التدخل والعدوان ونقض سيادة الدول الاخري منهج ثابت في السياسة السعودية
خلال لقائه الأخير مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس قال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في مؤتمر صحفي مشترك في الرياض إن بلوغ أهداف الأمن والاستقرار في المنطقة، يتطلب الالتزام بمبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى وضرورة احترام سيادتها على اراضيها .
هذا الكلام جميل وصحيح فيما لو كانت السعودية قد التزمت به فعلاً واحترمت مبادئ حسن الجوار مع الدول الاخرى ولم تتدخل في شؤونها واحترمت سيادتها على اراضيها. لكن الواقع يثبت العكس تماماً وسنورد بعض الامثلة التي توضح ذلك دون ريب أو إشكال كي تتبين حقيقة النظام السعودي ودوره المخرب في إثارة وتغذية الازمات في المنطقة مستفيداً من الامكانات المادية الهائلة التي وفرها له النفط الذي تزخر به أرض الحجاز التي استولى عليها آل سعود في غفلة من الزمن .
يدّعي النظام السعودي انه يرفض التدخل في شؤون الدول الاخرى في حين أثبت الفيصل العكس خلال نفس المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الفرنسي. فقد ذكر في هذا المؤتمر “ان استمرار تدفق الأسلحة إلى حكومة الرئيس بشار الأسد من شأنه تعطيل الحل السلمي المنشود في سوريا، وسنستمر من جانبنا بالتصدي لها والدفع باتجاه الحل السلمي بكل السبل المتاحة ” على حد قوله .
وأضاف ” ان إطار الحل السلمي في سوريا واضح ومتفق عليه من قبل المجتمع الدولي، والمتمثل في مبادئ إعلان جنيف ١، وما اشتمل عليه من ترتيبات لنقل السلطة في هذا البلد “.
والسؤال الآن: ألا يدلل كلام الفيصل الآنف الذكر على تدخل السعودية السافر في الشأن الداخلي السوري ، أم ان مفهوم التدخل الذي تعنيه السعودية لا يفهمه الآخرون والرياض وحدها هي التي تحدد معنى هذا التدخل ومصاديقه من عدمها. يظهر وكما يبدو من كلام الفيصل ان ما تتفوه به السعودية لا يشملها وهي غير مطالبة بالعمل على وفقه كونها – حسب رأيها – منزهة عن الاخطاء ولا تتصرف إلاّ حسبما يقتضيه المنطق والعدل واحترام الآخرين، لكن الفيصل نسي أو تناسى بالأحرى تدخل نظام بلاده بشؤون الدول الاخرى والذي يعرفه القاصي والداني والامثلة على ذلك اكثر من ان تحصى نشير هنا الى بعضها :
١- تدريب العناصر الارهابية وتزويدها بالمال والسلاح وإرسالها الى العراق وسوريا ولبنان وبلدان اخرى في المنطقة لتنفيذ عمليات اجرامية وحشية تودي بحياة الكثير من المدنيين الابرياء العزل وتلحق اضراراً كبيرة بالبنى التحتية لهذه الدول في كافة المجالات .
٢- – شن هجوم عسكري واسع النطاق على دول مجاورة كما يحصل الآن في اليمن بحجة الدفاع عن الشرعية في هذا البلد في وقت يعلم الجميع ان النظام السعودي لا يمتلك الشرعية التي تؤهله للبقاء في السلطة كونه يعتمد التوريث العائلي في اختيار الحاكم ولا يعترف بالاسس الديمقراطية المعتمدة في الدول المتحضرة لانتخاب نوع وشكل الحكومة إضافة الى عدم اعترافه بحقوق الانسان ومن ابرزها منع النساء من قيادة السيارة .
٣- تدخل السعودية في الشأن الداخلي المصري من خلال مواقفها المتقلبة تجاه جماعة الاخوان المسلمين في زمن الرئيس السابق محمد مرسي والحالي عبد الفتاح السيسي وكذلك تحريض الازهر على إصدار بيانات تتعلق بالشأن الداخلي للدول الاخرى كما حصل مؤخراً عندما أصدر الازهر بياناً هاجم فيه الحشد الشعبي في العراق بحجة الدفاع عن المكون السنّي في وقت يعرف الجميع ان هذا الحشد يقوم بواجبه في الدفاع عن البلد وأهله ومقدساته ضد الهجمة البربرية الشرسة التي تنفذها الجماعات الاهاربية وفي مقدمتها تنظيم ” داعش ” وفلول حزب البعث المنحل في العراق .
٤- تدخل السعودية في الشأن اللبناني من خلال دعم التنظيمات التكفيرية والسلفية المتطرفة لإثارة النعرات الطائفية واغتيال الشخصيات الوطنية إضافة الى قيامها بدعم عدد من السياسيين غير النزيهين وغير الكفوئين بالأموال الطائلة والدعاية لهم عبر وسائل الاعلام للتسلق وتسلم مناصب حساسة وخطيرة في هذا البلد .
٥- تدخل السعودية في الشأنين الباكستاني والافغاني من خلال دعم الجماعات الارهابية المتطرفة بالمال والسلاح لتنفيذ عمليات اجرامية ضد شعبي هذين البلدين، وتدخلها كذلك في الشأن السياسي من خلال دعم شخصيات موالية لها كي تتسلم مناصب حساسة ومؤثرة تعمل لصالحها في هذين البلدين .
٦- تدخل السعودية من أجل التأثير على مسيرة المفاوضات النووية بين ايران والمجموعة السداسية الدولية والاتصال بالدول المؤثرة في هذه المفاوضات لاسيما أمريكا وبريطانيا وفرنسا لغرض إقناعها بعدم الاتفاق مع طهران لتسوية هذه الازمة وهو ما يسعى اليه ايضاً الكيان الاسرائيلي كما هو معلوم .
٧- تدخل السعودية في الشأن الليبي والتونسي والسوداني وبلدان افريقية اخرى من خلال دفع الاموال الطائلة لبعض الشخصيات المؤثرة كي تعمل على تحقيق مصالحها في هذه البلدان على حساب شعوبها ودماء وكرامة أبنائها .
هذه الامثلة وغيرها تفند بشكل قاطع المزاعم السعودية بعدم التدخل في شؤون البلدان الاخرى وضرورة احترام سيادتها وفقاً للقوانين والمقررات الدولية ومبادئ حسن الجوار. ولم تكتف السعودية بذلك؛ بل ساهمت بشكل كبير في استمرار وتفاقم ازمة الشعب الفلسطيني من خلال تدخلها الى جانب السلطة الفلسطينية التي يتزعمها محمود عباس وخذلانها لحركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية المقاومة بحجة تنسيقها وتعاونها مع طهران اثناء تصديها للعدوان الاسرائيلي المتكرر على غزة بدلاً من ان تنفق الاموال الطائلة التي بحوزتها والتي هي في الحقيقة اموال المسلمين لصالح هذا الشعب ونصرة قضيته العادلة من اجل استعادة حقوقه المغتصبة في الارض والوطن .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق