“أنصار الله” تعصف بالإصلاح، الأسباب والأهداف
في خطوة جديدة تعتبر الأولى من نوعها أعلنت جماعة أنصار الله حلّ حزب التجمع اليمني للإصلاح المحسوب على جماعة “الإخوان المسلمين”، وشن حملة واسعة من الاعتقالات طالت قيادات بارزة من الصف الأول في الحزب. رسالة أنصار الله الجديدة عنوانها واضح أنه لا مجال لإمساك العصى من الوسط في ظل العدوان السعودي على الشعب اليمني، فما هي أهداف هذا القرار؟
الخطوة الجديدة لحركة “أنصار الله” تأتي في وقت حرج بسبب العدوان السعودي من ناحية، والمعارك القائمة مع الجماعات التكفيرية من ناحية أخرى، فلماذا تقوم الحركة بهذه الخطوة الجريئة في هذا الوقت تحديداً، ألا تتنافى مع مبادئ الحركة وخطابها الوطني الداعي إلى التكاتف واللحمة، ماذا عن الدعوات التي توجهها حركة أنصار الله لحل الأزمة سياسياً؟
للوهلة الأولى يستغرب الصديق قبل العدو من الخطوة التي قامت بها “أنصار الله”، لكن المؤكد أن هذه الخطوة لم تكن تلبية لنداءات الشعب اليمني عموماً، وعوائل الشهداء على وجه الخصوص. فقرار أنصار الله جاء بعد المظاهرات في صنعاء وعدد من المدن اليمنية الداعية لحل الحزب(الإصلاح ) بسبب التآمر على الوطن .
ردود الأفعال هذه كانت نتيجة “للعدوان” الذي قام به حزب الإصلاح على اليمنيين عبر تأييده للعدوان السعودي وإصداره بياناً جاء فيه “إننا ومعنا كل القوى الخيرة نعبر عن شكرنا وتقديرنا وتأييدنا لأشقائنا في دول التحالف وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية الذين استجابوا لطلب الرئيس الشرعي للبلاد المسؤول عن حماية وأمن واستقرار وسلامة الوطن وأبنائه ومقدراته”، كما أنه لا يمكن تجاهل الدعم العلني مؤخراً لتنظيم القاعدة الإرهابي الذي يستهدف اليمنيين بمختلف طوائفهم. وحسبما تؤكد مصادر مطلعة فان تنظيم القاعدة في محافظات حضرموت وابين ولحج سيعمل على تنفيذ اعمال ارهابية واغتيالات في تلك المحافظات بالتنسيق مع حزب الاصلاح الذي أعلن تاييدة للعدوان السعودي .
صحيح أن الإصلاح منذ اليوم الأول للعدوان وما قبله وما بعده يروج ويهلل للتحالف السعودي ضد اليمن، لكن الجميع توقع أن يسكت الحزب حتى تحقق “عاصفة الحزم” أهدافها الأساسية على الأقل، لأن هذه الخطوة تترتب عليه آثار عدّة أولها إجازة الحزب لسفك الدماء وتدمير مقدرات الوطن، وليس آخرها أنه أضحى شريكاً مع السعودية في هدر دماء اليمنيين .
لعل حزب الإصلاح قدّر أن العاصفة قد أنهكت أنصار الله والجيش اليمني وأضعفتهم، بحيث لا يمكن أن تقوم لهم بعدها قائمة، فبادر متملقاً الى إعلان تأييده للعدوان ليرفع أسهمه لدى السعودية، وهذا عين”الإنتهازية”، أو إنه بالفعل قد أسند إليه هذا الدور لتبرير العدوان السعودي على اليمن لدى الخارج تحت مقولة أن الشعب اليمني هو الذي يطالب بدعم السعودية، وهنا يلعب دور المقاول أو المتعهد المحلي، وفي كلتا الحالتين ضرب الإصلاح بقيم المواطنة عرض الحائط وهتك النسيج الإجتماعي، كما أن بيانه المؤيد والمبارك لـ “عاصفة الحزم” كان مخيبا للأمل بإمكانية تأسيس دولة مواطنة على أساس الثقة والشراكة .
ردود الأفعال على مباركة حزب الإصلاح لـ”عاصفة الحزم” تؤكد صوابية قرار أنصار الله بحل الحزب واعتقال قياداته، ولربما محاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى اذا فرض الشعب اليمني ذلك. إن أبرز أعداء أنصار الله والحليف الأقوى للسعودية اللواء “علي محسن الأحمر” استغرب بيان الحزب موضحاً ” أنه مهما كان الاختلاف مع أي طرف لا يعني ذلك إجازتنا لسفك الدماء وتدمير مقدرات الوطن”. كما أن حزب المؤتمر الذي يتزعمه صالح اعتبر “ان حزب الإصلاح بتأييده العلني الواضح للعدوان السعودي على الشعب اليمني يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان إخوان اليمن هم سبب الكارثة التي حلت بالوطن العربي واليمن خاصة منذ العام ٢٠١١م ، وأنهم يتحملون مسؤولية سفك دماء اليمنيين من عسكريين ومدنيين ومسؤولية ما يحصل للوطن من دمار وخراب ، وضرب للبني التحتية وقتل للاجئين “.
من حق كل إنسان بالطبع أن تكون له رؤيته وموقفه في طبيعة ما يدور على الساحة اليمنية لكن ليس من المنطق أو الصواب التآمر على أبناء الوطن، ألم نتعلم منذ الصغر أن حقوقنا تنتهي عندما تبدأ حقوق الآخرين، فكيف اذا كانت هذه الحقوق هي دماء وأرواح الآخرين؟
في الخلاصة، لم يترك حزب الإصلاح طريقاً للعودة إلى ربوع الوطن لأنه ارتكب خيانة عظمى بحق نفسه قبل غيره وسيبقي هذا القرار “وصمة عار” في جبين إخوان اليمن، وما الخطوة “المباركة” لأنصار الله إلاّ امتثالاً لقرار الشعب اليمني وكل وطني شريف، خطوة ستقطع الطريق على كل من تسولت له نفسه التآمر على الوطن والتعرض لأبناءه خدمةً لأجندة خارجية، فضلاً عن عصفها بحزم الخائنين .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق