التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, ديسمبر 27, 2024

كيف قدمت إيران نموذج القوة المحترم: فضح العدوان الإسرائيلي علي اليمن وباليد السعودية (الجزء الثاني) 

لم يعد المراقب لمجريات الأحداث في العالم، يحتاج للكثير من الدلالات ليفهم مجريات الأمور. فالجميع من الأطراف السياسية، أصبح اليوم يلعب وعلى المكشوف إذا صح التعبير. فالصراع المحتدم منذ سنوات بين الحق والباطل، يمكن اختصاره اليوم بالحقيقية الواقعية، والتي تتمثل بالصراع القائم بين الصهيونية العالمية فكرياً والتي يعتبر الكيان الإسرائيلي كيانها المادي، من جهة، وبين النهج الإسلامي المحمدي الأصيل، الذي يمكن القول صراحةً إنه وبكل فخرٍ، النهج المحمدي الخميني الأصيل، والذي تعتبر إيران على رأسه، ومحور المقاومة أجمع، كيانه المادي من الجهة الأخرى. وهنا يأتي الحديث عن حقيقة أن أطراف الصراع أصبحوا اليوم أوضح. 

وهذا ما نجحت إيران في إظهاره. ولا شك أن السعودية ودول الخليج، أصبحت اليوم وبالعلن تجاهر بعلاقتها ومصالحها مع الكيان الإسرائيلي. وهذا ما تُبيِّنه التصريحات الإسرائيلية أساساً. فكيف يمكن وصف العلاقة الإسرائيلية السعودية الخليجية؟ وكيف يحاول الكيان الصهيوني، إدارة الصراعات في المنطقة ومنها اليمن، عبر استخدام أدواته دول الخليج الفارسي، بهدف الضغط على إيران ومحور المقاومة؟

أولاً: حقيقة العلاقة الإسرائيلية السعودية بلسان الصهاينة:

لم يخف الكيان الإسرائيلي وعبر وسائل إعلامه وصحفه الدعمَ الكامل للعدوان السعودي على اليمن، معتبراً أن السعودية شريكة الكيان الإسرائيلي، ومؤكداً أن هذا الموضوع بات أكثر وضوحاً. ومما لا شك فيه أن الحديث عن العلاقة السعودية الإسرائيلية انتقل من نقاش الإثبات الى نقاش التوصيف. فلم يعد هناك أي شكٍ في أصل العلاقة. لذلك نبحث اليوم في التوصيف، بعد أن أصبحت العلاقة مع الكيان الإسرائيلي، ركيزة السياسة السعودية الخليجية. فماذا في تصريحات الكيان الإسرائيلي، والتي تغنَّى عبرها بالعلاقة مع السعودية والتي شدد فيها على مصلحة الطرفين المشتركة ضد إيران؟

ذكرت القناة العاشرة الإسرائيلية وبصراحة عن وجود شراكة إستراتيجية لـ”اسرائيل” مع السعودية ضد محور المقاومة، فيما أكدت صحيفة “يدعوت أحرنوت” أن التدخل السعودي في اليمن يمثل نبأ ساراً لـ”إسرائيل” متمنيةً النجاح للسعودية.

أكد خبير شؤون الشرق الأوسط “مئير ليبتك” في مقابلة مع القناة العاشرة الإسرائيلية أنه: “من الواضح أن لدينا مصالح إستراتيجية مع المعسكر السعودي المعادي لإيران لأنها تمثل تهديداً استراتيجياً، فمحور إيران سوريا وحزب الله هو المشكلة الأكبر لـ”إسرائيل”.

رأى المستشرق الصهيوني “غاي باخور” بأن ما تسمى “دول الاعتدال العربي” لم تعد تعير اهتماماً للموضوع الفلسطيني لأنها بحاجة الى “اسرائيل” في صراعها مع إيران، وباتت هذه الدول الواسطة بين “إسرائيل” وأوروبا. ويضيف باخور: إن “اسرائيل” باتت تستعين بالسعودية للتأثير على الموقف الغربي بينما تقوم السعودية وحلفاؤها بالتعاون سراً مع “إسرائيل”.

قالت صحيفة يدعوت أحرنوت أن “المسؤولين السعوديين الذين أجرت مقابلات معهم أكدوا لها المصير المشترك مع تل أبيب ضد محور المقاومة وتحدثت عن قلق إسرائيلي من سيطرة أنصار الله على باب المندب بهدف تهريب السلاح عبره الى غزة”.

ثانياً: قراءة تحليلية:

إن العدوان السعودي على اليمن لم يكن بعيداً عن التخطيط الإسرائيلي. كما أن دعم الطرف الإيراني لاستقرار اليمن، ولخيار الشعب اليمني والتفافه حول حركة أنصار الله لتثبيت هذا الاستقرار، كان دعماً إستراتيجياً. فإيران اللاعب المدرك لحقيقة الصراع في المنطقة، تعرف جيداً حقيقة الأطراف الأخرى أيضاً. ولا شك أننا اليوم نستطيع تقييم سياسة هذه الأطراف في اليمن بعد التجربة التي حصلت، وبالتحديد بعد العدوان السعودي الخليجي الأمريكي.

إن الأحداث تؤكد نجاح سياسة إيران الخارجية ورهاناتها. فيما تعزز من جهة أخرى، فشل السياسة الأمريكية في المنطقة. ولعل اليمن اليوم يشكل مثالاً واضحاً في هذا المجال. فإيران كانت دائماً تراهن على خيارات الشعوب، وبالتالي نجحت إيران في دعمها لخيار الشعب اليمني بالالتفاف حول حركة انصار الله. مما جعل إنجازات هذه الحركة تسجل في رصيد الطرف الإيراني الداعم. وهنا في نفس السياق فشلت السياسة الأمريكية في قراءة الواقع اليمني. وإن كان الفشل الأمريكي من خلال أداته السعودية والتي أثبتت مجريات الأحداث أنها لم تفكر باليمن كجارٍ أو كحليف، بل فكرت فيه دوماً كبلدٍ يجب أن يذل من أجل أن يبقى محتاجاً وتابعاً. ولذلك وبمجرد أن وجد الشعب اليمني من يدعم فيه خيار العزة، أي الطرف الإيراني، أصبحت إيران دولةً تشكل بالنسبة للمستضعفين اليمنيين ملاذاً. فيما شكلت السعودية بسياساتها الحمقاء، حالةً من الرفض اليمني لها، وهذا ما كرسته السعودية عبر العدوان العسكري على اليمن، والذي برهن عن حقد دفين، لم تجد السعودية إلا من خلال قصف المدنيين اليمنيين الأبرياء العزل، طريقة للتعبير عنه.

لذلك أخفقت السياسة الأمريكية الإسرائيلية، في الوقت الذي نجحت فيه إيران. ولم يعد هناك حاجةٌ للإقناع وتقديم الدلائل، طالما أن الوقائع لا يمكن تفسيرها إلا بطريقة واحدة. فقد نجح الرهان الإيراني على خيار الشعب اليمني، انطلاقاً من سياستها التي تحترم دوماً حق الشعوب. فيما فشلت أمريكا في رهانها على السياسة السعودية التي لم تثبت يوماً إلا أنها سياسة حمقاء، لا تعبر إلا عن الترجمة الفعلية لصراعات آل السعود، وخطئهم في التقدير. ومما لا شك فيه أن السياسة الأمريكية فقدت اليوم شريك الكيان الإسرائيلي المخبأ. والذي ظل يمثل على الشعوب العربية وشعوب المنطقة لزمنٍ طويل. وبات اليوم مفضوحاً أمام الجميع، بعد أن أزال اللاعب الإيراني الأقنعة عن أوجه الجميع.

لذلك يعتبر ومن الناحية الإستراتيجية، أن الاعتماد الإسرائيلي الواضح على آل سعود، اليوم في اليمن، لن يحقق شيئاً. وما التبني الإسرائيلي القديم الجديد للسعودية، إلا بسبب حاجة السعودية لكفيلٍ سياسي مباشر وجديد، بعد شعورها بخسارة الكفيل الأمريكي. فالسعودية التي تنفذ سياسة الكيان الإسرائيلي اليوم، كانت ومنذ البداية في الخط نفسه. وبالتالي، فإن الدور السعودي في اليمن يتقاطع مع المصلحة الإسرائيلية. ولذلك فإن انتصارات أنصار الله المتكررة، ووصولها الى باب المندب، أقلق الكيان الإسرائيلي.

إن اليمن اليوم يعبر عن موقفه لأول مرة. ولذلك نجد أن الشعب اليمني اختار أن يكون في محور المقاومة الذي تقوده إيران. وهذا هو السبب الحقيقي للعدوان الإسرائيلي، باليد السعودية، على اليمن. لكن أسئلةً كثيرة تطرح في هذا المجال. فلماذا لم تقصف الطائرات السعودية العربية التي تدعي أنها تحارب الإرهاب في اليمن، معاقل تنظيم القاعدة؟ وكيف سيتعامل العرب ودول الخليج الفارسي والسعودية بالتحديد، مع الحقائق التي انكشفت بمجرد العدوان السعودي، والتي بات يعرفها الشعب اليمني؟

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق