ما هي الأهداف غير المعلنة من التضخيم الإعلامي للقاعدة في اليمن؟
لا يختلف عاقلان على أن الأداة التي لا يستغنى عنها اليوم في المشاريع الدولية سواء في السياسة ام في الحروب ام في الاقتصاد وغيره، هي الإعلام والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي والاعلامي المنتشرة اليوم، الأمر الذي كان عاملا أساسيا في تظهير حجم أكبر بكثير للمنظمات الارهابية “وإنجازاتها”، كما لا يشك احد في الدور الأساسي الذي تلعبه امريكا وأصدقائها من الدول العربية في تحريك المجموعات الإرهابية بقدر كبير وذلك ضمن منظومة حركة يتكامل فيها العمل الأمني والمخابراتي، العامل الأيديولوجي والعقدي، المال وأخيراً القوة العسكريّة.
فماذا كانت استراتيجية امريكا وحلفاؤها في اليمن بلحاظ هذه العناصر في اليمن الذي يمتلك أهميّة في جغرافيته الاقتصادية والسياسية، وماذا تفعل الآن خلال العدوان السعودي ؟ اين تنصبّ جهود امريكا والسعوديّة الأمنية والسياسية والعسكرية؟ وما هو دور وسائل الإعلام العالمية خصوصاً في هذا المضمار؟
تغيير بوصلة الجماعات الإرهابية
قامت امريكا بمساعدة أدواتها في المنطقة “حلفاؤها” بإتاحة المجال للمنظمات الارهابية بالمجيء الى اليمن وقامت بجهود أمنية، فتدفّقت الفتاوى الوهابية، فأفتى الشيخ عبد العزيز الطريفي: “جهاد الحوثيين واجب واجتماع أهل اليمن على ذلك فرض، ومن وقف في صفّ الباطنية أخذ حكمهم ولو علّق المصحف في عنقه”، وقال الشيخ ربيع المدخلي: “أمَّا بعد …فإنني أوصي اليمنيين جميعاً في كل أنحاء اليمن من غير الحوثيين أن يكونوا ضد هؤلاء الحوثيين الروافض الباطنية ” وأفتى الشيخ عبد المحسن العباد لليمنيين داخل وخارج اليمن بالذهاب للجهاد لنصرة أهل السنة، وغير هذا من التحريض والإفتاء المشبوه. وتمّ نقل بعض “المجاهدين” من العراق الى اليمن، وتسهيل عبورهم على الممرات الحدوديّة والأمنيّة، وقد أشارت وثيقة أمنية منشورة أن أمريكا ستعمل علي دعم تنظيم داعش في اليمن!
الدعم العسكري واللوجستي المباشر
في الصورة العسكرية واللوجستية تقوم طائرات تحالف عاصفة الحزم السعودية بإمداد الجماعات الإرهابية بالسلاح والعتاد فقد أفادت تقارير نشرتها مواقع تابعة للتحالف أن إمدادات وعتاداً وصلت في ٣ نيسان لعناصر ومليشيات هادي عن طريق الإنزال المظلي لطائرات التحالف السعودي الأمريكي. وفي محافظة حضرموت أفادت مصادر محلية أن طائرات التحالف العدواني أمدت عناصر قيل إنها تتبع تنظيم القاعدة التي سيطرت على المدينة مؤخراً بالسلاح عبر الإنزال المظلي. حيث لوحظ وجود اجهزة اتصالات عسكرية فيما يبدو أنه محاولة لربط تلك الميليشيات بالقوات المعادية. من جانب آخر قال الباحث السياسي عبد الوهاب قطران إنه تم تسليم معدات واسلحة لتنظيم القاعدة من احد الكتائب العسكرية برعاية الرئيس هادي، وقد ذكرت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية أن السعودية تنشط في تسليح القبائل الموالية لها في محافظة مأرب التي توجد فيها جماعات سلفية وقبلية مقربة من السعودية منذ فترة طويلة، وهي موطن لتنظيم القاعدة الارهابي.
التوجيه الإعلامي الغربي
في الصورة الإعلامية الغربية للمشهد اليمني هناك الكثير من التقارير التي تحاول تصوير اليمن بأنه مليء بالارهاب فقد قالت شبكة (CNN ) في خبرها إن مسؤولاً يمنياً طلب عدم ذكر اسمه كشف أن تنظيم داعش الإرهابي باشر الانتشار في اليمن وتشكيل حضور ميداني له وتجنيد الأنصار في البلاد، كما قال مسؤول أمريكي للشبكة إن مقاتلي تنظيم القاعدة، التنظيم الذي توعد بشن هجمات على المصالح الأمريكية، بدؤوا بالتحرك سريعاً لزيادة نسبة التجنيد والاستمرار في التخطيط لهجمات جديدة. وفي تقرير آخر قال مسؤول يمني لـCNN : إن تنظيم داعش الإرهابي دخل إلى ٣ محافظات يمنية وبدأ يتنافس بعنف مع القاعدة. وقد انتشرت صورة لأحد قيادات تنظيم القاعدة، وهو خالد باطرفي، على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو داخل القصر الرئاسي بمدينة المكلا، التي كان مسجونا في سجنها المركزي، وقام تنظيم القاعدة بمهاجمة السجن وتحريره مع ٢٠٠ سجين آخر. وقالت CNN بأن الفوضى في اليمن تنجرف بسرعة نحو حرب أهلية شاملة. هذا غير مئات الأخبار عن عمليات الخطف والقتل والتفجيرات. من يراقب وسائل الاعلام الغربيّة كشبكة BBC و CNN يلاحظ حجم الزخم الاعلامي الذي تناله المنظمات الارهابية، وإبراز اعمالها على الأرض في حين أن واقع الحرب الدائرة على اليمن من قبل آل سعود لا تتم تغطيته بالكامل.
ماذا خلف الكواليس
النظرة الأولى للمشهد تبيّن أن السعودية تريد أن تستحوذ على اليمن بأي ثمن، هذا بالتأكيد صحيح ولكن متابعة المعطيات والتصريحات السياسية والعسكرية الغربية قد تكشف أمورا أخرى. فقد قال سيث جونز، مستشار العمليات الخاصة الامريكية: “من المقلق جداً عدم وجود أي قوات أمريكية على الأرض… فالقاعدة وهي إحدى أبرز التنظيمات التي تستهدف أمن أمريكا تعمل حالياً على زيادة سيطرتها في اليمن”. وكان وزير الدفاع الأمريكي قد صرّح حول اليمن قائلا: ” سوف نواصل العمل لملاحقة الأعداء الذين يهددون الولايات المتحدة”. وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية: ” المسؤولون الأمريكيون يخشون من أن يؤدي الفراغ الأمني الحالي لاستقطاب المزيد من الجهاديين ودخولهم لليمن التي ينعدم بها القانون”، وقالت وثيقة أمنية إن أمريكا لن تسمح بسقوط عدن والمكلا في اليمن كونها مهمة لحركة الملاحة الدولية. وقال ضابط أمريكي لـ CNN : فقدنا التأثير على الأرض باليمن بانسحاب آخر جنودنا، وتصاعد خطر القاعدة وداعش والحرب الأهلية.
لماذا كل هذا الضخ والنشاط الإعلامي والمالي والعقائدي في اليمن من قبل أمريكا والسعودية؟ ولماذا يرسل المقاتلون الى اليمن وتدفع مئات ملايين الدولارات للإرهابيين ويتم تمويلهم وبرعاية أمريكية مباشرة؟
هل تحاول أمريكا التمهيد الى القول إن اليمن يحتاج الى تدخل عسكري ثم إداري مباشر؟ وهل هناك تجهّز غربي لاحتلال اليمن أو بعض من أراضيه، وذلك تكرارا لتجربة العراق؟ والاستفادة من خيرات البلاد؟ والجثو على مضيق باب المندب لحماية المصالح الخاصة؟
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق