“داعش” وقبر صدام
نبيل لطيف /
لقطات بثتها وكالة اسوشيتد برس للأنباء قبل ايام ، اظهرت تعرض قبر صدام في قرية العوجة الى تدمير كامل جراء القتال بالقرب من مدينة تكريت ، وعلى الفور وجدت وسائل الاعلام الطائفية والفتنوية ، من خليجية وبعثية صدامية ، في الخبر دليلا على “الحرب الطائفية” التي تُشن على “السُنة” و “العروبة” في العراق ، من قبل “الفرس المجوس” و “الصفويين” ، و “الميليشيات الشيعية”.
وزاد من شدة السموم الطائفية التي تبثها وسائل الاعلام والفضائيات المفضوحة والحاقدة ، تصريحات نسبتها وكالة الاناضول ، الى رئيس عشيرة صدام ، الشيخ حسن الندا ، نفى فيها تدمير قبر صدام على يد “داعش” ، او خلال القتال لطرد “داعش” من تكريت ، متهما قوات الحشد الشعبي بانها هي من دمرت القبر وقال ما نصه: إن “تنظيم داعش لم يفجر الضريح الذي دُفن فيه جثمان صدام ، وإنما الحشد الشعبي .. كان ذلك في أغسطس (آب) من العام الماضي”.
اما الرواية الرسمية العراقية ، ان “داعش” قامت بتفخيخ ما حول البناية التي تضم قبر صدام ، الواقعة بقرية العوجة جنوب تكريت، وأثناء تقدم القوات العراقية قصفت “داعش” المنطقة وفجّرت العبوات لتدمير ما تبقى من المبنى ، الذي كان قد تعرض الى تدمير جزئي وتمة سرقة محتوياته في شهر آب / اغسطس الماضي كما اعلنت “داعش” حينها.
كل الحقائق على الارض ترجح كفة الرواية الرسمية للحكومة العراقية ، وتفضح في المقابل كذب رواية الطائفيين والصداميين ومن ورائهم الاعلام الخليجي الحاقد ، وهذه الحقائق هي:
-يقول رئيس عشيرة صدام ان القبر دُمر من قبل قوات الحشد الشعبي في شهر اب / اغسطس الماضي ، بينما الجميع يعلم ان الموصل وتكريت ومن ضمنها العوجة التي تضم قبر صدام ، احتلت من قبل “داعش” يومي 10 و11 حزيران / يونيو الماضي ، ومضى على الاحتلال “الداعشي” نحو شهرين ، اي في منتصف شهر اب / اغسطس ، حتى تم انشاء قوات الحشد الشعبي بعد فتوى سماحة السيد السيستاني ، فكيف تمكنت قوات الحشد الشعبي التي لم تكن موجودة اصلا ، من تدمير القبر ، والقبر كان تحت سيطرة “داعش”؟.
-عندما لا ترحم “داعش” اضرحة الانبياء (ع) والصحابة الاجلاء(رض) ، والتراث العراقي الذي لايقدر بثمن ، وتعبر تدمير القبور وتسويتها بالارض من صميم عقيدتها ، ترى لماذا تستثني “داعش” قبر صدام ؟.
-ان الخوف من “داعش” هو الذي دفع عشيرة صدام ، الى الاعلان عن نقل جثمانه إلى مكان آمن بعد اجتياح “داعش” تكريت والعوجة في يونيو/ حزيران الماضي ، اي ان عشيرته كانت تخشى على القبر من “داعش” ، والا فالقبر موجود منذ عام 2006 ، ودفن هناك بعد ان سلمت السلطات العراقية جثمان صدام لعشيرته ، ولم تتصرف معه كما تصرف هو مع معارضيه وضحاياه ، عندما كان يلقي بهم في احواض التيزاب ، وفي مكائن الثرم ، والى الحيونات المفترسة.
-لماذا يجب ان يبقى قبر صدام قائما بينما تتهدم قرى وبلدات في المعارك الشرسة التي يخوضها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي وابناء العشائر ضد الاحتلال “الدواعشي”؟.
-“داعش” فخخت الاف المنازل والمدارس والجسور وحتى الشوارع والازقة لمنع تقدم الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي وابناء العشائر ، ترى لماذا تستثني “داعش” قبر صدام من التفخيخ ، وهي تعلم انه سيكون مكانا لتواجد القوات العراقية عند تحرير العوجة؟.
-الملفت ان الطاقم الاعلامي لوكالة اسوشيتد برس ، كان مصاحبا للجيش العراقي ، الذي وفر الحماية للطاقم للدخول الى العوجة وتصوير قبر صدام ، فهل يعقل ان الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي ، يصطحبون معهم من سيوثق مسؤوليتهم عن تدمير القبر ، لو كانوا حقا هم من فعل ذلك؟.
-المعروف ان قوات الحشد الشعبي ، هي قوات منضبطة ، وتعمل تحت قيادة موحدة ، هدفها تحرير ارض العراق من دنس “داعش” ، وتقديم العون لاهلهم في المناطق التي نُكبت ب”داعش” ، فهل يعقل ان تجازف هذه القوات بالتضحيات الجسيمة التي قدمتها ، بممارسات لا اهمية لها قد تدفع بالريح الى طاحونة اعداء الشعب العراقي؟.
ان السبب الاول والاخير لما يعانيه الشعب العراقي اليوم ، هو النظرة الطائفية الضيقة التي ينظر بها بعض اشقائه العرب اليه ، فهذه النظرة تحول “داعش” ، التي طفقت وحشيتها الافاق ، الى حمل وديع ، فقط عندما يحاربها العراقيون لاسيما الشيعة ، عندها كل ما يحصل في المعركة من هدم للبيوت، او تفجير للجسور ، او احراق للمساجد والكنائس ، او العثور على مقابر جماعية ، او سقوط قذائف على احياء سكنية ، او اختطاف مواطنين ابرياء ، او العثور على جثث مقطوعة الراس ، او.. سيكون من فعل “المليشيات الشيعية” ، وليس “داعش” ، كما ذهبت الى ذلك مشيخة الازهر، ف”داعش” براء من كل ذلك ، كما برأها شيخ عشيرة صدام من هدم قبر الاخير.