الاعتراف بإبادة الأرمن یلاحق ترکیا
في كل عام ومع اقتراب الذكرى السنوية لابادة الارمن يزداد القلق التركي من الاعترافات الدولية بالابادة الارمنية، وقد طغى هذا الموضوع على السطح منذ انهيار الاتحاد السوفيتي حيث بات هذا الموضوع الشغل الشاغل للحكومة الارمنية في المحافل الدولية وقد أبدت الكثير من دول العالم اهتماما بهذا الموضوع ووضعته على اجندتها والسؤال المطروح هنا ” ما هي اهمية الاعتراف بابادة الارمن بالنسبة لتركيا وارمينيا ؟”
ان الاعتراف بابادة الارمن يوفر لارمينيا فرص وامتيازات هامة كما يضع تركيا امام تحديات وصعوبات، حیث إن الاعتراف الرسمي بالابادة الارمنية يزيد من قدرات وصلاحيات الجهاز الدبلوماسي الارميني للدفاع عن مصالحه الحيوية مثل النزاع في ناغورني كاراباخ كما يوفر الفرصة لارمينيا للإفلات من الضغوط الاقتصادية والسياسية التركية التي تمارسها انقرة على ارمينيا منذ ٢٥ عاما.
وهناك امر آخر وهو احتمال ازدياد قوة الجهاز القضائي الارميني في المحاكم الدولية من اجل رفع شكوى امام المحاكم الدولية وفي هذا الصدد نجحت ارمينيا في الحصول على اعتراف ٢٢ دولة من امريكا اللاتينية واوروبا وآسيا بالابادة الارمنية، وخلال العام المنصرم ايضا طلب البرلمان الاوروبي من الدول الاعضاء الاعتراف بالابادة الارمنية.
وفي هذا السياق قام البرلمان الاوروبي قبل اسبوع بإصدار قرار جديد للاعتراف بالابادة الارمنية وإدانة هذه الابادة وقد وقعت على هذا القرار جميع الجماعات السياسية في البرلمان الاوروبي وتمت المصادقة على القرار بالاغلبية الحاسمة، ويعتبر التصويت على هذا القرار هاما لأن قضية إبادة الارمن لم تكن تطرح من قبل في البرلمان الاوروبي حسب القوانين الحقوقية لكن يبدو ان القرار قد تم طرحه هذه المرة حسب الاسس القانونية والحقوقية وهذا يصب في صالح ارمینيا ويتسبب بأضرار لتركيا.
ان قرار البرلمان الاوروبي يطالب تركيا بالاعتراف بان عمليات قتل الارمن التي وقعت في زمن الامبراطورية العثمانية هي عملية إبادة جماعية كما يطالب تركيا بمواجهة تاريخها والمساعدة على التصالح بين الشعبين.
كما يخفض قرار البرلمان الاوروبي احتمال انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي بشكل كبير ويتسبب بتوتر كبير في علاقات تركيا مع الدول الاوروبية وقد صدرت اولى ردود الافعال وبوادر التوتر من قبل تركيا في تصريحات الرئيس التركي الذي قال عند بدء التصويت على هذا القرار الاوروبي بان تركيا ستتجاهل هذا القرار.
ان اهم تداعيات الاعتراف العالمي بابادة الارمن بالنسبة الى تركيا هو الادانة امام المحاكم الدولية ودفع تعويضات وإعادة اراضي الى الدولة الارمينية كما ان الحكومة التركية تخشى ايضا من وقوف جبهتها الداخلية ضدها خاصة القوميين المتشددين والمثقفين والمفكرين واحزاب المعارضة وهذا ما يزيد من قلق الحكومة التركية.
ويدفع القلق من هذه التداعيات التي ذكرناها حكومة رجب طيب اردوغان الى استخدام ادوات ضغط لها للحؤول دون الاعتراف العالمي بالابادة الارمنية حيث تقول الحكومة التركية انها الشريك الاستراتيجي لامريكا وللدول الاوروبية في المنطقة، وتلوح الحكومة التركية بقطع العلاقات مع امريكا والدول الاوروبية في حال الاعتراف بالابادة الارمنية لكن السياق المتسارع للاحداث حول هذا الموضوع يظهر بأن الحكومة التركية سوف لن تستطيع فرض رأيها في هذا الموضوع.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق