هل يغرق الجيش المصري في المستنقع اليمني بفعل سياسات السيسي ؟!
اثر قرع طبول الحرب من قبل القيادة المصرية برئاسة عبد الفتاح السيسي والسعي لإقحام الجيش المصري في هجوم بري ضد اليمن في اطار العدوان السعودي الامريكي المتواصل على هذا البلد والذي أودى حتى الآن بحياة الآلاف من الابرياء العزل اكثرهم من النساء والاطفال، تصاعدت موجات الاستنكار في داخل مصر وخارجها تنديداً بهذه المحاولات، فيما حذر خبراء ومراقبون من مغبة هذه المغامرة وتداعياتها الخطرة على مستقبل مصر في كافة المجالات العسكرية والسياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والسياحية.
ويمكن إجمال اهم هذه التداعيات كما يراها المراقبون على النحو التالي :
١ – الخشية من تكرار سيناريو تدخل الجيش المصري عسكرياً في اليمن كما حصل في زمن حكم الرئيس الاسبق جمال عبد الناصر في ستينات القرن الماضي والذي أدى الى مقتل وجرح الآلاف من العسكريين المصريين. فالتدخل العسكري الخاطئ في اليمن خلال تلك الحقبة كان تجربة سيئة وقاسية استنفذت قوة الجيش المصري وتسببت الى حد بعيد في هزيمة مرّة امام الكيان الاسرائيلي عام ١٩٦٧. والرئيس السيسي يعلم قبل غيره أن شعبيته ستتراجع كثيراً بسبب مشاركته في العدوان على اليمن كما تراجعت شعبية عبد الناصر بعد شنه الحرب على هذا البلد .
٢ – مشاركة الجيش المصري في العدوان على اليمن ستؤدي الى إضعاف وإنهاك قوة هذا الجيش الذي يعد العمود الفقري لحفظ الامن الوطني المصري، في وقت يعلم الجميع ان مصر هي الآن بأمس الحاجة الى هذا الجيش لضبط الاوضاع الامنية في داخل البلاد .
٣ – يعتقد المراقبون ان محاولة إشراك الجيش المصري في الحرب ضد اليمن تأتي في إطار المؤامرة الامريكية الغربية – الاسرائيلية الرامية الى إضعاف جيوش المنطقة لاسيما الجيوش العربية الواحدة تلو الاخرى والتي بدأ تنفيذها خلال الاعوام الماضية ضد الجيشين العراقي والسوري ووصل الدور الآن الى الجيش المصري بهدف إضعاف هذه الجيوش التي تمثل رأس الحربة في مواجهة الكيان الاسرائيلي الغاصب .
٤ – توريط الجيش المصري في العدوان على اليمن بحجة تأمين الملاحة في البحر الاحمر وحماية مضيق باب المندب سيهيئ الارضية لتمدد العصابات الارهابية في داخل مصر لاسيما في شبه جزيرة سيناء، ويمكّنها من ارتكاب المزيد من الجرائم الوحشية بحق الشعب المصري كما يحصل الآن في العراق وسوريا .
٥- مع الاخذ بنظر الاعتبار الاوضاع المتوترة في الداخل المصري والاحتقانات المتنامية بين الشعب والحكومة بسبب التدهور الاقتصادي، فمن الطبيعي أن يؤدي إشراك الجيش المصري في حرب اليمن الى حصول فراغ أمني من شأنه ان يقوض الأمن والاستقرار في البلد وربما سيقود الى اندلاع ثورة شعبية قد تسقط نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي كما حصل مع سلفه محمد مرسي لاسيما وإن الشعب المصري نظم تظاهرات غاضبة امام السفارة السعودية في القاهرة ندد خلالها بالعدوان على اليمن وطالب بعدم إشراك مصر في هذا العدوان .
٦ – يعتقد المراقبون ان انشغال الجيش المصري في حرب اليمن سيؤدي كذلك الى نفوذ العناصر الارهابية الى داخل البلاد وتهديد القطاعات المهمة والحيوية فيها ومن بينها القطاع السياحي الذي تعتمد عليه مصر كثيراً في تأمين ما تحتاجه في الجانب الاقتصادي، ولابد للقيادة المصرية أن تحمل هذا الأمر على محمل الجد باعتبار أن السياحة تشكل عنصراً مهما في الاقتصاد المصري الذي يعاني من ازمات مستفحلة لا يمكن الاستهانة بها كونها تشكل خطورة مباشرة على أمن واستقرار ومستقبل البلاد .
٨ – بعد رفض العديد من الدول إرسال قوات برية للمشاركة في الهجوم البري على اليمن من بينها باكستان بات الجيش المصري في حرج بالغ، لأن مشاركته في هذا العدوان بقوات برية ستجره الى حرب استنزاف جديدة في وقت لا تسمح فيه ظروف مصر ابداً بالقيام بمثل هذه الخطوة في ظل الحرب الشرسة مع الإرهاب ومواجهة التهديدات الخارجية للأمن المصري القومي لاسيما في منطقة سيناء وعلى حدود البلاد الغربية المحاذية لليبيا التي تنشط فيها الجماعات الارهابية .
هذه المخاطر وغيرها تحتم على القيادة المصرية التحلي بالبصيرة في كافة المجالات لاسيما السياسية والامنية والاستفادة من تجارب الماضي كي لا تُغرق الجيش المصري في المستنقع اليمني مرة اخرى، ويحتم عليها كذلك الالتفاف الى الشعب المصري وتلبية احتياجاته الاقتصادية والمعيشية بدلاً من زج أبنائه في حرب لا تخدم سوى اعداء هذه الامة، ويجب ان لا ننسى ان الدم الذي سيراق في اليمن هو دم مسلم وعربي سواء كان مصرياً أو يمنياً ومن الاجدر حشد طاقات الامة تجاه اعدائها لاسيما الكيان الاسرائيلي الغاصب وعدم تبديد هذه الطاقات لمصلحة انظمة لن يطول عمرها كثيراً كالنظام السعودي الذي ورط المنطقة بعدوانه الغاشم على اليمن في وقت احوج ما تكون فيه شعوب المنطقة ودولها الى التكاتف وتوحيد الرؤى لحل أزماتها ومشاكلها خدمة لمصالحها بعيداً عن أي تدخل أجنبي .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق