التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, سبتمبر 20, 2024

الجيش العربي الموحد واستحالة تشكيله 

 بدء هجوم الائتلاف السعودي على اليمن تم طرح موضوع تشكيل جيش عربي موحد مرة اخرى بهدف إفساح المجال امام اللاعبين العرب الكبار مثل السعودية في تنفيذ مشاريعهم وبلوغ اهدافهم، ورغم ذلك تفتقر السعودية الى وجود جيش وطني حيث ان الجيش السعودي يضم باكستانيين وبنغلادشيين وجنسيات أخرى، وقد أبدت الدول الصغيرة مثل الكويت وقطر والبحرين والامارات رغبة اكبر في تشكيل جيش عربي موحد من اجل إيجاد التوازن امام ايران والعراق في منطقة الخليج الفارسي كما ان الدعايات الامريكية والصهيونية قد صبت في اتجاه التخويف من ايران في المنطقة، فهل يمتلك تشكيل مثل هذا الجيش مقومات النجاح وخاصة بعد الإخفاق في اليمن؟

ان تشكيل هذا الجيش العربي الذي يراد منه ان يكون ذراعا للجامعة العربية امامه عقبات منها عدم مشروعية تشكيل هذا الجيش في هذا الوقت نظرا لفراغ المقعد السوري في الجامعة العربية وإعطاء هذا المقعد الى المعارضة وكذلك إعطاء المقعد اليمني الى الرئيس المستقيل عبد ربه منصور الذي يفتقد الى الشرعية في داخل اليمن .  

ان التركيبة غير المتجانسة لدول الجامعة العربية ستتسبب بحدوث ازمات دائمية وتنافس داخل هذا الجيش فالعلاقات القطرية السعودية وسياسات عمان والعراق وسوريا والخلافات الداخلية في لبنان كلها تعرقل عمل هذا الجيش العربي .  

 وهناك موضوع علاقة هذا الجيش بالقضية الفلسطينية فكيف تكون علاقة هذا الجيش مع قطاع غزة وما هو دور السلطة الفلسطينية وكيف سيتعامل هذا الجيش العربي مع هجوم صهيوني على الفلسطينيين؟ ان القضية الفلسطينية ستكون من اهم التحديات امام هذا الجيش الذي سيفشل عند اول اختبار من هذا النوع نظرا الى الوقائع التاريخية .  

 ان اتخاذ سياسة موحدة داخل هذا الجيش العربي ازاء الازمات الاقليمية امر مستبعد من الآن وان المواقف المزدوجة لدول الجامعة العربية حيال قضايا العراق وسوريا والبحرين وعدم اتخاذ موقف واضح ازاء الجماعات المعارضة في هذه البلدان يظهر ان الجيش العربي سيواجه مشاكل جمة في التعامل مع هذه الحالات فلا يمكن دعم الجماعات الارهابية في سوريا من جهة وإرسال قوات لقمع المعارضة في البحرين واليمن من جهة اخرى، فاتباع مثل هذه السياسة يمزق الجيش العربي منذ الخطوة الاولى .

وترغب السعودية بشكل كبير في قيادة هذا الجيش واستمرار عمله وتعتقد الرياض ان هجوم الائتلاف السعودي ضد اليمن يمكن ان يكون بداية عمل هذا الجيش لكن هذه الرغبة السعودية امامها تحديات اولها ان مستقبل الحرب اليمنية ليس واضحا ومن ثم فشل الائتلاف في تحقيق اهدافه من العدوان والذي سيقضي على مرتكزات بناء هذا الجيش العربي .

وهناك تحد آخر يتمثل في مستقبل السعودية التي تخفق في حل الازمات الموجودة حولها، فالصراعات الداخلية في السعودية والتي اشتدت بعد موت الملك عبدالله والاخفاقات العسكرية والامنية للسعودية في المناطق التي تدخلت فيها وكذلك تدهور مكانة السعودية بعد التفاهم السياسي بين ايران والغرب سيسلب من الرياض القدرة على التاثير داخل الجامعة العربية وذراعها العسكري ولا توجد هناك دولة أخرى تستطيع القيام بمثل هذا الدور .

ان ما ذكرناه يظهر جليا ان فكرة تشكيل مثل هذا الجيش لا تلقى سبيلا نحو التنفيذ على الارض كما ان الدول الداعمة لفكرة تشكيل هذا الجيش تعاني من خلافات فيما بينها فعلى سبيل المثال تعارض اكثرية الدول العربية السلطة السعودية وخاصة السلطة الامنية للرياض، وخلافات السعودية مع عمان والكويت وقطر تظهر وجود حالة سوء الظن تجاه سياسات الرياض ولذلك فإن تشكيل جيش قوي ومتماسك من قبل هذه الدول امر مستبعد على المدى القريب في اضعف تقدير والتجارب تثبت ان هذه الشراكة سوف لن تحصل لان الجيش القوي والمتماسك يحتاج الى بنى تحتية بشرية تفتقر هذه الدول اليها ولذلك يمكن القول اخيرا إن هذا الجيش لن يكون جيشا متماسكا وفعالا يمكنه القيام بدور في المنطقة.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق