ثقافة النظافة .. إلى أين؟
عبدالرضا الساعدي
كانت بغداد مضرب الأمثال بالجمال و(التبغدد ) والرشاقة .. رغم أن الحكومات السابقة التي كانت تدير أمور البلد ليست حريصة على البلاد وشعبها أبدا .. ولم تكن (نظيفة ) بحال من الأحوال ! .. ترى ما الذي حصل ؟
أحيانا يبدو لي أن القضية تحتاج فعلا لمناقشة ودراسة ومعالجة أيضا ، فهل تخلى الناس عن الاهتمام بما حولهم إلى درجة الإهمال واللامبالاة ، بسبب ما يلاقونه من متاعب وضغوط وحيف يومي وصلت إلى درجة أن ينظر إلى النفايات والأوساخ وكأنها لا تعنيه بشيء .. أم أن التقصير إداري وحكومي _حصرا _ تتحمله الدولة بوصفها الراعية والمسؤولة عن تنظيف الأماكن والأحياء ؟
كل الإجابات محتملة .. وكلها ربما تحتاج إلى أسئلة إضافية ، ومنها : لماذا اختفت وتلاشت ثقافة النظافة التي يتمتع بها الناس طيلة عقود مدنية من الزمن .. وهل بوسع هذه الثقافة لو توفرت الآن بشكلها الطبيعي أن تحد من حالة القذارة والمناظر غير السارة التي تواجهنا يوميا ، لا سيما في عاصمة (التبغدد ) ؟
كانت النظافة سابقا تقترن بالحالة الاقتصادية لأي بلد ، ولست من هذا الرأي أبدا ، فقد رأيت بلدانا فقيرة عربية وغير عربية _ليست نفطية_أكثر نظافة من بلدان نفطية أكثر غنى وأكثر ثراء بمئات السنين الضوئية !.. أما لو تحدثنا بمستوى آخر لا صلة له بالغنى والفقر مثلا ، بل من مستوى أخلاقي وديني ، لازدادت علامات التعجب حول القضية ، ومنها كان يفترض ببلدان إسلامية مثلنا أن تكون نظيفة أكثر من غيرها ، لا سيما وإن الإسلام يؤكد على النظافة ، وما زال يتردد في أذهاننا ما تعلّمناه في المدارس يوم كنا صغارا الحديث النبوي الشريف :(( تنظفوا فإن الإسلام نظيف )) ..
فما الذي حصل بالضبط ؟
بصراحة شديدة ومخيفة نرى أن ثقافة النظافة تتراجع في بلدنا للأسف بشكل سريع .. وها هي المشاهد اليومية غير المقبولة التي تتوالى علينا ، سواء من الإدارة الحكومية أو من الكثير من الناس في _آن معا _ أكبر دليل على هذا التراجع .. فالعمال المكلفون بالنظافة أصبحوا أقل همّة وحماسة ومسؤولية من قبل في عملهم ، وربما يعود الأمر إلى الأجور المتدنية جدا تلك التي يتقاضاها هؤلاء العمال ، وهذا سبب مهم من أسباب تراجع النظافة ولكنه ليس كل الأسباب طبعا .. لأننا جميعا جزء من هذه المهمة اليومية الكبيرة التي لا تقل خطورة من مهمة مكافحة الإرهاب _بدون مبالغة_ .. فالقذارة المتراكمة تلوث كل شيء ، الهواء والبيئة والجمال والوطن بحاله ، وتقتل الناس قبل كل شيء ولكن بطرق مختلفة .. و بالاستمرار تعتبر فتاكة ومدمرة ولو بشكل بطيء .. وهذا لا يحتاج إلى تأكيد ولكننا مضطرون لإعادة تأكيده ، ففي (الإعادة إفادة) كما يقول المثل ، وفي بلد حكامه أصبحوا ينسون ما كان ويكون !.
أحيانا يبدو لي أن القضية تحتاج فعلا لمناقشة ودراسة ومعالجة أيضا ، فهل تخلى الناس عن الاهتمام بما حولهم إلى درجة الإهمال واللامبالاة ، بسبب ما يلاقونه من متاعب وضغوط وحيف يومي وصلت إلى درجة أن ينظر إلى النفايات والأوساخ وكأنها لا تعنيه بشيء .. أم أن التقصير إداري وحكومي _حصرا _ تتحمله الدولة بوصفها الراعية والمسؤولة عن تنظيف الأماكن والأحياء ؟
كل الإجابات محتملة .. وكلها ربما تحتاج إلى أسئلة إضافية ، ومنها : لماذا اختفت وتلاشت ثقافة النظافة التي يتمتع بها الناس طيلة عقود مدنية من الزمن .. وهل بوسع هذه الثقافة لو توفرت الآن بشكلها الطبيعي أن تحد من حالة القذارة والمناظر غير السارة التي تواجهنا يوميا ، لا سيما في عاصمة (التبغدد ) ؟
كانت النظافة سابقا تقترن بالحالة الاقتصادية لأي بلد ، ولست من هذا الرأي أبدا ، فقد رأيت بلدانا فقيرة عربية وغير عربية _ليست نفطية_أكثر نظافة من بلدان نفطية أكثر غنى وأكثر ثراء بمئات السنين الضوئية !.. أما لو تحدثنا بمستوى آخر لا صلة له بالغنى والفقر مثلا ، بل من مستوى أخلاقي وديني ، لازدادت علامات التعجب حول القضية ، ومنها كان يفترض ببلدان إسلامية مثلنا أن تكون نظيفة أكثر من غيرها ، لا سيما وإن الإسلام يؤكد على النظافة ، وما زال يتردد في أذهاننا ما تعلّمناه في المدارس يوم كنا صغارا الحديث النبوي الشريف :(( تنظفوا فإن الإسلام نظيف )) ..
فما الذي حصل بالضبط ؟
بصراحة شديدة ومخيفة نرى أن ثقافة النظافة تتراجع في بلدنا للأسف بشكل سريع .. وها هي المشاهد اليومية غير المقبولة التي تتوالى علينا ، سواء من الإدارة الحكومية أو من الكثير من الناس في _آن معا _ أكبر دليل على هذا التراجع .. فالعمال المكلفون بالنظافة أصبحوا أقل همّة وحماسة ومسؤولية من قبل في عملهم ، وربما يعود الأمر إلى الأجور المتدنية جدا تلك التي يتقاضاها هؤلاء العمال ، وهذا سبب مهم من أسباب تراجع النظافة ولكنه ليس كل الأسباب طبعا .. لأننا جميعا جزء من هذه المهمة اليومية الكبيرة التي لا تقل خطورة من مهمة مكافحة الإرهاب _بدون مبالغة_ .. فالقذارة المتراكمة تلوث كل شيء ، الهواء والبيئة والجمال والوطن بحاله ، وتقتل الناس قبل كل شيء ولكن بطرق مختلفة .. و بالاستمرار تعتبر فتاكة ومدمرة ولو بشكل بطيء .. وهذا لا يحتاج إلى تأكيد ولكننا مضطرون لإعادة تأكيده ، ففي (الإعادة إفادة) كما يقول المثل ، وفي بلد حكامه أصبحوا ينسون ما كان ويكون !.
وما يعنينا هو كيف نستطيع أن ننعش ثقافة النظافة إلى حياتنا كما كانت ؟
وأول هذه الإجراءات بتقديرنا المتواضع أن نبدأ من المدارس الابتدائية _ كما كان سابقا _ حيث كان المعلمون يشددون على هذا الدرس الأول خلال الاصطفاف الصباحي ، فكانوا يتابعون نظافة التلميذ أولا ، بدءا من اليدين وانتهاء بنظافة الصف والمدرسة عموما .. فكانت المدرسة أول خلية ومكان ينطلق منها سلوك النظافة وتعليمها نحو ثقافة شاملة لما هو أوسع.
بعد ذلك ينبغي أن يكون هناك مراقبة للدوائر الحكومية التي باتت تشهد وساخة غير معقولة خارج مبانيها مباشرة ، فهناك دوائر في بعض المحافظات ومن ضمنها بغداد تعيش وضعا لا يليق بها ..أبدا
التساؤل الأهم الآخر هو : لماذا لا تصبح وزارة مثل وزارة البيئة ، وزارة سيادية مثلا ، لكي تمارس مسؤوليتها بشكل جدّي وواضح وليس كما هو عليه الآن وكأنها بلا وجود .. وبلا دعم مهم ربما ، فالأمانة والبلديات وغيرها من الدوائر التقليدية تحتاج إلى جهات ضاغطة وفاعلة ومراقبة بحكم مسؤوليتها للحفاظ على البيئة عموما ، ومن بينها مسؤولية نظافة المدن من هذه الكوارث اليومية التي تقتل الناس وتشوه حياتهم .. فالناس اليوم تموت مرتين .. مرة بالقذارة .. ومرة بالإرهاب .
طباعة الخبر
ارسال الخبر الى صديق
وأول هذه الإجراءات بتقديرنا المتواضع أن نبدأ من المدارس الابتدائية _ كما كان سابقا _ حيث كان المعلمون يشددون على هذا الدرس الأول خلال الاصطفاف الصباحي ، فكانوا يتابعون نظافة التلميذ أولا ، بدءا من اليدين وانتهاء بنظافة الصف والمدرسة عموما .. فكانت المدرسة أول خلية ومكان ينطلق منها سلوك النظافة وتعليمها نحو ثقافة شاملة لما هو أوسع.
بعد ذلك ينبغي أن يكون هناك مراقبة للدوائر الحكومية التي باتت تشهد وساخة غير معقولة خارج مبانيها مباشرة ، فهناك دوائر في بعض المحافظات ومن ضمنها بغداد تعيش وضعا لا يليق بها ..أبدا
التساؤل الأهم الآخر هو : لماذا لا تصبح وزارة مثل وزارة البيئة ، وزارة سيادية مثلا ، لكي تمارس مسؤوليتها بشكل جدّي وواضح وليس كما هو عليه الآن وكأنها بلا وجود .. وبلا دعم مهم ربما ، فالأمانة والبلديات وغيرها من الدوائر التقليدية تحتاج إلى جهات ضاغطة وفاعلة ومراقبة بحكم مسؤوليتها للحفاظ على البيئة عموما ، ومن بينها مسؤولية نظافة المدن من هذه الكوارث اليومية التي تقتل الناس وتشوه حياتهم .. فالناس اليوم تموت مرتين .. مرة بالقذارة .. ومرة بالإرهاب .
في الافتتاحية