التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, ديسمبر 27, 2024

لهذه الأسباب هاجمت السعودية صحيفة “الأخبار” 

 “إن هذه الصحيفة اعتادت الترويج لأكاذيب واتهامات للمملكة وقياداتها، وجاء وقت أن تقف عند حدها”، هكذا هاجم السفير السعودي في لبنان “علي عوض العسيري” صحيفة “الاخبار” اللبنانية بسبب ما سمّاه “تجاوزاتها المتكررة بحق المملكة ورموزها”. تهديد العسيري للصحيفة اللبنانية خلال حديثه مع جريدة “الوطن” السعودية ترافق مع تكليف السفارة في العاصمة اللبنانية بيروت فريقاً قضائياً لمحاسبة ومقاضاة الصحيفة فما هي أسباب هذا الهجوم؟ وما الذي تريده السعودية من هذه الصحيفة؟

من حق أي جهة اللجوء إلى القضاء اللبناني المختص لفضّ النزاعات والخلافات في إطار القانون وهو ما كان ينبغي على السعودية القيام به بدل إطلاق التهديدات، خاصةً أن تصريحات العسيري تشكّل تهديداً سافراً ومباشراً للصحيفة ولحياة وسلامة العاملين فيها، وتمثّل تدخلاً فظّاً ومرفوضاً في الشؤون الداخلية ، فضلاً عن كونها اعتداءً مباشراً على كرامة وحرية الصحافة في لبنان تجسد واقع العلاقة بين المملكة و”الأخبار “.

تاريخ علاقة السعودية بـ”الأخبار 

لم تكن العلاقة بين السعودية والصحيفة اللبنانية على ما يرام منذ اليوم الأول لصدورها. فـ”الأخبار” كأي صحيفة ورأي إعلامي حر كانت تنتقد بعض سياسات السعودية لاسيّما في الداخل اللبناني، ومؤخراً هاجمت بشدّة العدوان السعودي على اليمن، فضلاً عن ذكرها وقائع وحقائق تاريخية لا تروق للمملكة، في المقابل بدأت الرياض بمحاولات الترغيب ومن ثم الترهيب عبر بعض الأدوات السعودية في الداخل اللبناني بقصد وقف انتقاد الصحيفة للحكومة السعودية وأفعالها في المنطقة. لاحقاً انتقلت السعودية إلى سياسة كمّ الأفواه عبر حجبها لموقع “الأخبار” الإلكتروني داخل البلاد، وإقفال كل الصفحات التي يمكن أن يصل المتصفّحون إلى “الأخبار” عبرها، فضلاً عن منع الرياض أي صحافي أو أكاديمي أو ناشط سعودي أو مقيم في السعودية من الكتابة في “الأخبار” أو التواصل معها، والفرض على كل الوكالات الإعلانية بالتوقف عن نشر أي إعلان في “الأخبار” تحت طائلة مقاطعتها. بعدها انتقلت السعودية إلى مرحلة جديدة من الصراع مع الصحيفة عبر تحريض القوى والشخصيات المقربة من السعودية في الداخل اللبناني على مقاطعة “الأخبار” والعمل ضدها بكل الأشكال وصولاً إلى شن حملة قضائية بهدف “إفلاس الأخبار” عبر التعاون مع بعض النافذين في الجسم القضائي. من ثم حاربت السعودية الصحيفة اللبنانية إقليمياً عبر منع أي موظف أو صحافي في “الأخبار” دخول دول عربية عدة، من بينها دول في مجلس التعاون، ودولياً عبر لعبة المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لمحاصرة “الأخبار” خارجياً .

بعد أقل من ٢٤ ساعة على تصريح العسيري وتوعده بأنه “حان وقتكم”، تعرض موقع “الأخبار” لهجوم الكتروني ضخم وصل عرض موجته   (Bandwidth)إلى ٨٥٠Gb/s. وتسبب بتوقف الموقع الالكتروني عن العمل. من خلال المتابعة تبين أن الهجوم، الذي انطلق من دول عدّة، كان منظماً بشكل دقيق ومتزامن، واعتمد المهاجمون ما يسمى بـ ( هجوم حجب الخدمة) والمعروف بـ (  DDoS attack) ، ما دفع بالشركة المضيفة للموقع، إلى إيقاف خادم موقع “الأخبار” وتحويل ضغط الهجوم عن خوادمها، كي لا تتأثر خدماتها المركزية، وتؤثر بالتالي على المواقع الاخرى التي تستضيفها. فما هي الأسباب الكامنة وراء الإصرار السعودي على محاربة “الأخبار” بغية إقفالها، وفي أحسن الأحوال إسكاتها؟

أسباب الهجوم       

من خلال مراجعة الأعداد الصادرة لصحيفة الأخبار، وكذلك تصريحات الإعلام السعودي وحلفاء المملكة في الداخل اللبناني يتبين أن أسباب الهجوم السعودي العنيف على الصحيفة اللبنانية وفي هذا الوقت تحديداً تتلخص بالآتي :

أولاً تريد السعودية إسكات أي صوت عربي مخالف لعدوانها على اليمن، لذلك إن الذنب الذي ترتكبه جريدة الأخبار حالياً من وجهة نظر السعودية هو أنها تفضح وما تزال أهداف العدوان السعودي على اليمن، وكذلك تكشف الأستار عن السياسة السعودية في المنطقة .

ثانياً مارست السعودية جهوداً جبّارة سابقاً لمنع “الأخبار” من نشر وثائق ويكيلكيس ووثائق حول ما قامت وتقوم به السعودية في لبنان والعالم العربي، لكن الصحيفة لم ترضخ .

 

ثالثاً لم يرق للرياض نشر الصحيفة اللبنانية للفكر المقاوم الذي تحاربه السعودية أينما حل، ودفاعها ببسالة عن محور المقاومة بدءاً من فلسطين ولبنان مروراً بسوريا وايران وصولاً إلى اليمن، ولا شك بأن الثقة التي كسبتها “الاخبار” لدى الجمهور العربي هي التي قضت مضاجع القائمين على السياسة هناك .

رابعاً تريد السعودية وقف النشر لأي معلومة تضر بسياستها، وهذا ما ترفضه “الأخبار”، والإعلام الحر في أي بلد، وهذا حق تكفله نقابة الصحافة ووزارة الإعلام في لبنان، فلماذا تريد الرياض محاكمة الصحيفة اللبنانية بالقانون السعودي في الداخل اللبناني !

خامساً هاجمت الصحيفة اللبنانية بشدّة المماطلة السعودية في تقديم الهبة العسكرية إلى الجيش اللبناني وفضحت العديد من الشروط التي أرادتها المملكة لهذه المعونة .

بات واضحاً أن السعودية تريد اعتماد سياسة “كم الأفواه” المتبعة في بلادها ولكن هذه المرّة في لبنان، وما يدرينا لعل الرياض تحاصر الأخبار من خلال نقابة الصحافة أو نقابة المحررين أو وزارة الإعلام أو رئاسة الحكومة أو أجهزة أمنية وإعلانية وإعلامية، عبر التلويح بورقة “الهبة العسكرية” للجيش اللبناني، ولكن بما أن “أهل الدار أدرى بما فيه” ننصح السعودية بمراجعة حليفهم الأبرز في بيروت، الرئيس سعد الحريري الذي أراد “تكسير رأس الأخبار”، لكن وسام الحسن ومقربون من الحريري نصحوا رئيسهم بعدم المضيّ في هذا الأمر، لعدم الدخول في لعبة ستؤذيه ولن تنفعه .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق