعيمهم عزت الدوري ، وكذلك مع الهاربين من العدالة العراقية في الاردن وتركيا ، فهذه المجاميع قد اعتدت على الكذب والتدليس والخطاب الطائفي ، بهدف اعادة عقارب الساعة الى ما قبل 9 نيسان 2003 ، اليوم الذي سقط فيه صنم بغداد ، فالازهر الذي يتحدث عن “جرائم بربرية” و”عمليات ذبح وقتل” للسنة في صلاح الدين وتكريت ، وهي جرائم لا يمكن للجهة التي ارتكبتها ان تخفيها مهما كانت سطوتها وقوتها ، عليه ان يقدم الادلة والوثائق والصور والشهود ، لا لتكون هذه الاتهامات الخطيرة موثقة بالدليل فحسب ، بل حفاظا على مصداقية الازهر لدى الشعوب الاسلامية جمعاء ، فمن الخطا الفادح ان يتم التلاعب بسمعة الازهر ، بهذا الشكل العبثي ، استنادا الى معلومات ملفقة وكاذبة ، فبركتها جماعات معروفة بحدقها وطائفيتها .

للاسف موقف الازهر لا يمكن الدفاع عنه باي شكل من الاشكال ، فقد وضع نفسه في موضع لا يحسد عليه بالمرة ،  فاذا كان الازهر لا يدري بما يجري في العراق حقيقة ، واصدر بيانه الاخير عن “الجرائم البربرية” التي ترتكب ضد اهل السنة في صلاح الدين ، فتلك مصيبة ، وان كان يدري بما يجري في العراق فالمصيبة اعظم ، ففي الحالتين ، اساء الازهر الى مكانته لدى مسلمي العالم وخاصة لدى المسلمين السنة في العراق ، حيث تأكد لاهل سنة العراق ، ان الازهر يرفض تحريرهم من ظلم وجور “الدواعش” ، لسبب بسيط ان اغلب محرريهم هم من اخوانهم المسلمين الشيعة ، الذين لبوا نداء اخوانهم في المحافظات الغربية لانقاذهم من “داعش”.

موقف الازهر الغريب من الانتصارات التي يسطرها الشعب العراقي بمختلف اطيافه من سنة وشيعة ، على “الدواعش” ، اثار ردود فعل لدى سنة العراق اقوى بكثير من شيعة العراق ، لما في هذا الموقف من ظلم بالغ لقوات الحشد الشعبي الذي يضم العراقيين سنة وشيعة ، وهم شباب نذروا ارواحهم للدفاع عن ارض وعرض العراق ، لكن للاسف ورغم كل ردود الفعل القوية ، مازال الازهر يلوذ بالصمت ، في الوقت الذي يجب ان يعلن صراحة وامام العالم ، انه اخطا في موقف الذي استند على معلومات غير حقيقة وكاذبة،  امدته بها مجموعات طائفية منافقة حاقدة على العراق والعراقيين ، شيعة وسنة.

فهذه اكبر مرجعيات سنة العراق المتمثلة ب”جمعية علماء العراق” برئاسة الشيخ خالد الملا ، اصدرت بيانا اعتبرت فيه البيان الأخير الصادر من الأزهر الشريف والمتعلق بالحشد الشعبي وما نُسب إليه من سلوكيات غير صحيحة إطلاقا.

واكد البيان أن “الأزهر ربما لا يعلم أن الحشد الشعبي ليس تشكيلا طائفيا كما يُروج له، بل أنه يتألف من شيعة وسنة يقاتلون جنبا إلى جنب من أجل غايات سامية وطنية تتمثل في تحرير المناطق المحتلة ذات الغالبية السنية من تنظيم داعش الإرهابي”.

وأدانت الجماعة “المصادر والجهات المغرضة التي اعتمد عليها الأزهر في إصدار بيانه هذا”، مشيرة إلى أن “تلك المصادر تحاول التغطية على هزائم وإجرام داعش والإرهابيين وتضلل الرأي العام وهي نفسها التي صمتت ولم تنتقد سلوكيات هذا التنظيم وما قام به في العراق من تفخيخ للشوارع والبيوت والمساجد منذ سنوات عديدة”.

اما مجلس علماء ورجال دين صلاح الدين ، فقد اكد أن الازهر اعتمد على تقارير صحفية لمؤسسات إعلامية تحاول النيل من تضحيات القوات الأمنية والحشد الشعبي وأبناء العشائر.

وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس فارس الهيتي إن : “هناك محاولات للنيل من انتصارات القوات الأمنية والحشد الشعبي والعشائر المناهضة للدواعش، عبر الادعاء أن هناك انتهاكات ضد الانسانية نفذتها قوات الحشد الشعبي ضد مواطنين عزل”.

اعتراض سنة العراق على بيان الازهر وصل حتى الى مدينة تكريت نفسها ، حيث اعلن إمام جامع تكريت الكبير محمد عبد الله الناصري أن الحشد الشعبي لم ينتهك الحرمات في عملية تحرير محافظة صلاح الدين، مشيراً إلى أن بعض وسائل الاعلام تروج إلى ذلك لتحفيز مشاعر الدول العربية.

وقال الناصري “استغربنا من بيان الأزهر الذي إدعى أن هناك إبادة جماعية ضد أبناء السنة”، مبيناً أن “هذه الأقاويل بعيدة عن الواقع، وقد طلبنا من الوقف السني توضيح رأيه بهذا الشأن والتأكيد على أن قوات الحشد الشعبي قاتلت الدواعش فقط”.

الاحتجاج السني العراقي ، على موقف الازهرمن الحشد الشعبي ، لم يقتصر على العرب السنة فقط بل تعداه الى الاكراد السنة ايضا ، حيث طالب التحالف الكردستاني ، الحكومة الاتحادية ومجلس النواب ، بالرد على بيان الازهر، معتبرا اياه تدخلا في الشؤون العراقية.

وقال عضو التحالف ريبوار طه إن “الحشد الشعبي قدم الكثير من الشهداء وضحى بنفسه وقاتل تنظيم “داعش” الارهابي, ليعم الامان في العراق, والعالم بشكل عام, لان معركة العراق ضد “داعش” هي معركة بالنيابة عن العالم كله”.

وأضاف طه إن “على الحكومة العراقية, ومجلس النواب ألا يقبلوا بمثل هذه التصريحات, ويجب ان يردوا عليها”, مبينا إن “العراق بحاجة الى توحيد الصفوف للوقف بوجه الدواعش, واي تصريحات خارجية سلبية يجب الوقوف بوجهها”.

هذه كانت اصوات عراقية سنية اصيلة و وطنية ، عما يجري في العراق ، وكان على الازهر ان يستمع الى هذه الجهات قبل ان يستمع الى الموتورين والطائفيين والحاقدين  والفارين من العدالة ، الذين تحركهم الاحقاد والاموال الخليجية القذرة.

اما على الارض ، وكمعلومة نقدمها للازهر عسى ان يغير موقفه من الحشد الشعبي الذي اتخذه استنادا الى معلومات كاذبة وعارية عن الصحة تماما ، نقول ان عملية تحرير محافظة صلاح الدين، شهدت مساهمة كبيرة من قبل عشائر محافظة صلاح الدين حيث يتواجد حوالي 1350 مقاتلا من اهالي المحافظة بقيادة الشيخ خالد عبد الله الجبارة، يشاركون مع القوات الامنية والحشد في عملية تحرير المحافظة.

وفي داخل محافظة صلاح الدين هناك قوة من الحشد الشعبي التابعة لقبيلة العبيد (السنية) بقيادة الشيح وصفي العاص بلغ عدد المقاتلين فيها 400 مقاتل ، يخوضون قتالاً في جبال حمرين من جهة محافظة صلاح الدين باتجاه محافظة كركوك، فيما توجد قوة من اهالي تكريت بقيادة الشيخ حسان الناصري تخوض معارك لتحرير المدينة.

نظرا للمنزلة التي يوليها العراقيون وفي مقدمتهم الشيعة للازهر الشريف ، وللحفاظ على هذه المنزلة ، دعا المرجع الديني اية الله الشيخ بشير النجفي، الازهر الشريف الى : “ارسال محققين منه الى الحكومة العراقية لإستبيان حقيقة الموقف على الارض في العراق”.

وقال النجفي “إننا نخشى أن يكون رد فعل الحكومة العراقية والحشد الشعبي نتيجة هذه الصيحات هو ترك المناطق السنية لداعش لتقتل ما تبقى من أهل السنة ممن نجا منهم، وهو مخالف لهم في هواهم، سائلين الله أن يحمي العراق وأهله من هذا البلاء”.

 

وانا اتابع ردود افعال العراقيين شيعة وسنة على بيان الازهر ، استوقفني خبر ، لا اعرف مدى صحته ، الا انه يمكن ان يفسر لي غرابة موقف الازهر ، ويفك طلاسمه ، حيث يقول الخبر ان السياسي المصري البارز محمد البرادعي كشف عن ضغوط كبيرة تعرض لها مشايخ الازهر لاصدار بيان ضد الحشد الشعبي العراقي.

ويضيف الخبر ان البرادعي اكد في تصريح صحفي, ان “الاخوة في وزارة المالية طلبوا مساعدة مشيخة الازهر لاصدار بيان يدين فصائل الحشد الشعبي التي تقاتل تنظيم داعش الارهابي في العراق”، مبينا ان “منحة سعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار كانت متوقفة على هذا البيان”.

كما قلت لست متاكدا من صحة هذا الخبر الا انه يمكن ان يضع النقاط على حروف موقف الازهر الغريب ازاء ما يجري في العراق ، فهو يتناقض بالكامل مع ما يجري في العراق من احداث ،فالجرائم “البربرية” و “الابادة” وعمليات الذبح والقتل والتفجيرات والمفخخات وسبايكر ، ارتكبت في العراق ضد الشيعة ، على يد “داعش” ، والعراقيون الشيعة لا يحملون اخوانهم السنة جريرة “داعش” فشيعة العراق لا يعتبرون “داعش” من اهل السنة ، فهذه جماعة ارهابية لا تنتمي الى اي دين او مذهب.

ان نسبة  ضحايا الارهاب التكفيري في العراق منذ سقوط نظام البعث الصدامي ، بشهادة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني ( وهو سني بالمناسبة) ، وبشهادة المنظمات الدولية ، هي كالاتي : نحو 80 بالمائة شيعة ، والباقي يتقاسمها الاكراد والتركمان والعرب السنة والمسيحيين والايزديين ، بينما ، وهنا نخاطب الازهر الشريف ، الشيعة في العراق يمثلون نحو 70 بالمائة من الشعب العراقي ، فاذا كان الشيعة هم من يقتل السنة ، كما يقول الازهر استنادا الى معلومات كاذبة مزيفة من البعثيين الصداميين والطائفيين الحاقدين ، لكانت نسب الضحايا اختلفت كثيرا وكثيرا جدا ، لذلك ندعو الازهر الشريف ان يبقى الازهر كما كان عبر تاريخه الطويل يمثل الوسطية والاعتدال في العالم الاسلامي في مواجهة التطرف والتكفير ، وان يبني مواقفه ازاء قضايا العالم الاسلامي على معلومات صحيحة وموثقة ، عملا بالمبدأ القراني الخالد : “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق