نقّاد غربيون يسخرون من زعم ملك البحرين محاربته “الطائفية”
يقدّم الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة نفسه مدافعا عن الوحدة الوطنية في بلاده، بعد 4 سنوات من صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق، الذي اتّهم النظام باستهداف الطائفة الشيعية والتمييز الممنهج ضدّها، سواء في العمل، أو في الشارع، أو حتى في السّجن.
وبحسب موقع “مراة اليوم” فان التقرير الذي لم يرتح منه الملك حمد، أوصى ببدء برنامج “مصالحة وطنية” شاملة، ولا تزال المطالبات بهذه “المصالحة” على ألسن المسؤولين من مختلف دول العالم. الحكومة لم تستطع الرد على هذه التوصية، ولا حتى بطريقة المراوغة، ومن جانب آخر، فلم يوقف مشروعها السياسي ضد البحرينيين الشيعة أي شيء!.
خلال ترؤسه جلسة الحكومة (الإثنين 6 أبريل/ نيسان 2015) قال الملك إن “البحرين تحترم جميع الأديان والمذاهب (…) ومجتمعها يقتدى به في حرية ممارسة الشعائر والانفتاح على الآخر، فلن ينجح من يلعب على وتر الطائفية والمذهبية”.
وفضلا عن محاربة عقائدهم، يُمنع الشيعة على مر تاريخ الدولة من العمل في المؤسسات العسكرية، ويمكن للسلطات الأمنية أن تشتبه في كل من اسمه يدل على أنه شيعي، والتعريض به في الشارع، ويعيش هؤلاء كمواطنين درجة ثانية، من ناحية الخدمات والمنافع الحكومية: بلا أمن، ولا وظائف، ولا حرّيات دينية، ويضيّق حتى على طلّابهم حين يذهبون للدراسة في جامعات خارج البلاد!
رئيس منظمة هيومان رايتس فيرست براين دولي علّق لـ “مرآة البحرين” على حديث الملك: “القول إنك ضد الطائفية أمر عظيم، ولكن ما يهم فعلا هو إثبات ذلك”.
وأضاف “الاختبار هو إن كانت السياسة في البحرين شاملة، ما إذا كانت قوات الأمن، على سبيل المثال، تمثل المجتمعات التي تخدمها. عندما تنظر إلى تكوين الحكومة والشرطة والجيش، لا بد لك من القول إنه اختبار فشلت فيه البحرين فشلا ذريعا”.
في العام 2006 كشف مستشار بالديوان الملكي، وهو بريطاني من أصول سودانية، يدعى صلاح البندر، عن خطة متكاملة وضعها الديوان بهدف سحق الشيعة من خلال تجنيس أجانب سنة، وحرمانهم من التوظيف والبعثات التعليمية، ومحاصرتهم تجاريا أيضا.
نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان يوسف المحافظة (لجأ لألمانيا) يوضح “الديوان الملكي متورط بشكل مباشر في تقرير البندر، فضلا عن أن التعيينات التي تصدر عن الملك نفسه تظهر تمميزا فاضحا ضد الطائفة الشيعية” في إشارة إلى المناصب العليا في الحكومة، من مدراء، ووكلاء، ووزراء، وقضاة، وأعضاء في النيابة العامة، وغيرهم.
وأضاف المحافظة “الشيعة لا يمثلون حتى 1٪ في الجيش، والملك هو القائد الأعلى لتلك المؤسسة العسكرية… وقانونا هو المسؤول عن هدم مساجد الشيعة ونبش قبورهم، ولا يمكن لمن يمارس هذة الممارسات التكفيرية أن نصدق أنه يكافح الطائفية”.
ويعتقل النظام البحريني ما لا يقل عن 13 رجل دين شيعي، بعضهم محكوم بالسجن لأكثر من 90 عاما، كما هو الحال مع الشيخ محمد حبيب المقداد، الذي تتهمه السلطات اتهاما فارغا بمحاولة قلب نظام الحكم.
وللتو مرت الذكرى الرابعة على قيام الجيش البحريني بهدم 38 مسجدا للشيعة، ورغم اعترافها بهذه الجريمة، لم تعتذر السلطات عنها، وفي مراوغة طائفية خطيرة، استخدمت في بياناتها مفردة “دور العبادة” بدلا من “المساجد”.
وعلاوة على ذلك، قامت السلطات برعاية حملات التكفير والكراهية والازدراء التي شنّها رجال الدين السنّة المتطرّفون، ضد الطائفة الشيعية ومعتقداتها، حتى على التلفزيون الرسمي، ثم جاء الملك في 2015 ليقول “نحن جميعا نسجد لرب واحد ولا فرق بين أي منا سواء في العقيدة أو المذهب”!
الكاتب البريطاني المتخصص بشؤون البحرين، طالب الدكتوراه، مارك أوين جونز، أبدى استهجانه من تصريحات الملك وقال “من الصعب اعتبار الأفعال التي قام بها الملك على مدى السنوات الأربع الماضية تساهم في الحرب ضد الطائفية”.
وأضاف “بما أنّه رئيس دولة هدّمت مراكز الشيعة الدينية، ولم يحرّك ساكنًا بينما كانت تشجّع وسائل الإعلام المحلية على الخطاب الطائفي، وتنشر الشائعات عن وجود يد إيرانية خلف المعارضة، يبدو أنّ حمد هو الرئيس الظاهري لحكومة تسعى إلى إشعال فتيل الطائفية”.
ومنذ (مارس/ آذار 2011) يشن الإعلام البحريني الرسمي والممول حكوميا هجوما كاسحا على أبناء الطائفة الشيعية الذين يصفهم بـ”الخونة”، واليوم يبقى هؤلاء خارج دائرة الدولة، ويتم التعامل معهم على أنهم مجرد “أذناب لإيران”.
إن تلك العبارات الإنشائية التي أطلقها الملك لا يمكن أن تغير من حقيقة أن العالم ينظر للبحرين على أنها ترتكب “انتهاكات خطيرة لحرية الدين”، كما يقول المقرر الأممي للحريات الدينية بمنظمة الأمم المتحدة، هاينر بيلفالدت.
وقبل يومين من تصريحات الملك، كان بيلفالدت قد قال إن “الكثير من النشطاء الشيعة اعتقلوا ومنهم من غادر البلاد جراء تلك الانتهاكات”، معبرا عن “اهتمامه بموضوع التمييز ضد السكان الشيعة على وجه الخصوص”.
وبينما لا تزال آلة الحرب الطائفية السعودية تعمل في اليمن، بمشاركة البحرين، كامتداد متوقّع لعمل الجماعات الدينية المتطرّفة في سوريا والعراق، وتضع الإقليم كلّه على حافة حرب طائفية شاملة، يأتي تصريح الملك لا أكثر من سخرية فارغة.
لقد ضربت كل الصحف ووسائل الإعلام الدولية، التي أكثرت الحديث خلال الأسابيع الماضية عن “حرب الرياض”، والأنظمة “الخليجية الطائفية”، البحرين نموذجا صارخا على الدّوام، ولعل ذلك هو السبب في أن يستنفر الملك في هذا الوقت تحديدا! .