التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

كيف ستنهار السعودية علي أعتاب اليمن: الحملة البرية، ستكون فيتنام دول الخليج الفارسي؟ (الجزء الثاني) 

 إن السعودية التي تقرع طبول الحرب البرية، وبعد مرور كل هذا الوقت من حربها الجوية على الشعب اليمني، لم تنجح في تدمير القوة العسكرية للجيش اليمني واللجان الشعبية المدعومة من حركة أنصار الله، فضلاً عن أنها فشلت في صد تقدّم القوات اليمنية نحو مدينة عدن والمحافظات الأخرى لطرد تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة التابعة للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي. ولأن السعودية التي تزداد حماقةً يوماً بعد يوم في التعاطي مع الملفات الخارجية، قد تظن أنها ومن خلال الحرب البرية ستكسب. لكن التوجه الى الخيار البري هو بحد ذاته، إقرارٌ بالفشل السعودي في العدوان الجوي، الأمر الذي سيلحقه حتماً، فشلٌ على الصعيد البري. فكيف تتجلى أسباب هذا الفشل؟ وما هي النقاط العامة التي تؤكد خسارة السعودية؟ وكيف يمكن تحديد نقاط الضعف العسكرية لهذا التدخل؟

أولاً: نقاط الضعف العامة :

تحشد القوات العسكرية السعودية على الحدود مع اليمن ربماً تحضيراً للحرب البرية. لكن حتماً سيكون لهذه الحرب تكلفة كبيرة على السعودية، التي يبدو أنها لا تعرف أين أدخلت نفسها. وهنا يجب الإشارة الى التالي من النقاط التي تؤكد أن السعودية ستكون أول الخاسرين في الحملة البرية :

–         لم تكن عملية “عاصفة الحزم” المواجهة العسكرية الأولى التي تكون حركة أنصار الله  طرفاً فيها. ولعل السعودية نسيت أنه وفي العام ٢٠٠٩، خاضت حركة أنصار الله وبأسلحتهم البدائية معركة حدودية مع السعودية، إنتهت بدخول المقاتلين اليمنيين لحوالي ٢٥ بلدة سعوية. إضافةً إلى أن الحركة نفسها، خاضت ست جولات مع اللواء التابع لعلي محسن الاحمر في الجيش اليمني بين أعوام ٢٠٠٤ و ٢٠٠٩ .

–         لقد كسب الجيش اليمني وأنصار الله من خلال الفترة السابقة في الداخل اليمني، تجربة جديدة عبر محاربتهم لتنظيم القاعدة في الداخل. ولعل “القاعدة” التي شكّلت أرضيةً للتدخل البري المبكر وبشكل غير مباشر، للتحالف السعودي، في المواجهة مع الجيش واللجان الشعبية، مهّدت الطريق أمام اليمنيين لكسب خبرات قتالية في صد أي عدوان خارجي ، وبالفعل نجحت حركة أنصار الله في دحر القاعدة بعد أن فشلت العديد من الدول الإقليمية في مواجهتها .

–         تشير تصريحات قائد العملية البحرية لإغلاق مضيق بابا المندب في حرب أكتوبر ١٩٧٤، الفريق أشرف رفعت، وبحسب تعبيره، أن “التحديات التي تواجه القوات البرية هذه المرة في اليمن  أكبر بكثير من التي واجهتها القوات المصرية في التدخل السابق، حيث تواجه ميليشيات الحوثيين المدربة لسنوات، ولديها خبرة في إغلاق المنافذ المؤدية للمدن الرئيسية، وممرات الجبال”، ويوضح رفعت أن “هذا الأمر، يشكل عقبة رئيسية أمام أي جيش نظامي، يحاول استخدام المعدات الثقيلة أو المركبات المصفحة، بما يعني أن هذه الأسلحة لن تكون مجدية “.

ثانياً: نقاط الضعف العسكرية بالتحديد :

قد تكون الحدود الطويلة للسعودية مع اليمن، من أبرز نقاط قوتها. لكن العارف بالأمور العسكرية يدرك أنه على المهاجم أن يكون متيقناً من قدرته على تحقيق الهدف من هجومه وبأقل الخسائر. فقد يعتبر البعض أن الحشد الضخم والإمكانات العسكرية المتطورة، وكذلك الحدود الطويلة هذه والمشتركة لليمن مع السعودية، فضلاً عن القدرة الاقتصادية والحرب الإعلامية التي جنّدت خلالها الرياض جيشاً من القنوات التلفزيونية والإعلاميين من أبرز نقاط القوة السعودية. لكن كافة الإمبراطوريات لم تنجح في احتلال اليمن نظراً لطبيعته الجغرافية وشراسة مقاتليه. مما يعني أن نقاط القوة هذه ستتحول الى عقباتٍ ونقاط ضعفٍ يجب التوقف عندها. فعلى الرغم من أن التدخل البري للسعودية قد يشارك فيه ٩ دولٍ أخرى إلا أنه لا يمكن التغافل عن الأمور التالية والمهمة من الناحية العسكرية :

–         إن الخبرات العسكرية لأنصار الله في حرب العصابات، وكذلك الجيش اليمني بعد تجربة القاعدة، تعتبر من أبرز نقاط القوة التي ستواجه الجيوش النظامية المعتدية .

–         يتمتع الجيش اليمني واللجان الثورية بدراية كبيرة في الطبيعة الطبوغرافية، مما يشكل تحدياً يجب أن تأخذه القوات المهاجمة بعين الاعتبار. فمن الناحية العسكرية يعتبر مالك الأرض صاحب القوة، وهذا ما تتقنه القوات اليمنية .

–         إن الطبيعة الجغرافية الصعبة ستشكل عقبة رئيسية أمام أي جيش نظامي، يحاول استخدام المعدات الثقيلة أو المركبات المصفحة، بما يعني أن هذه الأسلحة لن تكون مجدية .

–         إن الجنود التي لا تقاتل على أراضيها أو دفاعاً عن شعبها، بل تقاتل بسبب الأموال، سريعاً ما ستترك المعركة عندما تتوفر لها سبل الهروب. لذلك فعلى السعودية أن تفهم، أن ما تطرحه اليوم من نقاش حول تعويض آل سعود على عوائل الشهداء لن يجدي نفعاً. فالسعودية تعرض وبحسب الجنسية تعويضاً. فالإمارتي ٥٠٠ ألف دولار، والسوداني ١٥ ألف دولار، أما المصري ٥ ألاف دولار فقط .

–         إن وقوف الشعب اليمني كتفاً إلى كتف بجانب الجيش واللجان الثورية من أبرز نقاط القوة. فالعدوان السعودي كان على الشعب اليمني كافة. وقد لا تعرف السعودية أن في اليمن هناك ما يزيد على ٦٠ مليون قطعة سلاح فردي فقط .

–         لن ينجح الرهان على الجيش المصري، والذي إذا ما تدخل برياً في اليمن، لن يقبل بأن يتلقى أوامره من السعودية وهذا ما سترفضه الأخيرة .

وبالتالي فإن التدخل البري يعاني من الكثير من المشكلات التقنية الميدانية وأخرى على صعيد قيادة الحرب. فالتدخل البري سيكون منزلقاً خطيراً يذكر بالتجربة المصرية في ستينيات القرن الماضي، والتي تجرّع سمّها الجيش المصري الذي أرسل لمحاربة القبائل. ولأن الوضع في أفغانستان كان شبيهاً بعض الشيء وأدى الى نصيحة الخبراء لأمريكا بعدم الإنتحار هناك، فإن اليمن سيشكل حتماً مقبرةً لدول الخليج الفارسي وكل من يقف خلفها. فهذه الدول التي لا تعرف من الحياة إلا عروشها وقيمة الدولار، ولا تراهن إلا على من تشتريهم وتستغل حاجاتهم المادية، تواجه اليوم شعباً أعزل، يعتبر من أشرس شعوب العالم وأقواها بنيةً في القتال. وهنا يكون التدخل السعودي إنتحاراً حتمياً. وقد يكون الشعب اليمني ينتظر ذلك بفارغ الصبر، ليرد على سياسة السعوية تجاهه منذ سنين طويلة. وهنا يأتي السؤال التالي والأهم: هل ستكون الحرب البرية مع اليمن، فيتنام دول الخليج الفارسي؟

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق