معاهدة عدم الانتشار النووي إنقاذ العالم ام الانقضاض عليه؟
يروي من يدافع عن معاهدة عدم الانتشار النووي ان هذه المعاهدة جاءت في ظل تكاثر التكنولوجيات النووية لتكون ردا على ما قيل من بدء العد التنازلي لنهاية العالم في ظل تطوير الاسلحة النووية في انحاء مختلفة من المعمورة .
وقد نجح المجتمع الدولي ولكن بشكل نسبي في تطوير اطار للتعاون استطاع ان يجنب العالم مواجهة كارثة كبرى ليحتفل العالم هذه الايام بالذكرى السنوية الخامسة والاربعين لهذه المعاهدة التي توصف بانها عنصر حيوي من عناصر الامن الاقليمي ولكن الكثير ايضا يعتبرونها سوطا بيد القوى العظمى مسلط على أي دولة تريد ان تقف متحدية النظم العالمية ومصالحها السلطوية .
ولكن لماذا تعتبر بعض الدول في العالم ان امتلاك السلاح النووي حق مشروع لها في حين تمنع استخدامه السلمي للدول الاخرى؟
ولماذا لا يحق من وجهة نظر القوى العظمى للجمهورية الاسلامية الايرانية البحث والتطوير النووي السلمي في حين تمتلك اكثر من ٧ ىول السلاح النووي بشكل رسمي وتدعم اخرى لحيازة هذا السلاح؟
اضافة الى ذلك نرى الكيان الاسرائيلي الذي لم يوقع على معاهدة منع الانتشار النووي ومع ذلك فهو يعتبر من الاطراف التي زودت بالقنبلة النووية من قبل القوى الكبرى الداعمة لهذه المعاهدة .
ولنطرح السؤال المحرج الاخر وهو هل حقا ان هذه المعاهدة تهىف الى إنقاذ العالم ام انقضاض عدد من الدول المهيمنة على باقي العالم؟
ويعتبر الكثير من المحللين ان لهذه المعاهدة اهدافاً استراتيجية غير معلنة تكون حيوية للقوى العظمى في اطار مساعيها للهيمنة والابتزاز وتوسيع مناطق النفوذ وتأمين المصالح الاستراتيجية كما هي متبعة في الحقل العسكري عن طريق امتلاك القنبلة النووية والتوازن النووي بينهم .
وخير دليل على ذلك هو الكيان الصهيوني وسياسة الغموض النووي او بتعبير اوضح الاستهتار النووي له بدعم ومساعدة ومباركة القوى العظمى كامريكا وفرنسا وبريطانيا لمساعي تل ابيب في الانتشار النووي العسكري وفرضها على باقي منطقة الشرق الاوسط .
ويرى المراقبون ان تعامل القوى الكبرى مع البرنامج النووي السلمي للجمهورية الاسلامية الايرانية هو خير دليل على عدم موضوعية تطبيق المعاهدة بمنع الانتشار النووي واتباع سياسة الكيل بمكيالين ناهيك عن استخدامه كأدات للقمع والضغط على دول نامية وإفساح المجال لاطراف اخرى لتنفيذ مشاريعها النووية العسكرية في هذه المنطقة .
فازدواجية المعايير بين ما يزعم من تخليص العالم من خطر الاسلحة النووية من جهة واستمرار الدول الكبرى في توسيع ترسانتها النووية إضافة الى غض الطرف عن حلفائها لامتلاك القنبلة النووية، هو ما كان ولا يزال محل انتقاد من قبل الكثير من الدول باعتبارها تهديدا كبيرا للسلام والاستقرار الاقليمي والدولي .
ومن المعروف ان ١٨٩ دولة وقعت الى الان الاتفاقية العالمية لحظر الانتشار النووي وقد طالبت هذه الدول في شتى الاجتماعات والمؤتمرات والمناسبات، بحث اسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الاوسط وعلى راس ذلك التسلح النووي للكيان الإسرائيلي ولكن بالرغم من هذه المطالبات والقرارات الدولية التي توجت بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة الداعي لإخلاء منطقة الشرق الاوسط من الاسلحة النووية فانها لم تحصل على اذان صاغية من قبل الدول العظمى او تجد طريقا لها للتنفيذ .
وكانت مطالبة نبيل العربي الامين العام لجامعة الدول العربية من مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانوا بنزع سلاح منطقة الشرق الاوسط والتحاق الكيان الإسرائيلي بالمنظمة والتي قدمت كطلب رسمي من دول الجامعة الى المنظمة، المحاولة الاخيرة في هذا المضمار .
ولكن رفض الكيان الإسرائيلي منذ عام ١٩٦٨ التوقيع والانضمام الى معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية بدعم امريكي مباشر ليستخدم هذا الهاجس كقوة ردع امام محيطه العربي والاسلامي وأداة لفرض واستمرار هيمنته واحتلاله للاراضي الفلسطينية والعربية .
والمتابع لهذه القضية يستطيع ان يرى وبشكل واضح دور أمريكا الاساسي في دعم الكيان الإسرائيلي في هذا النهج، وتؤكد الوثائق سعي الحكومات الامريكية المتعاقبة في دعم تل أبيب بعدم التوقيع على المعاهدة وتأمين الطرق والذرائع للالتفاف على هذا الاستحقاق والتهرب منه .
بل وذهبت بعض من هذه الحكومات التي كانت تدار من قبل صقور السياسة الامريكية، ذهبت بعيدا الى إعلان تفهمها لنهج الكيان الإسرائيلي في الاستمرار في تطوير السلاح النووي وعدم التوقيع على معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية لانها وكما ورد على لسان جورج بوش الابن وبعض من اركان إدارة باراك اوباما ان توقيع هذه المعاهدة بواسطة الكيان الإسرائيلي يعرض هذا الكيان لخطر كبير !!
اليوم يتربص اكثر من ٢٥٠ راس نووي اسرائيلي بمستقبل الشرق الاوسط برمته لتكون الدول العربية اول من تواجه هذه المخاطر قبل غيرها .
ان الرؤوس النووية الاسرائيلية وباعتراف الكثير من المحللين العرب هي تهديد واضح للامن القومي العربي وهي في تصاعد مستمر ولكن لماذا استبدل هذا الخطر القائم المتمثل بالسلاح النووي لكيان لم يوقع على معاهدة عدم الانتشار النووي، بخطر وهمي اسمه البرنامج النووي للجمهورية الاسلامية التي هي من الدول الموقعة على هذه المعاهدة والملتزمة بها حسب اعتراف الوكالة الدولية؟
سؤال يستوجب الرد عليه ولكن في مجال آخر !
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق