التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

الفلسطينيون والفتن التي تعصف بنا 

جمال كامل /

كنت شاهدا على حوار دار بين شخصين حول الفتن التي تعصف بمنطقتنا، وكان حوارا رتيبا، الى ان طرح احدهما موضوع التحاق بعض الفلسطينييين بـ”داعش” او “النصرة” او التنظيمات التكفيرية الاخرى، وتنفيذهم عمليات انتحارية ضد مواطنين ابرياء عزل في العراق وسوريا ولبنان، وهو ما احتج عليه الثاني بالقول ان الفلسطينيين ليسوا استثناءا ومن حقهم ان تكون لهم مواقف من مجمل ما تشهده المنطقة شأنهم شأن باقي اشقائهم العرب.

الاول عاد واكد ان استغرابه من موقف بعض الفلسطينيين والتحاقهم بالتنظيمات التكفيرية وتنفيذهم عمليات انتحارية يذهب ضحيتها الابرياء من العراقيين والسوريين واللبنانيين، يعود الى الخصوصية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، فهو شعب ويرزح تحت الاحتلال منذ ستين عاما، وان العصابات الصهيونية ترتكب كل يوم ابشع الجرائم بحق المقدسات والانسان الفلسطيني، فمن المستغرب ان يترك الفلسطيني مثل هذا العدو الذي يعمل على حذف الشعب الفلسطيني من الجغرافيا والتاريخ، ويذهب ليفجر نفسه في اشقاء له في القومية والدين في شوارع بغداد ودمشق وبيروت.

هنا وعندما قدم الاول قائمة باسماء الفلسطينيين الذين قاموا بعمليات انتحارية، علل الثاني هذا الامر بالوضع المزري الذي يعيشه الفلسطينيون في المخيمات السورية واللبنانية وكذلك في العراق، الامر الذي يدفعهم للانتقام4 ، فرد الاول ليسوا كل الفلسطينيين الذين التحقوا بالمجموعات التكفيرية هم من ابناء المخيمات فهناك كثيرون منهم سافروا من اراضي 48 بجوازات سفر اسرائيلية الى تركيا ومن ثم دخلوا سوريا، وكانت اوضاعهم الاقتصادية جيدة.

ومن اجل ان يثبت صحة رؤيته اضاف الاول ان المتعاطفين مع المجموعات التكفيرية من الفلسطينيين، لا ينحصرون بالمجموعات القادمة من المخيمات، بل هناك العشرات من الكتاب الفلسطينيين المرفهين ماديا يسودون باليوم مئات الصفحات، لا للدفاع عن فلسطين، قضيتهم الاولى، بل للدفاع عن المجموعات الارهابية التي تدمر سوريا والعراق وتهدد لبنان، ويشنون بالمقابل هجوما قاسيا وبلغة طائفية مقيتة، على محور المقاومة، مثل ايران وسوريا وحزب الله، وينفخون في نار الفتنة الطائفية، خدمة للعدو الصهيوني.

هنا رايت ان اقول رايي في الموضوع، فقاطعتهما معتذرا وقلت، ان الفلسطينيين يشكلون ادنى نسبة من بين العرب الذين التحقوا بـ”داعش” و القاعدة وباقي المجموعات التكفيرية، وذلك بسبب المستوى العلمي والثقافي والوعي الوطني العالي الذي يتمتع به الشعب الفلسطيني، وتركيزه على قضيته، بوصفها بوصلته الثابتة التي يحدد بها الصواب من الخطأ والحق من الباطل، لذا فالذين التحقوا من الفلسطينيين بهذه المجموعات، هم اشخاص لا يتمتعون بمستوى ثقافي يعتد به، وان الطائفية التي سيطرت على نفوسهم وانستهم قضيتهم وارضهم وشعبهم، قد تسللت اليهم من نافذة الجهل، فالجهل مرض خبيث لا يميز بين فلسطيني وغيره.

اما بشأن الكتاب والصحفيين الفلسطينيين الذين يتهجمون على محور المقاومة بلغة طائفية كريهة، فقلت، هؤلاء ايضا لا يمثلون شيئا قياسا بعدد الصحفيين الفلسطينيين، الذين يدافعون عن هذا المحور، كما انهم لايمثلون شيئا قياسا بالصحفيين العرب، لاسيما الخليجيين، الذين ينفخون بنار الطائفية، بل اكثر من ذلك، قلت : ان الصحفيين الفلسطينيين الذين يتحدثون بلغة طائفية خبيثة، لا ينطلقون من دوافع طائفية، ومن وراء خطابهم هذا، ويمكن اعتبار ما يفعلونه نوعا من الارتزاق، فطلاق صفة المرتزق الصق بهم من صفة الطائفية، وكان لابد ان استشهد بمثال فذكرت الصحفي الفلسطيني وائل عصام، المعروف بلغته الطائفية الكريهة المقززة، فهذا الرجل وان كان من الصعب اطلاق صفة صحفي عليه، لسبب بسيط، وهو انه لا يمكن ان يمارس مهنة الصحافة في وسيلة اعلامية محترمة، لانها لا تتحمل مثل هذا الخطاب، لذلك نراه يرتزق بهذه اللغة القبيحة عند الخليجيين دائما، فهو يعرف جيدا ماذا يريد منه اصحاب وسائل الاعلام التي يمتلكها الخليجيون، لذلك نراه يتحدث بلغة طائفية الى درجة الغثيان، لمجرد ارضاء من يدفعون له.

على سبيل المثال نقتطع بعض جمل من مقال اخير لوائل عصام هذا، كتبه في صحيفة “القدس العربي” القطرية الطائفية، يتناول فيه عمليات تحرير الشعب العراقي، بمختلف اطيافة، لاراضيه من احتلال “داعش” بمساعدة ايران، حيث يقول:

-يشير قاسم سليماني إلى خريطة للعراق ويقول مخاطبا سياسيين سنة مشاركين في الحكومة في اجتماع خاص، انظروا.. حماية بغداد من تنظيم الدولة هو حماية للأمن القومي الإيراني.

-من يتحدث إليهم كانوا قادة أحد الأحزاب السنية التي شاركت في الحكومة العراقية، وتحالفت أمنيا وسياسيا مع حملة الميليشيات الشيعية حتى اليوم، ممن يطلق عليهم البعض “سنة سليماني”.

-تكريت .. إضافة إلى رمزيتها السياسية كمركز لتنظيم الدولة ومسقط رأس صدام حسين وصلاح الدين الأيوبي، وكلهم أعداء تاريخيون للشيعية السياسية.

-بثلاثين ألف مقاتل هاجمت الميليشيات والقوات الحكومية تكريت، مدعومة بدبابات إيرانية وامريكية، وخبراء وضباط الحرس الثوري على رأسهم سليماني.

-صحيح ان مهمة «تنظيم الدولة» بفك الحصار عن تكريت لن تكون مهمة يسيرة، لكنها ليست مستحيلة.

-في ديالى نجحت بسهولة مهمة سليماني لانها محافظة مختلطة طائفيا وعرقيا، ولا تشكل حاضنة ارتكازية للتنظيم، على عكس الفلوجة التي ستبقى الاصعب في خطته.

للاسف ان الحاجة تحول الانسان الى مرتزق، والمرتزق لا ينحصر عمله في تنفيذ عمليات قتل مدفوعة الثمن، بل يتعداه الى زرع الفتن واثارة النعرات الطائفية والاحقاد المذهبية، بهدف ضرب امن واستقرار الدول والمجتمعات العربية، لتفكيكها وتشتيتها وشرذمتها، كما يخص الان، خدمة مجانية للكيان الصهيوني المغتصب لاقدس مقدسات العرب والمسلمين.

قراءة سريعة لهذيان هذا الرجل تكشف عن:

– حماسة غير اعتيادية للدفاع عن “داعش”.

-انه مستعد حتى لاتهام “سنة” العراق بانهم “سنة سليماني”، لانهم وقفوا في وجه “داعش”.

-انه ينظر الى “داعش” كانها صلاح الدين الايوبي.

-عن حجم الكذب الذي يسرده دون خجل عن ارتال لدبابات ايرانية وامريكية تقاتل “داعش”.

-عن اماني خبيثة بهزيمة الشعب العراقي امام”داعش”.

– عن ان جميع مناطق اهل السنة حواضن لـ”داعش”.

رغم كل ذلك يبقى الارتزاق على دولارات النفط الخليجي ليس حكرا على بعض الفلسطينيين من امثال وائل عصام، فهم اقلية قليلة اذا ما قيسوا بغيرهم من العرب الذين تتحرك عجلة الاعلام الخليجي الطائفي بهم، الا ان اسم الفلسطينيين يبرز اكثر من اشقائهم العرب الاخرين، بسبب غرابة ان يتحدث الفلسطيني بهذه اللغة، التي سيدفع الشعب الفلسطيني اضعاف ما تدفعه الشعوب الاخرى، في حال اصبحت اللغة الوحيدة التي تتحدث بها شعوب المنطقة، كما يريد الاعلام الخليجي ذلك بدفع من الصهيونية العالمية.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق