تكاليف ومصالح السعودية في الهجوم علي اليمن
مما لا شك فيه أن الهجوم السعودي علي مناطق مختلفة من اليمن، هو عدوان صارخ وفقاً للقواعد الدولية، وانتهاك علني للقرار الأممي الذي يدعو إلى حل سياسي للأزمة في اليمن. وهذا أول تصرف متهور من الملك السعودي الجديد سلمان ويبين ان نهجه يختلف عن نهج سلفه الملك عبد الله. طبعاً السعوديون في هذه المعركة يستفيدون من بعض الدول العربية الأخرى وخصوصاً سكان ساحل البحر الأحمر ودول مجلس التعاون الخليجي كفريق تحالفي للحد من حجم الضغوط الدولية وتوفير المبررات لعدوانهم. وطبعاً حضور البلدان الأخرى ليس إلا شكلياً، ومعظم العمليات الجوية ضد الأهداف اليمنية تقوم بها السعودية نفسها، وهذا بطبيعة الحال لا يعني عدم وجود تنسيق مع أمريكا في هذا المجال. والمخاوف بشأن الخطر على حركة الملاحة في مضيق باب المندب الاستراتيجي والبحر الأحمر، تعتبر ذريعة جيدة لهذا الاعتداء والحصول علي الضوء الأخضر من الأمريكيين .
تزامن الغارات الجوية السعودية مع المفاوضات النهائية بشأن القضية النووية الايرانية وتقدير كفاءة نتائج هذه المفاوضات، بالتأكيد أمر مهم ومثير للتأمل. السعودية باعتبارها رائدة الحكومات العربية المتخوفة من تقارب علاقات جمهورية إيران الإسلامية مع الغرب، علي اعتبار أن انتصار أنصار الله وسيطرتهم الكاملة علي اليمن، سيكون لها أثر إيجابي على مواقف إيران تجاه الأطراف الغربية، كانت قد أعربت سابقاً عن استيائها بشأن أي تفاهم مع إيران يعترف بإنجازاتها النووية .
لحسن الحظ إن البيئة الإقليمية والدولية قد بدأت تتشكل تدريجياً ضد السعودية، من قبل وسائل الإعلام والمراكز القانونية الدولية بعد تزايد حجم العمليات الجوية والخسائر البشرية في هذا البلد الفقير .
فهل ستتمكن السعودية من الهيمنة علي الوضع في اليمن بهذه الطريقة؟ وبعد أن أوشكت أنصار الله والجيش اليمني علي السيطرة علي كامل البلاد تقريباً، هل يمكن أن يعود منصور هادي إلي اليمن ويأخذ بزمام الأمور في هذا البلد؟ وما مدى فعالية استثمار السعوديين على الأوراق المحروقة من أمثال منصور هادي الضعيف والمفتقر لأي قاعدة سياسة وحزبية وقبلية وشعبية؟ ولا ننسى أن الأغلبية البرلمانية في اليمن تنتمي إلي حزب علي عبد الله صالح، الذي يتخندق اليوم في الجبهة المعارضة للسعودية ومنصور هادي .
التطورات الأخيرة في اليمن تظهر أن العدوان من المرجح أن يستمر ومن المستبعد أن يحقق أي نتيجة للسعودية. والسؤال هو إلي أين تذهب هذه الهجمات وإلى أي مدى السعودية مستعدة لقبول المخاطر؟ بعض المناطق بعد القصف السعودي عليها سقطت بيد المجموعات التابعة لتنظيم القاعدة، وهذا الأمر يتعارض مع المطالب الأمريكية .
استمرار الوضع الحالي سيقود الوضع الداخلي في اليمن نحو الفوضى وعدم الاستقرار، بحيث ستنمو الجماعات المتطرفة والتكفيرية في هذه البيئة، وستصبح الأوضاع أكثر صعوبة لكل من أمريكا والسعودية والتهديدات الإقليمية الأخرى خصوصاً الوصول إلى مضيق باب المندب الحساس والاستراتيجي .
السعودية لإكمال إجراءاتها للسيطرة على اليمن ليس لديها خيار سوى دخول قواتها البرية إلي اليمن. وهذا الأمر قد يكون عملياً بعد قصف المنشآت والمراكز العسكرية لقوات الجيش اليمني والحد من قوة ردع أنصار الله، ولكن هل دخول القوات البرية إلي اليمن عمل منطقي ومعقول؟ أليست قوات أنصار الله المدربون بشكل جيد ينتظرون بفارغ الصبر دخول القوات البرية السعودية إلي اليمن؟ ويجب التذكير هنا أيضاً أن خصوم وأعداء السعودية في اليمن ليسوا أنصار الله فحسب، بل إن كافة هذا الشعب النبيل والأصيل لا يحملون شعوراً إيجابياً من الناحية التاريخية تجاه السعودية. التطورات التي ستشهدها الساحة اليمنية في الأيام القادمة ستكون علي درجة كبيرة من الأهمية والتأثير .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق