امریکا والإرهابیون والفکر الوهابی
صناعة قاتلة يحصدون منها الأموال والأرواح، وتراق فيها الدماء بلا حساب إنها صناعة الارهاب، صناعة لها صناع انتزعت من قلوبهم كل معانى الإنسانية والرحمة يكفرون ويستبيحون الدماء كيفما شاءوا، حمل هؤلاء الصناع مهمة صناعة وإنتاج القتل لما فيه تحقيق مصالحهم ومنافعهم، اسماء وعناوين تتصدر عناوين الصحف، البغدادي، الجولاني، زهران علوش وغيرهم. زعماء تيارات تكفيرية يرفعون شعار حكومة الاسلام وكل اعتداءاتهم في بلاد الاسلام و أهله، وهو ما يثير الشكوك والريب حول المنشأ والهدف، انها معركة حقيقية بين المسلمین ورافعي شعارات الاسلام، فمن الرابح يا ترى؟؟ ومن الخاسر؟؟ واين الارتباط والانسجام بين شعارات التكفيريين واهدافهم وبين ما ينجزونه على ارض الواقع !!
لعل اسهل طريقة تقودنا الى فهم هذه التيارات الاجرامية ومن يقف ورائهم وعن اهدافهم الحقيقية هي بتسليط الضوء على سيرة حياة امراء هذه التيارات ومنشأهم والاماكن التي ترعرعوا فيه خاصة ان هذا الفكر والتيار الاجرامي ليس حديث الولادة فمنذ الثمانينات مع بداية حرب الاتحاد السوفيتى وأفغانستان بدأت الساحة الإسلامية والدولية تعج بتيارات وتنظيمات تدعي محاربتها الاحتلال السوفيتي ورفع راية الإسلام أمام أعداء الأمة وتخطط في نفس الوقت لإقامة دولة الخلافة وكانت اولى هذه التيارات الناشئة ما يعرف بتنظيم القاعدة وهذه الحرب كانت وكما أصبح مكشوفا حربا بين أمریکا والاتحاد السوفياتي بهدف إضعافه وتقليص نفوذه والتي كانت السعودية لاعبا اساسيا فيها .
ومع انتهاء الحرب سعت أمریکا للحفاظ على ذلك التنظيم بهدف القيام بعمليات أخرى تشهد صراعات إقليمية وحروبا أهلية، وبهدف تحويل الصراع الى منطقة الشرق الاوسط اعلنت أمریکا حربا على التنظيم وذلك بعد أحداث ١١ سبتمبر عندما أعلن بوش الابن أن من حق أمریکا مطاردة الإرهاب في أي بقعة على الأرض وبذلك بدأت القاعدة في إحياء تنظيم الجهاد في بعض الدول العربية وبصورة سرية كما في مصر والعراق واليمن وغيرها .
هذا الوليد الذي خرج من رحم التحالف السعودي الأمریكي، تحول بمرور الزمن إلى عامل مهم يفرش السجاد المخضب بدماء الأبرياء للقوات الأمریكية والغربية للتدخل في شؤون البلدان الأخرى مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال وأماكن أخرى من العالم، تحت تبريرات ضعيفة الحجة الذي يقتضي أن تدخل أمریكا بقضها وقضيضها في شؤون الدول التي نكبت بالقاعدة وأخواتها للقضاء على هذا المتمرد .
تيارات متشعبة والفكر واحد :
جاء احتلال أمریکا لافغانستان ومن بعدها العراق وبحجج واهية تبين بطلانها فيما بعد، بهدف إعادة التركيبة الجديدة لهذه التيارات التكفيرية من جديد بما يتوافق مع سياسات أمریکا واعوانها في المنطقة جزت كل امراء المجموعات في معتقلات خصصتها لذلك كان اهمها :
سجن “بوكا كامب” صانع التكفير :
جمع الجيش الأمريكى بين المجاهدين والبعثيين في سجن يسمى “بوكا كامب” في مدينة الكرمة العراقية على الحدود مع الكويت وقد ضم “بوكا كامب” داخل أسواره ١٠٠ ألف معتقل، ويعتبر الآن صفحة مهمة في تاريخ داعش والنصرة، حيث اجتمع داخله معظم قادة التنظيمين الجهاديين الأشرس في العالم، فكانت هذه الفترة من السجن فرصة فريدة للتعاون وتبادل الأفكار الراديكالية التى تقوم عليها التنظيمات اليوم. فعدد القادة الكبار الذين ضمهم السجن بحوالى ٩ قادة، بما فيهم البغدادي والجولاني الذين قضيا ٥ سنوات فیه، ونائبه أبو مسلم التركماني وقائد القوات العسكرية بالتنظيم الذي توفي “حاج بكر”، وقائد المقاتلين الأجانب “أبو قاسم”، والذين دخلوا السجن مجرد متطرفين عاديين وخرجوا منه متعصبين منظمين فكرياً وتنظيمياً .
وبالتالي فإن قادة التنظيم قضوا وقتهم داخل السجن في تعميق تطرفهم وتوثيق علاقاتهم ببعضهم البعض، فأصبح السجن كجامعة لهم، الراديكاليون المتطرفون هم الأساتذة، والسجناء العاديون هم الطلبة وإدارة السجن لعبة دور الحراسة والادارة، مما ساعدهم على تنظيم أنفسهم وبلورة أفكارهم المتطرفة”. كما زود النظام الفريد للسجن فرصة هائلة لبقايا نظام صدام حسين من البعثيين للتعرف على المجاهدين المتطرفين والتقارب معهم، لأن كل فريق قدم للآخر ما كان ينقصه، فالبعثيون قدموا للجهاديين المهارات التنظيمية والنظام العسكرى، ووجد البعثيون في الجهاديين الهدف والسبيل، فشكلا الفريق الأمثل للتطرف، وخرجا إلى العالم في عام ٢٠٠٩ يسعيان لشيئين فقط، التحول إلى الراديكالية المثلى والانتقام .
الوهابية مرتع الارهاب :
الوهابية السعودية والتي تتماهى في سیرتها وأفعالها بشكل كبیر مع الحركة الصهیونیة، حیث الوهابیة والصهیونیة داء واحد یستهدف جسد الأمة الإسلامیة وتقاطع مصالحهم مع أمریکا في تنمية التيارات التكفيرية لإضعاف اي مشروع دولة قوية في المنطقة. فالوهابية السعودیة كانت حاضرة وعلى الدوام بالدعم المادي واللوجستي والبشري واحتضانها واستقبالها لكل فار وهارب من العدالة وتغذيتهم في بلدانها على يد كبار شيوخ الوهابية، مثل عبد العزيز بن نايف وعبد الله بن عبد العزيز العقيل ومن ثم إرسالهم الى سوريا ومصر وليبيا وغيرها كأمثلة على ذلك زهران علوش التي احتضنته لفترة وغذته بالفكر الوهابي ومن ثم أرسلته إلى سوریا ليعمل في مجال المقاولات، حيث افتتح شركة للخدمات المساندة للإعمار بتمويل من شريك سعودي .
وفي الوقت عينه مارس الرجل سراً عملاً أمنياً وتنظيمياً لصالح الاستخبارات السعودية، حيث قام بحشد من تمكن من التأثير عليهم من شباب دوما أولاً، ثم الغوطة لاحقاً، تحت إطار الدعوة إلى الوهابية دينياً. لكنه في الواقع كان يسعى لتكوين خلايا إرهابية مصغرة، ليشكل ما عرف بجيش الاسلام فيما بعد وجرائمه غنية عن التعريف، وابو صالح طحان الذي شكل فيما بعد ما عرف بأحرار الاسلام وهو الذي تغذى وشرب من افكار الوهابية لينشر هذه الدسائس في مجتمعات تغذت على افكار الاسلام ونبذت العبودية والخضوع للاستعمار .
لقد أصبح ثابتا للجميع ومن دون ادنى شك ان جميع هذه المجموعات تؤدي اجندة واحدة والهدف واحد، وقد يختلف التكتيك بحسب المصالح والظروف وطبيعة البلد لكننا نشهد وفي كل يوم على ايدي جميع هذه التيارات التكفيرية اروع المجازر من قتل وسبي وانتهاك للاعراض وتدمير المقدسات من دون تمييز بين المسجد والكنيسة، وتخريب الاثار وسرقتها، ولم يعد خافيا على احد القطع الأثرية التي تسرق وتنقل الى متاحف اسرائيلية وامريكية وبريطانية، وعالمنا الاسلامي والعربي يعيش مأساة حقيقية بكل اشكالها ومعانيها، ونهب وضياع للتراث .
وبناء على ما سلف ذكره، ما هذه الشعارات المدوية التي ترفعها المجموعات التكفيرية بكافة اشكالها الا واجهة للتعمية والتغطية على المشروع الحقيقي فأمراء هذه المجموعات مسلوبوا الارادة ينفذون مخطط اسيادهم المتمثل بالمحور السعودي-الصهیوني-الغربي للقضاء على الحركات الاسلامیة المعتدلة والمثقفة واستبدالها بالحركات الوهابیة الصغیرة والمتعصبة من اجل تشویه صورة الاسلام، إضافةً إلى ضرب كافة الدول التي تعارض مشروعها الاستعماري في المنطقة، وهذا التلاقح العقائدي لمسنا وجوده على أنواع أخرى لاسیما العسكریة والوجستیة، وان أمراء هذه المجموعات فضلا عن عناصرها لا قرار لهم ولا رأي لهم والاسلام منهم براء .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق