معركة الأنبار؛ ثنائية العشائر-الحشد
يسطّر الشعب العراقي حالياً أروع الملاحم البطولية في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي بغية دحره من مختلف المحافظات، ولا شكّ في أن التنوع الطائفي والمناطقي كان السبب الرئيسي لنجاح العراقيين في استعادة مناطقهم من غرباء التنظيم الذي لم يرحم البشر ولم يبقِ الحجر.
بعد سقوط الموصل امام المد الداعشي، انتفضت مختلف الأطياف العراقية بمساعدة المرجعية الدينية لتشكيل قوات الحشد الشعبي التي بدورها وقفت إلى جانب القوات المسلحة العراقية لمواجهة التنظيم الإرهابي، لكن الانتصارات المتتالية لهذه القوات والتي قطعت الطريق بشكل كبير على التحالف الدولي في استثمار الوضع العراقي من ناحية، وظهور حالات فردية لا يمكن تعميمها بل كانت موقع انتقاد وشجب قيادة الحشد قبل غيرهم، من ناحية أخرى، كل هذه الأمور ساهمت بشكل كبير في توجيه الانتقادات من قبل الأمريكيين وبعض العراقيين للحشد الشعبي العراقي.
معركة الأنبار
إعلان قيادة العمليات المشتركة في الأنبار التي تشهد حالياً معارك عنيفة تسبّبت في نزوح آلاف السكان من مناطقها الشرقية والشمالية، رغم سيطرة القوات الامنية على مركز المدينة بالكامل، عن الحاجة لدعم عسكري لوجستي لحسم المعركة، دفع برئيس قوات الحشد الشعبي هادي العامري للتأكيد على أن قوات الحشد بانتظار أوامر القائد الاعلى للقوات المسلحة حيدر العبادي لتلبية “الواجب المقدّس” في الدفاع عن الوطن وشعبه.
لم يشترط العامري رغم الإساءة المقصودة التي تعرّضت لها قوات الحشد الشعبي في تكريت بعد النجاح الكبير الذي تحقق في المدينة، أي ضمانات للمشاركة في معركة الأنبار بل أكّد على هامش لقائه بعدد من شيوخ عشائر محافظة الأنبار، أن “مدينة الرمادي تعاني، اليوم، من جرح حقيقي يستدعي من جميع العراقيين الوقوف معها ليس منة بل واجبا، لأن التاريخ سيسائل غدا أي شخص لا يقف مع الرمادي”، داعيا قوات الجيش والشرطة والحشد الشعبي إلى “ترك الخلافات والتعاون من اجل تخليص اهلنا من شر داعش”. العامري أوضح أننا” لن نترك الأنبار بهذه المحنة ولكن لا نذهب كضيوف غير مرحب بهم”، مضيفاً أنه ” عليكم أن تطالبوا حيدر العبادي كونه القائد العام للقوات المسلحة بالإضافة إلى المطالبة الشعبية وبالتالي سنكون بخدمة أهلنا في الأنبار”.
ثنائية العشائر-الحشد
لطالما شكّلت ثنائية العشائر-الحشد الشعبي معادلة الحسم على الساحة العراقية، وقد جاءت موافقة العامري على المشاركة في معركة الأنبار رغم رفض التنظيم الدخول في أي معركة بغطاء جوّي أمريكي، بعد الدعوات التي تلقاها الحشد من عشائر عراقيّة عدّة لمساعدتهم في مواجهة الإرهاب، في ظلّ بطء الحكومة في تسليح العشائر هناك بسبب ضعف الإمكانات والضغوطات الخارجية.
إعلان قبيلة البوفهد أن عشائر الأنبار تخول القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي إقرار مشاركة الحشد الشعبي في عمليات تحرير المحافظة، شكّل ضربة قاصمة لدعاة الطائفية في العراق.
شاهد آخر على الافتراءات التي يتعرض لها الحشد جاءت على لسان الشيخ محمود السرحان، في كلمة له على هامش مؤتمر عشائري عقد في الانبار، عندما أكد ان “السياسيين المعارضين لدخول الحشد الشعبي من أجل مساندة أهل المحافظة يقفون مع داعش”، داعياً إياهم الى “كف ألسنتهم”.
عندما يعلن أحد شيوخ عشائر البو فهد، أن المحافظة بها رجال يقاتلون داخل المحافظة وهم من يقدر المسؤولية، وأن مقاتلي المحافظة يريدون الحشد الشعبي، يقطع الشك باليقين في أن رسالة العشائر في الأنبار لكافة العراقيين هي “قتل الطائفية التي أتى بها السياسيون المتآمرون على المحافظة والبلد”. وهنا تجدر الاشارة أيضاً إلى أن النائب غازي الكعود وهو أحد شيوخ عشيرة البو نمر انتقد في (2 تشرين الأول 2014)، “الأبواق الطائفية” التي ترفض دخول الحشد الشعبي إلي محافظة الأنبار.
اذاً المشهد العراقي يشير إلى تلاحم ميداني كبير وهذا ما أكده الشيخ السرحان عندما قال “نحن المقاتلين من نقرر من نريد ونحن نريد الحشد الشعبي”، فقد بات واضحاً أن كل من يحارب داعش ويعيش آلام المشهد العراقي ميدانياً يطالب بدعم الحشد الشعبي لما يراه من مصلحة فردية وعائلية واجتماعية، وأما الباقون…
عندما يتّحد أي شعب في مواجهة عدوان خارجي، فإن بشائر النصر تلوح بالأفق، والمعارك التي تخوضها القوات المرابطة في ارض القتال هي معارك جميع العراقيين وجميع الاطراف ستتحمل المسؤولية امام الشعب والقانون عاجلا ام آجلاً. العراق بات اليوم وأكثر من أي وقت مضى بأمس الحاجة إلى ثورة عشائرية-حشدية(نسبةً إلى الحشد الشعبي) في وجه الإرهاب علّه ينفض غبار الاحتلال الذي بدأ عام 2003 واستكمل عام 2104، ولا شكّ في أن التلاحم البطولي بين القوات الامنية والحشد الشعبي والعشائر في الانبار وبقية المحافظات سيهزم كافّة العصابات الارهابية.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق