هل تخرج السعوديّة من ورطة الحرب البريّة عبر الفتاوي؟
لم يبق في جعبة آل سعود وجيشهم الذي يستأسد في قصف المدن والقرى اليمنية بالطائرات الامريكية طلقات كثيرة، فمع مضي الايام على العدوان السعودي، حيث استنفذ المهاجمون كل خياراتهم المتاحة لتحقيق اهدافهم من العدوان على جارهم اليمن الذي أوصل رسائله بأنه عصي على القصف الجوي السعودي الذي يتقن فن الإغارة والغدر على اطفال وشيوخ عزل دون تحقيق اي نتائج تذكر سوى رفع عدد الشهداء الشاهدين على غدر وحقد خدام الحرمين الشريفين .
وفي ظل فشل حملات التسول السياسي في استقطاب مرتزقة وجيوش أخرى تقاتل كبديل عنهم، ومع حملات الفرار الواسعة لارهابيي القاعدة امام عزيمة وثبات واقدام جنود الأرض الاصيلين من الجيش اليمني واللجان الشعبية، يقف آل سعود موقف المتحير المتهيب، فلا تستطيع السعودية العودة الى الوراء دون تحقيق أي إنجاز، وليس سهلا المضي الى الهجوم البرّي المعلوم النتائج .
الطلقة السّعوديّة الأخيرة، النابعة من روح وفكر هذه المملكة، تمثّلت بإعلان “المفتي الأعظم” في السعودية عبدالعزيز آل شيخ دعوته الى التجنيد الاجباري في المملكة، الخطوة التي توّجت حملة تقوم بها المؤسسة الدينية الوهابية لحشد المقاتلين في عاصفة الحزم استعدادا للعمليّات البريّة، دعوة التجنيد التي يرافقها حملات تحريض مذهبي ليس غريبا عن خبث السعودية التي تجد نفسها يتيمة في التوجه الى الصراع البري، كما تحكيه الانفعالات لخطباء مساجد الفكر الوهابي لتخفي رجفة وذعرا ينتابهم. فلماذا هذه الدعوة؟ وما هي أصدائها في المجتمع السعودي؟ وما هو واقع الشباب السعودي في هذا الصدد؟ وهل تستطيع السعودية إنجاز شيئ بلحاظ قدرات حركة أنصار الله؟
المآزق او الإنجازات السعودية
إنجازات السعودية لغاية الآن تمثلت في ظهور الصورة الحقيقية لهذه المملكة في الإعلام وفضح العقل الإجرامي والشهوة الدموية السعودية .
إنجاز آخر يضاف الى السجل تشكر السعودية عليه، حيث ساهم العدوان في تثبيت الكراهيّة وتأليب الشعوب على النظام السعودي، والإنجاز الأهم هو التفاف الشعب اليمني حول خيار مقاومة العدوان، باختصار ما أنجزته السعودية هو تعبئة الإرادة اليمنية على ردّ العدوان والتحضّر للإجهاز على الجيش المعتدي إن أراد الدخول الى اليمن فشكرا لها .
لم يعد أمام السعودية سوى الهجوم البرّي الذي تتناوله بعض القراءات والتحليلات رغم نتيجته الميدانية المحتومة التي ستجر السعودية الى الهلاك .
صفعات قويّة تلقتها الدولة التي تستعد لشن حملة برية من البرلمان الباكستاني الذي رفض مشاركة جيش بلاده في العدوان على اليمن، وكان قد خاب أملها من الموقف التركي الداعي الى ضرورة الحل السلمي، وعدم تعويلها على مشاركة الجيش المصري .
ففي الوقت الذي قرعت السعودية فيه طبول الحرب البرية كمحاولة للهروب إلى الأمام لم تجد من يشاركها هذه الحرب إلا بعض الدويلات الخليجية التي لا يوجد لديها جيوش .
ضعف سلاح الفتاوى المشبوهة
وفي محاولة لاستدراك الأمر، طالب مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل شيخ، في خطبة الجمعة، بإخضاع الشباب السعوديين للتجنيد الإجباري، وقال: “لا بد من تهيئة شبابنا التهيئة الصالحة ليكونوا لنا درعًا للجهاد في سبيل الله ضد أعداء الدين والوطن “.
في السّياق نفسه، كان الداعية السعودي صالح المغامسي قد أكّد أن عاصفة الحزم جهاد شرعي كامل لا شبهة فيه، كذلك الهيئة العالمية للعلماء المسلمين قالت “إن هذه الحملة جاءت نصرة وتلبية لنداء المستضعفين الذين بغى عليهم الحوثيون وانتهكوا حرماتهم ونهبوا أموالهم وعاثوا في الأرض فساداً “.
آل شيخ لم يأل جهدا في صناعة الفتاوى الكاذبة والتحريضيّة لاستنهاض الشباب السعودي الى حرب اليمن، وتبرير العدوان السعودي وجرائمه على أنها دفاع عن حياض الإسلام ودفاع عن الحرمين، ولكن هذه المساعي أمامها عدة تحدّيات منها :
– ضعف الإيمان لدى الشعب السعودي بآل شيخ وشرعيتهم في مقام الإفتاء .
– ضعف الرّوح المعنويّة والإحباط الكبير لدى فئات واسعة من الشباب السعودي، الأمر الذي أشار اليه الرئيس الأمريكي حيث صرح بأن أكبر خطر يتهدد دول الخليج هو سخط الشبان الغاضبين والعاطلين والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم، كما أشارت المعارضة السعودية مضاوي الرشيد متسائلة “تجنيد إجباري لامتصاص البطالة، أم لحروب حكام بدون شرعية، أم لحماية وطن؟ “.
– ضعف القدرات العسكرية لدى الشباب السعودي وقلة الخبرة في الحروب ذلك أن السعودية لم تشارك بحرب حقيقية بعد قيامها .
– حالة الابتعاد عن التديّن في المجتمع السعودي وفي هذا الصدد قال الإعلامي المصري، أحمد منصور:” نصر الله لن يأتي والمليارات تنفق على المعاصي وشباب الأمة يجلس في البيوت والمقاهي يتابع فضائيات الرقص والخلاعة والمسابقات الفارغة لأفضل مطرب وأحسن راقصة”. وكان السيد حسن نصرالله قد تحدّث سابقا عن حالات كفر وزندقة وإلحاد بين بعض المسلمين تأثّرا بالنموذج السيء للإسلام الذي يقدّمه هؤلاء .
– تشتّت الحالات المتدينة من المجتمع السعودي بين العديد من الرايات الدينية والجهادية وتعدّد الولاءات .
– عدم الإيمان لدى الشعب السعودي بأن هذه الحرب هي حرب عادلة والشّك بأهدافها، في هذا الأمر تساءل الناشط السعودي عمر بن عبد العزيز أنه لماذا نقوم بهذه الحرب؟ ومن هو المستفيد منها؟
– وضوح الرؤية لدى الفئة الواعية بأن البوصلة يجب أن تكون باتجاه القدس، فقد علّقت المعارضة السعودية مضاوي الرشيد (أستاذ زائر في جامعة الاقتصاد والسياسة بلندن) قائلة: ” عروبة النظام السعودي تمر بصعدة وصنعاء، أما عروبة القدس فخبر كان “.
ماذا في خيار العدوان البري
في الخلاصة، لا يبدو في الأفق أن هناك دعما عسكريّا مباشرا للسعودية من قبل دول التحالف في العملية البرية، وتحاول الآن ان تستعيض بالشباب السعودي عبر الفتاوى المشبوهة، أما في الجهة اليمنية عشرة ملايين يمني على الأقل، يحملون السلاح منذ جاؤوا الى هذه الدنيا، ويعرفون الأرض التي فيها ولدوا وفي جنباتها سعوا وعملوا وحفروا وتجهّزوا واتحدوا شعبا وجيشا (الجيش اليمني هو الثاني في المنطقة بعد السعودية) لاستعادة الكرامة المهدورة لبلادهم، صورة التقابل هذه ترسم فكرة عن نتائج أي مواجهة برية بين الطرفين، فقرار الحرب البرية سيكون له انعكاسات ونتائج خطيرة جدا على السعودية التي تسير النار بأقدامها ؟ فهل تقع السعودية في الحماقة التي ستعطي الفرصة للشعب اليمني بأن يغرز سكينا لطالما حمله في ثوبه ليقاتل به طمع الغزاة المتربصين خلف الحدود الجارة. انها مواجهة بقرار السعودية نفسها ستحكي نتائجه لنا كيف سيغرس أنف المملكة في التراب اليمني في قادم الاحداث !!
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق