هل يتمكن الناتو من إعادة الأمن الي ليبيا ؟!
دان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مقتل ٣٠ اثيوبيا مسيحياً في ليبيا على يد تنظيم (داعش) الارهابي، وشجب هولاند بأشد العبارات في بيان صادر عن الاليزيه الانتهاكات التي يرتكبها (داعش) ضد المدنيين بغض النظر عن أصلهم أو دينهم، مؤكداً ضرورة محاربة هذه الجماعة الارهابية.
وأعرب الرئيس الفرنسي في الوقت نفسه عن دعمه للجهود التي يبذلها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا “برناندينو ليون” في محاولته الوساطة للتوصل الى تسوية للأزمة الليبية. واكد هولاند ان التوصل الى اتفاق لإعادة الوفاق يظل ضروريا وملحاً من أجل إحلال الأمن على الاراضي الليبية لكنه أعرب في الوقت ذاته عن تحفظ بلاده ازاء التدخل العسكري في هذا البلد .
وعلى الصعيد نفسه دعت وزارة الخارجية الفرنسية جميع الليبيين الى تشكيل جبهة موحدة ضد الارهاب، وأشارت الى ان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ترأس اجتماعا لمجلس الامن في ٢٧ مارس الماضي دعا خلاله الى حماية ضحايا العنف العرقي أو الديني .
من جانبه دان مجلس الأمن الدولي وبشدة قتل المسيحيين الإثيوبيين في ليبيا على يد مسلحي “داعش”، وجاء في بيان صادر عن المجلس أن هذه الجريمة تظهر من جديد مدى قسوة “داعش” المسؤول عن ارتكاب آلاف الجرائم بحق المدنيين المنتمين إلى أديان وقوميات مختلفة. مشيراً إلى ضرورة محاسبة مرتكبي هذه الأعمال الإجرامية. كما طالب مجلس الأمن بالإفراج عن جميع الرهائن المختطفين لدى “داعش” وغيره من الجماعات الإرهابية دون قيد أو شرط. وأشار إلى إدراج “داعش” في قائمة العقوبات الخاصة بتنظيم “القاعدة”. كما أكد ضرورة القضاء على جميع التنظيمات الإرهابية ووضع حد للعنف والكراهية وعدم التسامح، معرباً عن قلقه من انتشار التطرف في العالم والانعكاسات المدمرة لذلك على الوضع الإنساني .
وكان تنظيم (داعش) نشر مقطع فيديو أظهر عملية إعدام جماعية بذبح ٣٠ مسيحياً اثيوبياً اختطفهم في ليبيا. وأطلق عناصر التنظيم النار على رؤوس مجموعة من المختطفين الذين جثوا على ركبهم، فيما قام عناصر آخرون بذبح مجموعة أخرى بعدما أجلسوهم على الأرض وسط صراخ ومشاهد ذبح وحشية .
وأشار بيان صادر عن الحكومة الإثيوبية إلى أنها اعتمدت على مصادر عدة للتأكد من أن الضحايا الذين ظهروا في شريط الفيديو الذي بثه “داعش” على الإنترنت ومدته ٢٩ دقيقة، كانوا جميعا من العمال المهاجرين الإثيوبيين في ليبيا. ويأتي هذا بعد شهرين تقريباً من بث التنظيم الارهابي تسجيلاً مصوراً يظهر عناصره وهم يذبحون ٢١ مصريا في ليبيا أيضاً. وفي أوقات سابقة ذبح عناصر “داعش” الكثير من الأجانب في سوريا والعراق وشملت الإعدامات مسيحيين كانوا يمارسون مهناً مختلفة .
وتجدر الاشارة أيضاً الى ان تنظيم “داعش” أعلن مسؤوليته عن التفجير الذي استهدف مساء الاثنين السفارة الإسبانية في العاصمة الليبية بعدة عبوات ناسفة. وقد ألحق الانفجار أضراراً مادية بمبنى السفارة الواقع في حي بن عاشور وسط طرابلس، وتوعد التنظيم بالمزيد من الهجمات ضد البعثات الدبلوماسية الأجنبية.
ومن المعلوم أن الجرائم التي تنفذها العصابات الارهابية تتنافي مع جميع القيم الدينية والانسانية، وتشوه صورة الاسلام الذي ينبذ العنف ويدين القتل ويرفض العدوان. وتعكس هذه الاعمال الخلفية الاجرامية لمرتكبيها الذين يمتهنون قتل الإنسان من دون أي مبرر، وتندرج في خانة إفشاء ثقافة القتل العابر للحدود والطوائف، إذ لا يميز القتلة في إجرامهم بين طائفة ومنطقة وشعب وعرق .
ويعتقد المراقبون ان الارهاب التكفيري يتناغم مع الارهاب الصهيوني باعتبارهما وجهين لعملة واحدة، ويرتكز الى العنصرية الاجرامية ويستهدف القتل والتشريد وبث الفتن ونشر الفساد في الارض .
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تتمكن فرنسا وباقي دول حلف الناتو من إعادة الأمن والاستقرار الى ليبيا بعد أن تسببوا هم في زعزعة الاوضاع الأمنية في هذا البلد وهيأوا الأرضية لتمدد العصابات الارهابية وفي مقدمتها “داعش” والتي ارتكبت الكثير من الجرائم بحق الشعب الليبي والعاملين الأجانب في هذا البلد والتي لم تواجهها القوى الغربية إلاّ بالصمت والتفرج دون اتخاذ أية إجراءات عملية للحد من هذه الجرائم سوى إطلاق تصريحات لا تغني ولا تسمن من جوع.
والسؤال الآخر: إذا كانت الدول الغربية ومن بينها فرنسا جادة فعلاً في محاربة الارهاب وإعادة الأمن والاستقرار الى ليبيا كما تدّعي، فعليها أولاً التصدي لما يحدث من حوادث إرهابية في عدد من الدول الأوروبية ومن بينها إيطاليا، كي تثبت للعالم أن ما تقوم به بشأن الإرهاب يتعدى نطاق التصريحات خصوصاً بعد أن شعرت هذه الدول بأن الارهاب أخذ ينتقل من دولة الى أخرى كالمرض المعدي ولابد من مواجهته وتطويقه ومن ثم القضاء عليه قبل أن يتمدد الى مناطق اخرى، إضافة الى ضرورة العمل على تجفيف منابع الارهاب في العالم والوقوف بوجه كافة الدول والاطراف الممولة له وفي مقدمتها امريكا والكيان الإسرائيلي والدول الغربية الحليفة لهما والأنظمة العميلة والرجعية في المنطقة وعلى رأسها النظام السعودي .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق