من باكستان إلي السعودية: كش ملك
حزمت باكستان أمرها بالتزام الحياد تجاه الأزمة اليمنية عبر تصويت البرلمان بالإجماع على رفض طلب السعودية مشاركتها بقوات برية وبحرية وجوية في التحالف العسكري “عاصفة الحزم”. القرار الباكستاني الذي جاء بعد خمسة أيام من المشاورات البرلمانية عصف بالحزم السعودي فاتحاً أبواب التحالف العشري على مصراعيه .
البرلمان الباكستاني الذي حذر من تداعيات الصراع في اليمن على استقرار الشرق الأوسط، بدد آمال الرياض في الحصول على دعم قوي من خارج المنطقة في معركتها الرامية لوقف تقدم الجيش اليمني واللجان الشعبية، ما يحتم اللجوء للجانب المصري .
لكن خطاب البرلمان الذي كان مخالفاً لهوى رئيس الحكومة نواز شريف ووزير دفاعه، لم يخل من دعم الرياض “إعلامياً”، حيث صوتوا أيضاً على ضرورة تقديم الدعم الدبلوماسي والسياسي للسعودية، دون المشاركة عسكريا في عاصفة الحزم ، مؤكدين على ضرورة الحفاظ على سيادة وسلامة المملكة، حال تعرضها لما يهدد أمنها ووحدة أراضيها .
الردّ الخليجي على قرار باكستان كان متوقعاً لكنه لم يكن سعودياً بل اماراتياً، فقد اعتبر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، أن قرار البرلمان الباكستاني إعلان “الحياد في الصراع في اليمن”، وتأكيده في الوقت ذاته علي “دعمه الصريح للسعودية”، قرار “متناقض وخطير وغير متوقع من إسلام أباد “.
كما طالب الوزير الإماراتي “باكستان بموقف واضح لصالح علاقاتها الاستراتيجية مع دول الخليج ، المواقف المتناقضة والملتبسة في هذا الأمر المصيري كلفتها عالية “.
الحياد الباكستاني يعد ضربة قويّة للرياض التي راهنت دائما على الحليف الباكستاني كقوة عسكرية يمكن الاعتماد عليها في الازمات، خاصةً وأن السعودية تسعى لحشد أكبر قوة ممكنة لمحاربة الجيش اليمني في الحرب البرية .
رغم الصمت السعودي الذي كسره المتحدّث باسم التحالف العميد أحمد العسيري عبر التخفيف من وطأة الصدمة وتأكيده أن الهجوم البري سيبدأ في وقته، وضع قرار البرلمان الباكستاني العلاقات بين الرياض وإسلام آباد في مهب الريح، وما تخشاه السعودية أن يشجع هذا القرار دولا اخرى مثل مصر على اتخاذ الموقف نفسه، أي عدم التدخل عسكريا في الازمة اليمنية الى جانب التحالف الـ(١٠-١ ).
القراءة الأولية في أبعاد القرار الذي اتخذ بالإجماع تدحض كافة ما يطرح عن أن التركيبة الطائفية الباكستانية هي التي فرضته، رغم أننا لا ننكر تأثيرها، لكن الإجماع البرلماني والعسكري أيضاً يبدّد هذه الادعاءات ويؤكد أن القرار جاء من منطلق المصلحة الوطنية لعدم توريط باكستان في حرب استنزاف طويلة. باكستان التي تدرك أن أي مشاركة عسكرية في اليمن ستؤجج تحركات الجماعات التكفيرية، فضّلت الإيفاء بالتزاماتها الداخلية لإنجاح عمليتين أمنيتين في المناطق القبلية الباكستانية وإقليم السند، على التزامها تجاه السعودية .
تزامن القرار مع زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى إسلام آباد، يشير إلى أن باكستان تولي حالياً مصالحها الإستراتيجية في علاقاتها مع الجيران أهمية أكبر من العلاقات مع الجانب السعودي من ناحية، ويؤكد نجاح الدبلوماسية الإيرانية في إقناع إسلام آباد بالتزام الحياد لفرض الحلّ السياسي والحوار كبديل عن الحرب من ناحية أخرى .
خسرت السعودية في الأسبوع الثالث من عدوانها العسكري أقوى الحلفاء، لذلك ستلجأ الآن إلى مصر الذي لا يختلف حالها كثيراً عن باكستان، فالقاهرة تعاني من الإرهاب داخلياً وعلى الحدود، فضلاً عن امتلاكها لتجربة مريرة في اليمن .
الحرب البرية التي ستفتقد لأقوى مكوناتها أي الجيش الباكستاني باتت قريبة لأن تجربة الأسابيع الثلاثة تؤكد أن السلطات –شباب عديمي الخبرة- في الرياض يتخذون قراراتهم من منطلق الحماس لا المصلحة، ونحن قاب قوسين أو أدنى من شر هزيمة للسعودية في اليمن والمنطقة .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق