العدوان السعودي علي الشعب اليمني وتداعياته علي المشهد السعودي؛ داخلياً وخارجياً
تشن السعودية منذ عشرة أيام عدواناً عسكرياً تحت مسمى”عاصفة الحزم” على اليمن تحت ذريعة استعادة شرعية مفقودة من رئيس منتهية ولايته، قدّم استقالته في أصعب الظروف التي مرّت بها البلاد فضلاً عن كونه اليوم هارباً إلى الرياض يستنجد بالغرباء ليقتل أهله وناسه. الضربات الجوية للتحالف العربي بقيادة السعودية لم تمنع الجيش اليمني واللجان الشعبية من التقدم ميدانياً في مواجهة القاعدة وأتباع هادي، كما أن التدخل البري الذي طرحه مجدداً المتحدث باسم “عاصفة الحزم” أحمد عسيري “في حال دعت الحاجة” سيكون له نتائج كارثية على السعودية والأسرة الحاكمة، ولا نبالغ اذا ما قلنا إن الجيش اليمني واللجان الشعبية ينتظرون هذه اللحظة بفارغ الصبر كي ينزلوا جام غضبهم على القوات المعتدية .
الحرب السعودية التي يقودها شاب ثلاثيني(محمد بن سلمان) لا يملك أي خبرة عسكرية، بل أصبح بين ليلة وضحاها أصغر وزير للدفاع في العالم، دفعته الحماسة إلى التورط في المستنقع اليمني كما أنه حالياً من دعاة التدخل البري خلافاً لما يراه ولي ولي العهد “محمد بن نايف” حسبما أفاد المغرد السعودي الشهير “مجتهد “.
لاشك أن العدوان الحالي سيؤثر سلباً على المشهد السعودي في القادم من الأيام سواء في الداخل أو في الخارج، ولن تنجح السعودية بقيادة شاب “طائش”، وهذه هي المرة الأولى التي تأخذ فيها السعودية زمام المبادرة وتقود حرباً، حيث اكتفت في حرب تحرير الكويت ضد الرئيس العراقي صدام حسين (١٧ يناير إلى ٢٨ فبراير ١٩٩١) بالانضمام إلى التحالف الدولي الذي قادته أمريكا، في هز كرامة شعب عظيم سطّر أروع الملاحم البطولية على مرّ التاريخ، لذلك إن تداعيات العداون السعودي الأمريكي على الشعب اليمني هي كالتالي :
داخلياً
تعيش السعودية اليوم حالةً من عدم الاستقرار الداخلي وخاصةً بعد استلام سلمان للحكم وإطاحته برموز سلفه عبدالله، لذلك فإن العدوان سيثير أزمات عدّة في الداخل السعودي أبرزها في البيت الداخلي لآل سعود حيث طرح في الآونة الاخيرة خلاف بين المحمدين(محمدبن سلمان ومحمد بن نايف) حول قضية التدخل البري، الأمر الذي قد يؤدي لتحجيم الأخير وربما الإطاحة به اذا نجح الأول في إقناع والده بذلك خاصةً أنه يرأس ٣ مناصب أساسية في المملكة: وزارة الدفاع ورئاسة الديوان الملكي ورئاسة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي يقوم بترتيب كل ما له صلة بالشؤون الاقتصادية والتنموية .
تداعيات هذا الوضع ستؤسس لبداية إشعال ثورة هناك، وقد سمعنا عبر وسائل الاعلام ان الوليد بن طلال ينبه باكراً بأن هذه بداية نهاية حكم آل سعود ونصحهم بالرجوع عن غيهم في محاربة اليمن لانها ستكون اول مطب أو اول مستنقع يغرق فيه آل سعود كما فعلوا مع صدام حسين عندما أغروه بدخول الكويت ثم قضوا عليه، كما طالب كبار العائلة بوقف ما أسماهم الصبية المتهورين امثال محمد بن سلمان ومحمد بن نايف من اللعب بمستقبل السعودية وسلامتها .
مع استمرار العدوان تتكشف الخلافات والانقسامات الحادة بين افراد العائلة الحاكمة حول تداعيات العدوان على مصير العائلة، خاصةً أن ولي العهد، مقرن بن عبد العزيز أعرب عن مخالفته للعملية العسكرية لينضم الى المعارضين بشكل خفي نجل الملك الراحل ووزير الحرس الوطني متعب بن عبدالله، كما أن خالد بن طلال هو الاخر انضم الى قطار المعارضين للعدوان السعودي .
لن يبقى الشعب اليمني مكتوف الأيدي في حال استمرار العدوان، ومن المؤكد أن الرد القاسي على المملكة سيكون عبر استعادة الأراضي اليمنية المحتلة(عسير ونجران وجيزان)، لذلك قد تتغير الخريطة السعودية اذا ما فشل العدوان وهذا ما يؤكده الخبراء العسكريون .
خارجياً
لا ريب في أن التداعيات الخارجية أو الإقليمية للعدوان الحالي على اليمن ستقضي على الأحلام والاوهام السعودية في تزعم قيادة العالم الإسلامي(السني)، فكيف يتزعم قيادة المسلمين من لم يرحم نسائهم ولا أطفالهم، بل شرّد عوائلهم و دمّر بيوتهم .
من أبرز تداعيات العدوان السعودي هو تعزيز موقع الجماعات الارهابية في اليمن وعلى رأسها تنظيم القاعدة ، حيث كانت الغارات بمثابة الضوء الأخضر من السعودية لهذه الجماعات التي يقاتلها الجيش اليمني واللجان الشعبية ببسالة و شراسة، كما أن هذه الغارات مهّدت لدخول عناصر تنظيم داعش الإرهابي الى اليمن خاصة بعد الضربات الموجعة التي تلقاها التنظيم في العراق وسوريا مؤخرا .
خارجياً أيضاً، كشف هذا العدوان عورة آل سعود امام العالم عموماً والمسلمين على وجه الخصوص، حيث أنها رفضت طلبا تقدمت به الأمم المتحدة من أجل تخصيص ساعتين يوميا كهدنة إنسانية يسمح خلالها لعمال الإغاثة الإنسانية بالقيام بعملهم من قبيل إيصال المساعدات الطبية وإسعاف الجرحى وإخلاء المصابين .
الرفض السعودي الذي جاء ردا على رفض الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون إصدار بيان يساند عملية “عاصفة الحزم” ويعتبرها غير متنافية مع ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة باليمن، يكاد يكون غير مسبوق في الحروب التي شهدتها المنطقة ومن ضمنها الحرب التي قادتها أمريكا ضد العراق والحرب الإسرائيلية على لبنان وقطاع غزة .
ستفقد السعودية نفوذها في اليمن، ولن يقبل اليمنيون بالسعودية في أي حل سيطرح مستقبلاً في صنعاء، كما أن العلاقات السعودية-اليمنية لن تعود إلى سابق عهدها، وبالتالي خسرت السعودية عاصمة من عواصمها في منطقة الخليج الفارسي .
في الخلاصة، وقعت السعودية في خطأ مميت عندما تجرأت على الشعب اليمني، وفي حال التدخل البري ستعصف “العاصفة” بأهلها ولن يكون مصير الجيش السعودي بعيداً عن الجيش المصري عام ١٩٦٥ حينما تكبد المصريون اكثر من ستين الف قتيل وجريح، باختصار وبكل المقاييس على نفسها جنت السعودية .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق