تغير تكتيكات أنقرة في التعاطي مع الأزمة السورية
المعاون السابق للرئيس التركي رجب طيب اردوغان, وزير الاقتصاد التركي السابق, المبعوث الى سوريا في تصريح له قال:”إن تنحي رئيس الجمهورية السورية سيؤدي الى اختلال النظام العام والأمن ويزيد من الضحايا في الحرب الداخلية السورية.”
من جهته, عبد اللطيف سنر, وزير الاقتصاد السابق التركي في تصريح مع وكالة اسبوتنيك قال: “يجب تشخيص هذه المسألة أن تنحي بشار الأسد, رئيس جمهورية سوريا يسبب الفوضى والاختلال في النظام والأمن كليا في البلاد.”
المبعوث التركي أثناء توجهه الى سوريا, أشار:”إن البنى التحتية والمؤسسات العامة والأمنية في المناطق التي يسيطر عليها النظام في دمشق تعمل بشكل سليم ولا يواجهها أي خطأ. وأنا متأكد ان تنحي الاسد أو أقصي( اذا أُقصيَ), فإن المجموعات المختلفة لا تمتلك أي مقومات سياسية ومعايير قومية ولا يتمتعون بأي فكرة عن الحكم أو المهارات الادارية. كل ما يعرفونه هو التدمير والتخريب.
المسؤول الحكومي التركي اشار الى فقدان معارضة موحدة في سوريا وفي ظل محادثات داخلية عقدت في كانون الثاني 2015 في موسكو, بدون أي نتيجة بين مسؤولين في النظام السوري وممثلين عن المعارضة, وتابع: “لم يتبق من الجيش السوري الحر سوى اسمه, وكل أعضائه انضموا الى داعش وجبهة النصرة وكافة المجموعات الارهابية المتشددة.
هذا وتتحدث معلومات عن مساع بوساطة روسيا لرعاية مفاوضات سورية جديدة وجدية موسعة لأول مرة منذ يناير 2014 وبعد المفاوضات الفاشلة التي عقدت تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف، سويسرا, وسط تقارير من منظمات عالمية تقدر أن عدد ضحايا الحرب الداخلية السورية وصل الى أكثر من 200 الف شخص حتى الآن.
وسط اجواء التسابق الاوروبي الى سوريا, الذي افتتحته الدبلوماسية الفرنسية التي توافدت الى دمشق لتبدأ معها جولة من الزيارات الدبلوماسية التي حملت الى دمشق رسائل بلهجة سلسة غابت عن خطاب هذه الدول إبان الازمة السورية,حيث سجلت هذه الزيارات فتح قنوات من الاتصال الدبلوماسي مع النظام السوري من نفس الدول التي حملت على النظام وكانت مشاركة في حملات اسقاطه بقسوة.
الانفتاح الاوروبي الذي تلاه انفتاح امريكي عبر عنه وزير الخارجية الامريكية كيري في الساعات الماضية, الذي لمح الى امكانية التحاور مع الرئيس السوري معترفا بانتصار الاخير وسط سلوك سياسي سوري منفتح على هذا المناخ الايجابي لكن بحذر شديد حيث اكد الرئيس السوري ردا على تصريحات كيري بان المهم ليس الكلام انما الافعال.
جولات متسارعة وتسابق دبولماسي عالمي لفتح قنوات اتصال مع النظام السوري, بشائر انتصار ضخم جدا حققه النظام الذي خاض حربا عالمية عليه شنتها الدول الاوروبية وامريكا والكيان الاسرائيلي وبعض الدول العربية بلباس ووجه التكفير والارهاب.
فالتقدم الميداني المذهل الذي سجل لصالح الجيش السوري من الشمال السوري الى الجنوب واقتراب الجيش من فرض واقع جغرافي جديد يتيح له السطيرة على كافة المناطق الحيوية في الجمهورية السورية ومحاصرة التواجد العسكري للمسلحين في جيوب معزولة ضعيفة يجري قضمها تبعا على شكل ممنهج,واقع جديد يثبت مستوى تهاوي المسلحين وانهيارهم وبالتالي سقوط المشروع الذي كان يُراهن عليه, مما استدعى تحريك عجلات العملية السياسية لتستنقذ كل الدول التي تورطت في الصراع السوري وراهنت على سقوط النظام والتزمت دعم الارهاب تحقيقا لاطماعها واشباعا لاحقادها.
كل هذا الواقع الجديد الذي يستعيد فيه الجيش السوري السيطرة والسيادة في الميدان في مقابل تقهقر المسلحين وانهيارات في صفوفهم تؤدي الى تراجع نفوذهم وانحسار قدرتهم وهذا ما يعجل من امد نهايتهم وسقوط مشروعهم على الساحة السورية بموازاة المتغيرات العراقية التي تعجل من تقريب اجل هذا الارهاب في الجغرافيا السورية العراقية.
هذا التغير الاستراتيجي الذي حققه التقدم العسكري للجيش السوري في مناطق حيوية في الجغرافيا السورية, دفع الوفود التركية الى تولي مهمة فتح قنوات اتصال مع دمشق برئيسها ونظامها عدو الامس, لتأسيس خط تواصل دبلوماسي يعول عليه الجانب التركي لفتحه وتوسيعه في ظل المتغيرات التي تؤشر الى امكانية القبول الدولي بانتصار الرئيس السوري وشعبه وجيشه, وبالتالي التراجع عن مشروع اسقاط النظام واطلاق تسوية قد لا يتولد عنها رحيل الرئيس كما كان يحلو للبعض الحالم في المنطقة وفي العالم.
تركيا, الدولة التي بالغت بمستوى التورط في الملف السوري, وقادت مشروع اسقاط النظام بشكل عنيف وعلني, وبادلت العلاقات القديمة بينها وبين النظام السوري بطعن وخيانة, يبدو أنها بدأت تقرأ التغيرات والتبدلات التي تصيب الصالونات السياسية الاوروبية ومؤخرا الامريكية حول مقاربة الملف السوري والعلاقة مع النظام بعد خمس سنوات من المواجهة الدموية التي لم توفر فيها هذه الدول وبشكل رئيسي تركيا اسلوبا عدائيا الا وجربته, فها هي تعود لتخفض رأسها امام الأسد الذي قارع دول العالم بجيشه وشعبه المتمرد الجبار, الذي لم ينحن للعاصفة وقارعها حتى كسر عنفوان وحقد وكبرياء الاعداء وحطم امالهم واحلامهم بسقوط النظام السوري القلعة الحصينة التي لن تكون بعد الانتصار كما قبله, مصير تهابه الدول التي أحرقت كل أوراقها مع الجار العنيد, وباتت تتوسل في الصالونات الدبلوماسية لتفتح قنوات اتصال تضمن لها الحصول على الغفران وتمهد لفتح ملف جديد وقائعه ومفرداته ومضمونه ليس كما كان يحلو لهؤلاء.
الحرب التي خاضها الجيش السوري والتي تكلل بانتصارات استراتيجية في مناطق حلب والحسكة والجنوب, وسط تمدد وتوسع لبقعة السيطرة الجغرافية للجيش النظامي مقابل انحسار وتراجع نفوذ الجماعات المسلحة الارهابية,ويضاف اليها الانتصارات الاستراتيجية للجيش العراقي والقوات الداعمة من الحشد الشعبي والعشائر وغيرها من الفصائل التي تتبنى مشروع القضاء على داعش والارهاب, وتخوض حربا للقضاء على الارهاب بفاعلية تفوق الحرب الفلكلورية التي تخوضها امريكا ومن ينضوي تحت جناحها في ما يسمى بحلف القضاء على داعش والارهاب,كلها عوامل ادت الى هبوب رياح المتغيرات التي تصب لصالح محور المقاومة وتؤشر لانتصار كبير جدا في العراق وسوريا سيترك تداعيات كبيرة جدا في الساحة , وهذا الانتصار يجد ترجمة له على موائد السياسة العالمية التي تتوافد الى سوريا وتتسابق للتمهيد لفتح قنوات دبلوماسية مع سوريا بنظامها الذي يرأسه الرئيس بشار الاسد.
فعلى وقع دوي القذائف وازيز رصاص الجيش السوري المنتصر في الميدان, وبموازاة الضغوط الدولية التي أوقعت تركيا في عزلة سياسية جراء فشل المشروع التركي في سوريا والمنطقة وانتهاء دور تركيا بفشلها, وسط محاولات يائسة لكسر جدار العزلة من قبل حكومة اردوغان, ومع رفرفة العلم العراقي الموحد على اليات القوى العسكرية والامنية العراقية التي تسحق داعش ومثيلاته على ارض العراق وتؤسس لمرحلة جديدة تنهي فيها التصاعد السريع لهذا التيار التكفيري وتؤسس لمرحلة ازالته عن الجغرافيا السورية العراقية, كلها بشائر مرحلة جديدة أقنعت تركيا بضرورة تغيير مواقفها ولو متأخرة, وأجبرتها على انتهاج مسار سياسي تعبر عنه الكلمات التي صرح بها الموفودن الاتراك الى سوريا لمجاراة ما صرح به قبلهم الدبلوماسيون الفرنسيون وبعدهم وزير الخارجية الامريكي مؤخرا الذي كاد يعلن انتصار الرئيس الاسد في الحرب الجارية !!