فلسطین..أینما حضرت غاب العرب
لم ينسَ الشعب الفلسطيني المظلوم رغم الجراح من كانوا ولا زالوا جزءاً أصيلاً من جسم القضية، لا بل تعرّضوا لما يتعرض له باقي الأسرى الفلسطينيين من انتهاكات متقاسمين بذلك معهم كل ألوان العذاب والظلم، انهم الاسرى العرب في سجون الاحتلال.
تكريماً للأسرى العرب ونضالهم من أجل الأقصى لتحريره من دنس الكيان الإسرائيلي، خصّص الشعب الفلسطيني يوم الثاني والعشرين من نيسان (ابريل) من كل عام ليكون يوما للأسير العربي وهو اليوم الذي اعتقل فيه عميد الأسرى العرب الأسير المحرر “سمير القنطار” عام ١٩٧٩، والذي تحرر في اطار صفقة التبادل التي أنجزها حزب الله في يوليو عام ٢٠٠٨ .
تمرّ الذكرى هذا العام وعدد الأسرى في سجون الاحتلال ما يقارب من ( ٦٥٠٠ ) أسير فلسطيني- بينهم ٢٦ أسيرة- من كافة فئات وشرائح المجتمع يتوزعون علی ٢٣ سجنا ومعتقلاً.
توزيع الاسرى علی المناطق هو علی النحو التالي:
٣٧٠ أسير من قطاع غزة.
٦٠٠ أسير من القدس وأراضي ال٤٨ .
٥٦٠٠ أسير من الضفة الغربية المحتلة.
٣١ أسير من العرب من جنسيات مختلفة.
الإحصائية المذكورة والتي نشرها مركز اسرى فلسطين للدراسات تشير إلى وجود أسرى عرب في سجون الاحتلال، في ظل صمت عربي قاتم حول هذا الموضوع، فما هو واقع الأسرى العرب(غير الفلسطينیين) في السجون الإسرائيلية؟
أسرى مصريون وأردنيون
يقول مركز اسرى فلسطين للدراسات بأن عدد الاسرى العرب في سجون الاحتلال الـ (٣١) اسيراً، غالبيتهم من الاسرى الاردنيين وعدد من الاسرى المصريين.
ويوضح الناطق باسم المركز الباحث “رياض الأشقر” بأن الاحتلال يعتقل في سجونه (٣١) اسيراً عربيا، منهم (٢٤) اسيرا اردنياً، بينهم الطفل (محمد مهدي سليمان) الذي اعتقل من نابلس حيث تسكن والدته بتاريخ ١٥/٣/٢٠١٣، وهو يبلغ من العمر ١٦ عاماً فقط، وتم الاعتداء عليه امام والدته واخوانه، اضافة الى (٧) اسرى مصريين غالبيتهم من سكان محافظات سيناء والذين يتهمهم الاحتلال بإدخال السلاح الى قطاع غزة وأقدمهم الأسير “محمد حسن عثمان السيد” من سكان القاهرة وهو معتقل منذ ٢٠٠٣م ، ومحكوم بالسجن لمدة ١٣ عاماً، بتهم إلقاء قنبلة على دورية للاحتلال على حاجز أبوهولي وسط قطاع غزة.
وأضاف الاشقر أن من بين الأسرى العرب من يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد مدى الحياة وأبرزهم الأسير الفلسطيني الذي يحمل الجواز والرقم الوطني الأردني “عبد الله البرغوثي” وهو صاحب أعلى حكم في العالم ٦٧ مؤبدا ومعتقل منذ العام ٢٠٠٣. والأسير الأردني ” مرعي صبح أبو سعيدة ” ومحكوم بالسجن المؤبد ١١ مرة ، ومعتقل منذ عام ٢٠٠٤ والأسير الأردني ” منير عبد الله مرعي” ٥ مؤبدات، والأسير الأردني ” هشام أحمد كعبي” ٤ مؤبدات.
تقاعس الحكومات
واعتبر الاشقر حكومتي الاردن ومصر مقصرتان بشكل واضح في الاهتمام بأسراهما في سجون الاحتلال، رغم توقيعهما على معاهدة سلام مع الاحتلال والتي بموجبها لابد من إطلاق سراح كافة الاسرى، وقد اضطر السفير الأردني لدى الاحتلال خلال إضراب الاسرى الاردنيين عن الطعام وتحت ضغط شعبي منتصف العام ٢٠١٣ الى زيارة عدد منهم، وهي الزيارة الاخيرة التي كانت لهم.
و طالب مركز أسرى فلسطين الحكومتين الأردنية والمصرية، وكذلك الجامعة العربية بالعمل الجاد لإنقاذ حياة هؤلاء الأسرى والضغط علی الاحتلال وإلزامه بتأمين زياراتهم وتوفير كافة احتياجاتهم الحياتية، والإفراج عنهم التزاما بوثيقة السلام الموقعة بين الدولتين وسلطات الاحتلال.
فلسطين..قضية العرب
من جانبه قال مدير دائرة الإحصاء في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين وعضو اللجنة المكلفة بإدارة شؤونها في قطاع غزة عبد الناصر فروانة إن القضية الفلسطينية لم تكن في يوم من الأيام تخص الفلسطينيين فحسب، بل هي قضية العرب كافة، ولأجلها دخلت كل الدول والشعوب العربية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، فقدموا آلاف الشهداء والأسرى .
وأضاف فروانة في بيان صحفي بمناسبة ذكرى “يوم الأسير العربي”: “لم تخل يوما سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي من الأسرى العرب من كافة الجنسيات العربية، ذكورا واناثا، وهذا يعكس حجم المشاركة العربية واستمراريتها في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، كما أن قائمة شهداء الحركة الأسيرة لم تخل هي الأخری من الأسرى العرب”.
وأوضح أن إدارة السجون الإسرائيلية لم تميز يوما في تعاملها القاسي، وقمعها وبطشها بين أسير فلسطيني وآخر عربي، إذ أن الأسرى العرب تعرضوا لما تعرض له باقي الأسرى الفلسطينيين القاطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من تعذيب وانتهاكات وإجراءات قهرية ومعاملة لا إنسانية، ولربما معاناتهم تضاعفت بسبب حرمان الغالبية العظمی منهم من رؤية عائلاتهم طوال سنوات اعتقالهم الطويلة، الأمر الذي دفع أمهات فلسطينيات الی ابتداع ما يعرف بـ “ظاهرة التبني” للتخفيف من معاناتهم وتقليل آثار الحرمان .
وأكد فروانة أن الشعب الفلسطيني يقدر عاليا تضحيات الأسرى العرب، ويحفظ أسماءهم، ويحترم نضالاتهم، ويثمن مواقفهم ويفخر بهم وبصمودهم خلف القضبان، ويقدم لهم الدعم والإسناد والمساعدة، ويسعی لتحريرهم اسوة بالأسرى الفلسطينيين، باعتبارهم جزءا أصيلا من الحركة النضالية ضد الاحتلال، ومكونا أساسيا من مكونات الحركة الأسيرة ونضالاتها وتضحياتها وانتصاراتها.
وأشار فروانة وهو أسير سابق إلی أن الشعب الفلسطيني يحيي سنويا “يوم الأسير العربي” تقديرا ووفاءً لكل الأشقاء العرب الذين مروا على السجون الإسرائيلية دفاعا عن القضية الفلسطينية والقضايا القومية، داعيا الأمة العربية جمعاء للاهتمام بالأسرى والأسرى المحررين من الأسرى العرب، أينما تواجدوا، وتسليط الضوء علی قضيتهم ومعاناتهم واحتياجاتهم، ومساندتهم في نيل حقوقهم.
في الخلاصة، يسقط يوم “الأسير العربي” كل الأقنعة والادعاءات التي يتم التسويق لها في الآونة الأخيرة بأن الصراع هو فلسطيني-إسرائيلي وليس عربي اسلامي-اسرائيلي، كذلك يكشف هذا اليوم مدى تخاذل الحكام العرب في نصرة أسراهم فضلاً عن نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم. وبات واضحاً أنه أينما حلّ الکیان الإسرائيلي كان(الحكّام) العرب، وأينما حضرت فلسطين غاب (الحكّام)العرب.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق