توجهٌ يمني نحو تطوير العلاقات الاقتصادية مع الجمهورية الإسلامية الايرانية
شهدت الأيام القليلة الماضية زيارة وفد حكومي يمني رفيع المستوى برئاسة مستشار رئيس الجمهورية اليمنية صالح الصماد للعاصمة الإيرانية طهران، ضمَّ الوفد هيئةً اقتصادية شملت عدداً من وكلاء الوزراء ومسؤولي الجهات الحكومية، ترددت الأنباء حينها أن الوفد يهدف من خلال زيارته إلى ترسيخ العلاقات الاقتصادية بين اليمن وإيران ورسم أطر للتعاون بين الدولتين في كافة المجالات خصوصاً الاقتصادية منها.
يقول صالح الصماد رئيس الوفد اليمني في مقالة له تناولت هذه الزيارة: ” العلاقات بين اليمن وإيران كانت أخوية وإيجابية لكن إرتماء الحكومات السابقة في أحضان بعض الدول أدى إلى التأثير سلباً على العلاقات مع إيران” وأكد الصماد “أن عودة العلاقات بين البلدين الشقيقين أمرٌ طبيعي ويصب في مصلحة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.”
إذاً فالعلاقات التي كانت تجمع اليمن وايران كانت رهينة السياسة اليمنية والتي كانت خاضعة بدورها للنفوذ الخليجي وخصوصاً السعودي، وفي الوقت الذي يحاول فيه الشعب اليمني استعادة استقلاله وإرادته الحرة، نراه يمدُّ اليد إلى كل الدول التي تعترف باستقلاله وسيادته كالجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا والصين، وما زيارة الوفد اليمني الأخيرة إلا ترجمة فعلية لهذا التوجه الجديد.
ولكن ما هي المصالح اليمنية التي أمنتها الزيارة اليمنية لطهران؟
تعهد الجانب الإيراني بتأمين احتياجات اليمن من المشتقات النفطية لمدة عام تبدأ بعد زيارة وفد من وزارة النفط للتفاوض حول إجراءات التنفيذ، كما تعهدت ايران بإنشاء محطات كهربائية يبدأ العمل فيها على مرحلتين، الأولى تبدأ بإنشاء محطة كهربائية بطاقة 165 ميغاوات بشكل عاجل يتم التفاهم حول اجراءات التنفيذ خلال شهر والثانية بإرسال خبراء لإجراء دراسة لإنشاء 3 محطات كهربائية بطاقة 1200 ميغاوات على المدى المتوسط لتغطية عموم محافظات الجمهورية اليمنية، كما تم التفاهم على قيام شركات إيرانية عملاقة بإعادة تأهيل وتوسعة عدد من المرافق الحيوية كالمطارات والموانئ أهمها توسعة ميناء الحديدة، وهناك تفاهمات في مجال التجارة والصناعة والمياه والطرقات.
وأبدت الجمهورية الإسلامية استعدادها للتعاون في مجال الصحة والزراعة وإنشاء محطات تحلية للمياه في تعز وعدن ومحافظات أخرى وكذلك في مجال الاستكشافات النفطية والثروة المعدنية.
كما تم توقيع اتفاقية في مجال النقل الجوي تسمح للطيران الإيراني وطيران الخطوط الجوية اليمنية بتسيير 14 رحلة إسبوعياً في كل اتجاه لكل شركة. وبموجب هذه الاتفاقية وصلت مطلع مارس/آذار الجاري رحلة مباشرة لطيران الجمهورية الإسلامية إلى مطار صنعاء الدولي قادمة من طهران، وفق اتفاقية بين الهيئة العامة للطيران المدني اليمنية وسلطة الطيران المدني الإيراني، مما يفتح الباب أمام التبادل التجاري بين البلدين ويفتح المجال أمام اليمن للاستفادة من خبرات الجمهورية الإسلامية في كافة المجالات وخصوصاً العلمية والتقنية منها.
يقول مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والإفريقية حسين عبداللهيان بما يتعلق باتفاقية النقل الجوي بين طهران وصنعاء: “إنها موقعة منذ عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح”. ولكن يبدو أن اليمن لم يكن يملك الإرادة والاستقلال السياسي لتطبيق هذه الاتفاقية التي تصبُّ في إطار ترسيخ العلاقات بين البلدين، هذه العلاقات التي تخافها كثير من دول مجلس التعاون وترى فيها تهديداً خطيراً لمصالحها ووجودها خصوصاً إذا ما تذكرنا وصية مؤسس الدولة السعودية عبد العزيز آل سعود إلى أولاده والتي قال فيها: “عزّكم من ذل اليمن وذلكم في عز اليمن” وأن ضمان رخائهم مرهون ببؤس اليمنيين حيث حذر أولاده من يمن قوي وموحد.
مستقبلٌ واعد:
يرى اليمنيون في الجمهورية الإسلامية قوة اقتصادية وسياسية هائلة يمكنهم من خلال التعاون معها وتفعيل المشروعات المشتركة فيما بينهما بناء اقتصاد وطني قوي ومستقل يتخلصون من خلاله من تبعية اليمن لدول مجلس التعاون، مما يتيح لليمن ممارسة سياسته الخاصة به بعيداً عن أي ضغوطات خارجية. خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار القوة النفطية والموقع الجغرافي والسياسي الذي تتمتع به إيران في المنطقة وتحولها إلى دولة نووية أبدت استعدادها مشاركة خبراتها العلمية والنووية مع جميع الدول الإسلامية ورغبة الجمهورية الإسلامية في أن ترى اليمن سليماً آمناً معافاً.