العدوان السعودي.. عدّ الفراخ في آخر الخريف!
علاء الرضائي /
منذ أيام وبعض العرب مشغولون بـ”عاصفتهم” و”حزمهم” بين مؤيد لها ورافض لحيثياتها ومآلاتها.. عاصفة باركتها أميركا وفرنسا (وأسرائيل بالطبع) وشارك فيها كل حلفاء “ماما أميركا” ومهادنون للصهاينة من عرب وعجم.. وفي مقدمة هؤلاء اعضاء معسكر الاعتدال العربي والمتمسكون بمبادرة السلام مع الصهاينة، أي المعسكر الذي لايدفع ضيماً ولايجلب خيراً ولم يحرر أرضاً ولم يرفع رأساً لأمة العرب التي مزقتها الطائفية ودمرتها روتانا وأخواتها.
عرب كامب ديفيد ووادي عربة ومكاتب الاتصال ومبادرة السلام، ظهرت فحولتهم فجأة على فقراء الشعب اليمني، فأسرعوا حتى قبل قرار من قمتهم على شبه الجزيرة المنقوصة السيادة (سيناء) الى قصفه بذات الاسلحة التي قصفت بها غزة ومن قبلها العراق وليبيا، فمصدر السلاح واحد والراعي نفسه.. والأغرب ان الاعلان عن العدوان جاء من واشنطن دون التنسيق معها!
أما مبررات وحجج هذا العدوان فهي من الوهن الى حدّ لا يصدقها حتى النعاج التي تحدث عنها وزير خارجية قطر السابق.. فمّرة يقولون انها بطلب من الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي، الذي فرّ من صنعاء الى عدن التي أعلنها عاصمة مؤقتة له، ثم من عدن الى الرياض، فأية شرعية لهذا الفار المستقيل المنتهية ولايته منذ فبراير 2014؟!
ولا أدري لماذا لم يستجب نظام كامب ديفيد الى مجرد فك الحصار عن غزة المحاصرة منذ عقد من الزمان رغم مناشدات الكون برمته.. فهل يخاف الصهاينة أم أنه شريك في المؤامرة؟!
وأخرى يسندونها الى اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي تتعلق بالعدوان الخارجي في حين ان هذه البلدان هي من جرت الاجانب لاحتلال البلاد العربية وضربها، حتى اليوم فأنهم يدعون تركيا العضوة في الناتو وباكستان المحمية الاميركية للمشاركة في العدوان.. فاي دفاع عربي مشترك؟!
وثالثة بتهديد الحوثيين وحلفائهم للأمن الدولي في باب المندب.. اذا كيف تحاصر البوارج السعودية والعربية والغربية اليمن ومدينة عدن.. ومن اين هدد الحوثي باب المندب والفرنسيون والأميركيون يسيطرون عليه منذ عشرات السنين.. حتى الصهاينة موجودون بالقرب منه وعلى الجهتين منذ العدوان الثلاثي على مصر قبل كامب ديفيد؟!
اذا أرادوها حرباً تحت شعار طائفي، لأن سياسة قبلتهم أميركا في المنطقة هي الفتنة الطائفية والتي تعتبر السعودية وأخواتها الخليجيات (بأستثناء سلطنة عمان) والأردن وتركيا وباكستان مبدعيها ومصدريها ومموليها.. طائرات تقصف من الجو وبوارج من البحر ومرتزقة القاعدة والزنداني وآل الأحمر والأفساد (الأصلاح) يقتلون ويذبحون ويفجرون على الأرض.. وكل الشعب اليمني مستهدف، فأما زيود “رافضية” أو شوافع “مرتدين” أو علمانيين “كفرة” أو موليين للمشروع “المجوسي الصفوي” المقاوم!
لكن نقول لهؤلاء المعتدين ومن معهم: الأمور بخواتمها وكما يقول المثل: عدّ الفراخ يكون آخر الخريف!… “فمهلا مهلا.. لا تطش جهلا.. أنسيت قول الله تعالى: انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين”.
نعم.. من جرب المجرب ندم، هذا الحوثي هو نفسه الذي حاصرتموه قبل 5 سنوات في جبال صعدة والحق الهزيمة بكم، وهو اليوم لا يمثل صعدة وحدها بل كل اليمن، والاّ بالله عليكم كيف أستطاع أن يبدد ما نسجتموه خلال عقود ويتقدم حتى عاصمة الجنوب التي أحتلها مرتزقة “أرجوزكم” رغم قصف بوارجكم و185 من غربانكم.. أليس هذا لأن الشعب اليمني هو الذي يقف خلف هذه الحركة والثورة التي أرعبتكم وقضت على نفوذكم الفاسد ومرتزقتكم الفاسدين.
انها ثورة العراة والحفاة والمستضعفين الذين يقاتلون أستكباركم وسرقاتكم وتطاولكم على تاريخه وحاضره.. واذا كان عدوانكم سيسفك المزيد من دمه فأنه سيزيد عنده منسوب الأمل بالتحرر منكم ومن نظرتكم الفوقية لأصل العرب وموطن حضارته في زمن الجهل والبداوة..
وقد يثير العدوان السعودي على اليمن تساؤلات كثيرة، منها:
1. ما مدى تأثير القصف الجوي والحصار البحري على الداخل اليمني ووحدة القوى المقاومة للعدوان؟
2. ما هي استراتيجية الردّ من قبل المقاومة؟
3. الى أي مدى سوف يستمر العدوان وما هي تأثيراته على المعتدين؟
4. هل سيكون هناك تدخل برّي وما هي نتيجته؟
وفي معرض الاجابة بالاجمال، نقول: الى الآن لم يتصدع الحلف المقاوم والذي يضم بداخله مقاومين بنسب متفاوته، متفقون كلهم على ردّ العدوان الخارجي وحل قضايا بلدهم دون وصاية خارجية.. كما ان وحشية القصف والمعتدين والتي تجلت يوم أمس بمجزرة مخيم النازحين والتي وصفت بأنها “قانا اليمنية” ستزيد من كراهية السعودية وحلفائهم ومرتزقتهم الذين فرّوا من ساحات المواجهة الى فنادق الرياض وجدة، وسيزداد التفاف الشعب اليمني حول المقاومة والجيش الوطني.. فلن يقبل اليمنيون أهل الكرامة والرجولة أن يقودهم متسكع جبان.
أما استراتيجية الرد وتبعاتها، فقد مضت ستة أيام على العدوان وردود فعل اليمن محدودة ببعض العمليات التي كبدت السعوديين خسائر في عقر دارهم والتي حاصرها الاعلام الخليجي ومرتزقته، لكن يمكن بشكل عام الاشارة الى ان استراتيجية اليمن بجيشه ولجانه الشعبية تقوم على الركائز التالية:
1. امتصاص الضربة الأولى، التي حاول السعوديون جعلها على غرار الهجوم الصهيوني على مصر عام 1967! وقد تم ذلك للمقاومة في اليمن من خلال حجم وارقام المواقع التي جرى استهدافها والضحايا العسكريين الذين خلفهم القصف، حتى ان المعتدين سرعان ما تحولوا الى قصف المدنيين والبنى التحتية العامة في الدولة الكهرباء ومحطات الوقود والمطارات المدنية والاحياء السكنية.
2. استمرار التقدم نحو عدن وتحريرها من مرتزقة السعودية، مع ان عمليات العدوان تركز للحيلولة دون وقوع ذلك، لكن تقدم القوات اليمنية يفيد اولا بفشل العدوان في تحقيق ذلك وبأولوية تنظيف الداخل من المرتزقة قبل التوجه تماما للعدوان الخارجي.
3. من المحتمل جداً ان يعتمد اليمن استراتيجية المقاومة في لبنان وغزة، أي الهجمات الصاروخية والعمليات النوعية، خاصة وان ترسانة الجيش اليمني لا تخلو من انواع متعددة منها، وبأمكانها ان تهدد مدن العدوان ومنشآته وفق مبدأ السنّ بالسنّ.
4. لعله من مصلحة اليمن استدراج القوات المعادية الى داخل اراضية في مواقع محددة، لأنه يفقد بعض الانتهازيين الاقليميين والدوليين مبرر دخول الاراضي السعودية، ويجعل القوات المعتدية تائهة بين تضاريسه الوعرة والصعبة، مما سيكبدهم خسائر فادحة تؤدي الى هزيمة منكرة وفضيحة كبرى وسبباً في تصاعد الخلافات بين أمراء آل سعود خاصة وان بعضهم يعارض العدوان على اليمن.
واذا ما انتهى الأمر بتحرير جازان ونجران او أجزاء منهما، لأنهما منطقتان يمنيتان محتلتان بالأساس ونسيجهما السكاني يعتبر معادي للحكم السعودي المتحالف مع الوهابية، فأن ذلك يعني نهاية المملكة.
ان فشل استراتيجية العدوان يعني نهاية السعودية ودورها في السياسة الصهيوأميركية، لذلك هي تحاول بشتى السبل ولو بالمجازر والتدمير الحيلولة دون ذلك، وفي المقابل يعني تحول اليمن الى واحدة من أقوى دول المنطقة والعالم العربي، بالموارد التي يمتلكها وقواه البشرية التي تزيد على نفوس خمس دول خليجية مع المقيمين فيها ومعهم الأردن!
ولانحتاج لنذكر بأن القصف والتدمير وقتل المدنيين لايحسم معركة ولا يفرض صيغة حلّ، وان الذي يحسم المعركة هو ارادة الشعوب والاعتماد على الذات بعد التوكل على الله، أما الذين بدأوا عدوانهم بمرتزقة من شرق الأرض وغربها فعليهم أن يعدّوا فراخهم آخر الخريف كما يقول المثل الايراني!