التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

مازالت تكريت تفاجئنا.. 

باسم حسين الزيدي /

ما زالت تملك الحملة العسكرية التي تشنها القوات العراقية ضد “تكريت” المزيد من المفاجئات في جعبتها، ويبدو ان “صندوق باندورا” الذي فتحته الولايات المتحدة الامريكية في العراق بعد غزوها له عام 2003، وخرجت معه كل الشرور (الحركات المتطرفة، الفساد الحكومي، الارهاب، الطائفية…الخ)، باستثناء قيمة “الامل” (بحسب الاسطورة الاغريقية)، التي تحاول الولايات المتحدة اخراجها، لكن من تكريت! الغريب في امر الحملة العسكرية التي شكلت قوات “الحشد الشعبي” نسبة 90% من مجمل القوات المشاركة في تطهير مدينة تكريت من عناصر تنظيم “داعش”، وشارك فيها ما يفوق الـ(25) الف مقاتل، انها بدأت بصورة قوية واستعادت مساحات واسعة من محافظة صلاح الدين وصولا الى محاصرة تكريت مركز المحافظة، خلال 3 اسابيع فقط، ولم تسجل خلالها اي انتهاكات او عمليات انتقامية قد تستهدف ابناء المدينة (السنة)، على الرغم من رفعها لشعارات “الثأر لشهداء سبايكر”، (التي قضى فيها مئات من الجنود العزل على يد التنظيم بالقرب من قاعدة سبايكر في حادثة معروفة لدى الجميع)، وحرر ما يقارب من 8000 كيلومتر خلال 11 يوما، بحسب تصريحات الأمين العام لمنظمة بدر “هادي العامري”، بخلاف ما جاء في تقرير “البنتاغون” الذي أصدرته في اواخر كانون الثاني من العام الحالي، واشارت فيه الى أن “داعش لم يخسر حتى الآن سوى 700 كيلو متر مربع من الأراضي في العراق، أي 1% فقط من مساحة 55 ألف كلم مربع التي سيطر عليها خلال عام 2014″، اي بعد اكثر من 5 اشهر على مباشرة قوات التحالف بغاراتها الجوية، اضافة الى مشاركة قوات “البشمركة” الكردية والقوات الحكومية في القتال. لكن سرعان ما توقفت الحملة عند اطراف “تكريت”، والاسباب المعلنة (وغير المعلنة) تنوعت بين “الضغوط السياسية” والمخاوف من “الهيمنة الايرانية”، والقلق المزعوم من حدوث “انتهاكات ضد السنة”، اضافة الى الحديث عن عدم قدرة القوات العراقية التقدم امام (250 عنصر من داعش المحاصرين في تكريت على اعلى تقدير استخباري)، بسبب تحول المدينة (وبالأخص مجمع القصور الرئاسية التي يتحصن بداخلها اعضاء التنظيم) الى مدينة “الغام ومفخخات بدائية”، فضلا عن انتشار “عناصر القنص” التابعة للتنظيم، وهنا قفز على السطح وبصورة مفاجئة، الحاجة، اولاً، الى تدخل “التحالف الدولي” (الولايات المتحدة الامريكية) الجوي، من خلال “عين على السماء” والتي تشمل طلعات استطلاعية دعما للعملية المتوقفة في تكريت بطلب من الحكومة العراقية، والى امكانية ان تتقدم الحكومة العراقية بطلب رسمي الى الحكومة الامريكية “بطلعات جوية” لقصف مواقع التنظيم داخل المدينة ثانيا، وهو طلب اكتملت صياغته النهائية ويمكن الاعلان عنه خلال الايام القليلة المقبلة. الغريب في الامر ان الولايات المتحدة تملك التفويض من قبل الحكومة العراقية في قصف معاقل تنظيم داعش في العراق (وهي تقصف معاقل التنظيم في سوريا من دون تفويض رسمي من النظام السوري اساسا)، منذ قيام التحالف الدولي بأولى مهامه الجوية، فلماذا هذا الاصرار على تقديم طلب رسمي خاص بمدينة تكريت؟. الامر المستغرب ايضا، اصرار حلفاء الولايات المتحدة الامريكية المنزعجين من ايران، وحلفاء ايران المنزعجين من الولايات المتحدة الامريكية، على تقديم روايتين متناقضتين عن طبيعة المعركة وعلاقة ايران بالولايات المتحدة الامريكية؟ فحلفاء الولايات المتحدة الامريكية، صرحوا بمخاوفهم من التقارب الايراني- الامريكي، والتعاون القوي بين امريكا وايران لمكافحة تنظيم داعش، والهيمنة الايرانية على العراق الذي يجري تحت انظار الولايات المتحدة الامريكية، والذي اختصرته عبارة “الارض لإيران والسماء لأمريكا”. فيما أكد حلفاء إيران عدم وجود اي تعاون مع الولايات المتحدة الامريكية، وان ايران تقدم الدعم والاستشارات العسكرية للقوات العراقية، ولا حاجة لمشاركة الولايات المتحدة الامريكية الجوية في عملية تحرير تكريت. وسط هذا التباين هل يمكن عمل مقاربة قد تجمع خيوط اللعبة بين النقيضين؟ خصوصا وان الولايات المتحدة التي صورت الامر على انه استنجاد بها من قبل الحكومة العراقية للخروج من مأزق تكريت، وفي حال قدمت الحكومة العراقية هذا الطلب، اكد دبلوماسي غربي إنه “سيقابل بشكل إيجابي”، واضاف “فور حدوث ذلك وتلقينا الطلب سنفعل أي شيء يطلب منا”، وربما يعني تدخل الولايات المتحدة الامريكية في تكريت “جوا” مقاربة تحتمل عدة وجوه: – رسالة الى الحلفاء المنزعجين من وجود ايران على الارض بأن الامر تحت سيطرة الولايات المتحدة الامريكية، فلا داعي لتفسير الامور اكبر من حجمها الطبيعي. – رسالة الى الحكومة العراقية وايران بان اللمسة الاخيرة ينبغي ان تكون من اختصاص الولايات المتحدة الامريكية في تكريت اولا وفي الموصل لاحقا، حتى لا يتم تجاوز الخطوط الامريكية. – قد تعني ان هناك تعاونا حقيقيا بين ايران والولايات المتحدة الامريكية، وانه انتقل الى مستوى اعلى من خلال تنسيق جوي- بري بين الطرفين لمساعدة الحكومة العراقية في تكريت التي تعتبر اختبارا حقيقيا لمعركة الموصل القادمة. ويبدو ان لتكريت المزيد من المفاجئات في قادم الايام.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق