التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, سبتمبر 19, 2024

كيف تنتظر أفغانستان حكمة قياداتها؟ 

 إن المفاوضات التي سعت لها أمريكا مع إيران، والتي أدت أولًا إلى اتفاق مؤقت، والآن إلى اتفاق نووي أولي، سيكون لها عواقب كثيرة في المنطقة تتجاوز مسألة الملف النووي فقط. وقد يكون هذا ما أغضب العديد من الحلفاء الإقليميين لأمريكا، وخاصة السعودية، والتي قد تعتبر إيران اليوم خصمها اللدود سياسياً، وإن كانت السعودية تعرف أنها ليست إلا أداةً ضمن إطار السياسة الأمريكية، ولا ترقى لمستوى دولةٍ كإيران. بالإضافة إلى ذلك، فإن قرار أمريكا بتقليل اهتمامها بالشرق الأوسط اليوم، وترددها بشأن التعاطي مع الملف السوري، أحدث استياءً شديداً، وولد عدم ثقة بها، من السعودية وبقية دول مجلس التعاون. وهنا سعت السعودية لتشكيل حلفٍ يأخذ طابعاً طائفياً من أجل اللعب على الوتر المذهبي. ولعل دولة أفغانستان تشكل بالنسبة للسعودية إحدي الدول التي تسعى لإدخالها في هذا الإطار من الصراع، ومن بوابة اللعب على الوتر المذهبي. لكن لا شك أن ما يجمع دولة أفغانستان بالطرف الإيراني، قد يُراهن عليه في قرار أفغانستان. كما أن قيام السعودية بالحرب العدوانية على اليمن، سيجعل الجميع يعيد حساباته. فماذا في مجريات الواقع الأفغاني، وكيف يمكن تحليله في ظل تطورات المنطقة اليوم؟

أولاً: مجريات الواقع الأفغاني المضطرب :

تمر البلاد بتوتراتٍ بين الرئيس والأحزاب المنافسة داخل حكومة الوحدة الوطنية، وهو ما ترجمه انسحاب أحدث مرشح لمنصب وزير الدفاع في الحكومة الأفغانية يوم الأربعاء الماضي، وذلك بعد يومين فقط من ترشحه للمنصب. وكان الجنرال محمد أفضل لودين سيتولى منصب وزير الدفاع في وقت انسحبت فيه معظم القوات الأجنبية من البلاد وتواجه فيه القوات الأفغانية تمرد حركة طالبان بمفردها بشكل كبير. كما أشار لودين الى أن ترشيحه سبب اضطراباً داخلياً وإنه يخشى أن يؤدي إلى انقسامات. وكان لودين ثاني مرشح لشغل المنصب بعد أن رفضت الحكومة المرشح الأول في كانون الثاني المنصرم. وهناك بوادر على توتر في الشراكة بين الرئيس أشرف عبد الغني ومنافسه السابق في انتخابات الرئاسة عبد الله عبد الله الذي يشغل حالياً منصب الرئيس التنفيذي، والتوتر المثار بشأن المرشح لمنصب وزير الدفاع يمكن أن يكون أحدث مؤشر على اتساع هوة الانقسامات في البلاد. فيما يكافح عبد الغني وعبد الله من أجل تشكيل حكومة منذ ستة أشهر ولم يجر اختيار سوى ثمانية وزراء. الأمر الذي يحبط قوات الأمن ويخنق الاقتصاد، إذ تظل الاستثمارات ومشاريع التنمية في حالة جمود لعدم وجود قيادات في الوزارات .

ثانياً: قراءة تحليلة :

إن الشعب الأفغاني لديه ذكريات مريرة عن الحرب بالوكالة التي تقوم بها أمريكا في المنطقة ومن خلال السعودية منذ التسعينيات، والتي أدت إلى الدمار وسفك الدماء في العاصمة كابول. ولعل حكومة الوحدة الوطنية في كابول تجد نفسها اليوم أمام خطر أخذ القرار الخطأ، وبالخصوص أنها تعرف أن التحدي اليوم، أصعب مما كان عليه. فقرار الحكومة الانضمام إلى التحالف العسكري ضد اليمن، والذي تسعى له السعودية، سيعني بطريقة غير مباشرة الرضوخ لسياسة دول الخليج الفارسي. وهو ما تعرف أفغانستان أن له عواقب وخيمة على مصالحها، وبالتحديد على علاقتها مع الطرف الإيراني. فإيران وكعادتها كان لها الدور البارز في احترام مصالح أفغانستان، أثناء التدخل الأخير لأمريكا وحلف الناتو فيها. كما أن لأفغانستان لغة مشتركة مع إيران وتعتمد عليها لتحقيق التنمية الاقتصادية. ويضاف الى ذلك، أن هناك ما يقرب من ٢ مليون عامل من الشعب الأفغاني تؤمن لهم إيران فرص عمل. كما ويعتقد العديد من الشعب الأفغاني أن الاتفاق النووي بين إيران وأمريكا، سوف يعيد الدور الإيراني التقليدي في المنطقة، ما قد يساهم في إيجاد منفذٍ تجاري جديد لأفغانستان، الى جانب باكستان باعتبارها الطريق والمنفذ التجاري الوحيد .

وعلى الصعيد السياسي فقد أقام الرئيس أشرف غني علاقة وثيقة للغاية مع السعودية وسعى إلى زيادة تدخلها ودعمها في عملية السلام مع حركة طالبان. وفي الواقع، إن السعودية لا تزال لديها نفوذٌ على قيادة الحركة. ودون قيام السعودية بالضغط على حركة طالبان، فلن تدخل في حوار السلام مع حكومة كابول. وهو ما تمتاز به السعودية التي لا تدعم كل ما يساهم بالحوار والوحدة، بل تغذي الخلافات. لكن مستقبل الاستقرار في أفغانستان على حكمة غني وقرار حكومة الوحدة الوطنية. ولعل المشاركة في الغزو البري لليمن قد يساهم في تفكيك حكومة أفغانستان، مما سينعكس سلباً على البلاد واستقرارها .

قد يكون العدوان السعودي على اليمن من الأمور التي ستجعل الجميع يكتشف حجم الحماقة السعودية. لكن الواقع بالنسبة لأفغانستان، ستحدده حكمة السياسيين في البلاد، العارفين بحقيقة الدور السعودي المخرب، على عكس دور الطرف الإيراني الذي يحترم حق أفغانستان في تقرير مصيرها، وهو ما برهن عنه الدور الإيراني في التعاطي مع المصالح الأفغانية. وما علينا إلا أن ننتظر الأيام المقبلة والتي تعتبر بالنسبة لأفغانستان حتماً مصيرية .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق