التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

داعش يتقهقر ويخسر أراضيه ومقاتلوه بين مطرقة الموت وسندان الهروب 

لا شك أن الأرضية الخصبة لنشوء التنظيمات التكفيرية كانت ناضجة قبل اندلاع الأزمة في سوريا فالعناصر التكفيرية لم توقف نشاطاتها منذ اندلاع الحرب في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي الذي دخلها في كانون الأول عام١٩٧٩م. والى ما قبل سقوط نظام صدام حسين ٢٠٠٣م وما بعد الغزو الأمريكي الذي أصبح الراعي الرسمي بتمويل خليجي للجماعات التكفيرية التي نكلت بالمواطنين العراقيين من مختلف الأديان والمذاهب بحجة الردة والكفر، تواصلت العمليات الانتحارية وعمليات القتل وتبلورت فكرة ما سمي بـ”دولة العراق الاسلامية” التي تسلم خلافتها “ابراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي) أبو بكر البغدادي) منذ عام ٢٠١٠م بعد مقتل كل من المصري “عبد المنعم عز الدين علي البدوي) “ابو حمزة المهاجر) (١٩٦٨-٢٠١٠)، و”حامد داوود محمد خليل الزاوي “ابو عمر البغدادي(١٩٥٩-٢٠١٠ ).

وكان لاندلاع الأحداث السورية عام ٢٠١١م حافز مهم للجماعات التكفيرية التي تحمل حلم توسع الخلافة الاسلامية لتحقيق مكاسب ومصالح كانت واضحة فيما بعد من خلال نقض العهود بين كل من جبهة النصرة وتنظيم داعش فالأول أعلن البيعة للبغدادي وبعد أن مكن سيطرته على مناطق الجنوب والغرب السوري والرقة نقض بيعته وأعلن ولاءه التام لأيمن الظواهري (القاعدة) والأخير نقض عهده مع القاعدة بعدما تمكن من بسط سيطرته على العديد من المدن السورية وإحساسه بالغرور بعد وصوله الى مدينة الموصل الذي أعلن منها الخلافة مما أشعره بأن مشروعه أصبح أكبر من مشروع القاعدة التي قتل زعيمها الأول اسامة بن لادن .

تمدد تنظيم داعش في سوريا والعراق على وجه الخصوص ظل آخذا بالتوسع بشكل كبير حيث ساعدت عدة عوامل في سهولة انتشاره ومنها :

١-      بيئة حاضنة للفكر التكفيري منذ ما قبل الغزو الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣م حمت هذه البيئة ظهر التكفيريين وأمنت لهم دعما ماديا ومعنويا .

٢-      خيانة بعض قادة الجيش الذين كانوا بمعظمهم أيام حكم صدام من القيادات البارزة في جيشه الا أن الشغور في الجيش العراقي بعد خروج أمريكا من العراق فرض على الحكومة إعادتهم الى مناصبهم, فكان يسيرا على تنظيم داعش التعامل معهم وشراء ذممهم بالقليل من المال تارة أو عبر وعود بمناصب قيادية في التنظيم بعد بسط سيطرته الكاملة على العراق .

٣-      ئالحملة الدعائية التي سبقت الهجوم على كل مدينة أو محافظة عبر التهويل ونشر الرعب والوعود بالأمان لمن يسلم نفسه وهذا ما دفع طلاب قاعدة سبايكر مثلا على الاستسلام فما كان من التنظيم الا أن أعدمهم جميعا حيث بلغ عدد القتلى حوالي ١٧٠٠ قتيلا أعدموا خلال ساعات.

ظل المد الداعشي في أوجه حتى النصف من حزيران ٢٠١٤م حيث أصدرت المرجعية الدينية فتواها بوجوب قتال داعش ودحره عن الأراضي العراقية، وبعدها تشكلت قوات الحشد الشعبي التي آزرت الجيش العراقي الذي عانى من عدم التنظيم والتفكك بعد الانشقاقات التي حصلت داخله قبل أن يعاد تنظيمه. مع ذكر الدور الايراني في المعارك في أكثر من منطقة بشكل علني وعلى اعتراف القيادة السياسية العراقية التي أثنت على دور الحرس الثوري الايراني الذي نظم صفوف الحشد الشعبي وساهم مع الجيش العراقي بوضع الخطط الهجومية لاسترداد ما أخذه تنظيم داعش من أراض، وهذا ما أكده الاعلام الأمريكي الذي أفرد صفحات لهذا الموضوع .

وجاء بعد ذلك التدخل الغربي بقيادة أمريكا التي حاولت استدراك الموقف وتسجيل مكاسب ميدانية تسجل لها عبر ضربات جوية أثبتت عدم جدواها حتى وصفها البعض بأنها مجرد عملية تقليم أظافر للتكفيريين الذين أسقطت لهم المساعدات في عدة مناطق حسب صور وأفلام توثق هذا الادعاء .

تقدّم الحشد الشعبي والجيش العراقي أثبت فعاليته في فترة زمنية قياسية وما زال فعالا بطبيعة الحال حيث أنه ما تزال العديد من المدن العراقية تحت سيطرة تنظيم داعش، كما أن التحضير لدخول مدينة الموصل قائم وما تحرير تكريت الا بوابة العبور لتحرير الموصل التي باتت مركز الخلافة لتنظيم داعش الإرهابي .

حتى الآن تفيد التقارير الميدانية خسارة تنظيم داعش حوالي ٣٠% من الأراضي التي كان يسيطر عليها وهذه النسبة الى مزيد من الصعود بعد أن أصبح التنظيم بحالة دفاعية بحتة بعد أن سلب منه الجيش والحشد الشعبي زمام المبادرة ومنعه من التقدم وقضم أراض أخرى .

تراجع تنظيم داعش وتقهقره له عوامل عديدة ومنها على سبيل المثال لا الحصر :

١-      توحد الحشد الشعبي والجيش والتنسيق العالي بين الطرفين من حيث خطط الهجوم والإسناد .

٢-      توجيه المرجعية التي أفتت في حزيران ٢٠١٤م بوجوب قتال التكفيريين وحماية الأراضي العراقية وقرار حركات المقاومة على اختلافها بالدخول في هذه المعركة .

٣-      الدعم المعنوي الذي تلقاه الجيش العراقي والقوات الحكومية التي وجدت المؤازرة من القوات الشعبية المختلفة عبر المتطوعين في قوات الحشد الشعبي .

٤-      التدخل الايراني عبر الحرس الثوري وفيلق القدس بقيادة اللواء قاسم سليماني، الذي كان له حضور مباشر في كل المعارك التي دارت مما رفع من معنويات المقاتلين ومدهم بالسلاح والخبرة والتخطيط .

٥-      الانشقاقات الداخلية التي حصلت داخل داعش وتصفية الهاربين كان لها أثر كبير بعد أن وجد المقاتلون الأجانب أنفسهم بين شرين اما البقاء ومواجهة الحشد الشعبي والجيش العراقي واما الهروب والعودة الى أوطانهم مع ما يحمله ذلك من مخاطر حيث إن الحدود التي كانت مفتوحة لهم للدخول الى سوريا والعراق باتت مقفلة بوجههم في طريق العودة .

٦-      تضييق الخناق على داعش ومحاولة تجفيف منابع تمويله وقطع طرق إمداده أصابته بحالة من الحصار والضيق كانت بارزة في الأمس عبر استماتة التنظيم في محاولته لدخول مصفى بيجي النفطي, تلك المحاولة التي باءت بالفشل حسب الجيش العراقي الذي صد الهجوم وأوقع المسلحين بين قتيل وجريح قبل أن يفر الباقون عائدين الى الموصل .

٧-      تململ السكان الذين يعيشون تحت ظل ما يسمى بالخلافة بعد تزايد الإعدامات العشوائية بأبشع أشكالها وحالات العنف الجنسي والسرقات والارتكابات المثيرة للجدل، حتى بات السكان الذين سهلوا وصول داعش ينتظرون قدوم الفرج عبر الجيش والحشد الشعبي ان لم ينقلبوا هم أنفسهم على هذا التنظيم الإرهابي .

اذا فالوقائع الميدانية تشير بأن التحضير لمعركة استرداد الموصل تطبخ على نار حامية وأن مقاتلي الجيش والحشد الشعبي في أتم الجهوزية والاستعداد لخوض المعركة، قاطعين الطريق على التحالف الأمريكي الدولي لكسب امتيازات هنا وهناك فالقاصي والداني بات يعلم بأن هذا التحالف لم يقدم في هذه المعركة شيئا وأن العراق للعراقيين، ورغم الحملات العربية والغربية لتشويه صورة الحشد الشعبي وتصويره على أنه ميليشيات طائفية الا أن الواقع على الأرض يشير الى عكس ذلك حيث بات واضحا التفاف العشائر حتى السنية منها وانضوائها ضمن قوات الحشد سعيا منها للتسريع في دحر داعش وعودة الأراضي العراقية الى أهلها .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق