خیوط اللعبة .. النفط مقابل العدوان
التهديدات التي أطلقها عضو المجلس السياسي لحركة أنصار الله محمد البخيتي مؤخراً حول استعداد الحركة للرد إذا استمرت الغارات السعودية على بلاده، العديد من التكهنات حول الأهداف التي ستضربها الحركة اذا ما استمر العدوان على الشعب اليمني.
البخيتي الذي دعا إلى “استكمال الحوار اليمني من حيث توقف قبل العدوان”، مشدداً على تمسك الحركة بمخرجات الحوار الوطني، طالب سلطات الرياض بمراجعة حساباتها “لأن ردنا سيكون حاسماً” ما يشير إلى أن قرار رد حركة أنصار الله بات مسئلة وقت لا أكثر. الرد اليمني على العدوان فتح الوضع الأمني في السعودية على مصراعيه، وهذا ما دعا الملك سلمان لاستدعاء الحرس الوطني للدخول في المعركة عبر تأمين الحدود. ولم تقف تداعيات التهديد بالرد من قبل أنصار الله على الحدود فحسب بل طالت الداخل السعودي أیضاً، حيث أوضح الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد السعودي أن “المملكة تعتزم تعزيز الأمن عند حدودها وحول المنشآت النفطية والصناعية”.
تهديد النفط السعودي يعني بشكل أو بآخر ضرب عمق الأمن القومي السعودي، نظراً لاعتماد اقتصاد البلاد هناك على النفط ومشتقاته فقط لا غير، فهل تمتلك أنصار الله القدرة على ضرب المنشآت النفطية السعودية؟ وما هي تداعيات الرد(النفطي) على المشهدين السعودي والدولي؟
ردع العدوان
عندما تهدّد أنصار الله بالرد الحاسم، من المؤكد أنها لا تقصد تكرار سيناريو معركتها السابقة مع السعودية في العام ٢٠٠٩، فإما تريد التوغل إلى العمق السعودي وهو أمر مستبعد نظراً للطبيعة الجغرافية في جنوب المملكة(الطبيعة الصحراوية تزداد مع الإتجاه شمال المملكة) من ناحية، والقدرات المتطورة التي نشرتها السعودية بعد هزيمة ٢٠٠٩ من ناحية أخرى، ناهيك عن الدعم اللوجستي والإستخباراتي الذي يتلقاه نظام الرياض من الحليف الأمريكي. والخيار الآخر لحركة أنصار الله يتمثل بضرب المنشآت النفطية أو السفن النفطية السعودية وفي هذا السياق نوضح التالي:
أولاً: من المستبعد أن تقوم حركة أنصار الله والجيش اليمني بضرب السفن السعودية لأن ذلك سيؤثر على سير الملاحة البحرية في باب المندب وبالتالي سيضرب قناة السويس وهذا ما ترفضه الحركة جملةً وتفصيلاً.
ثانياً: الإجراءات التي تتخذها السعودية حول منشآتها النفطية من قبيل التفتیش والمكننة والحراسة المشدّدة تمنع أي تهديد أرضي، أي سيارات مفخخة أو إنتحاريين، وهكذا تهديد ينفع السعودية في مواجهة هجمات الجماعات التكفيرية، لا مع حركة أنصار الله أو الجيش اليمني.
ثالثاً: ضرب المنشآت النفطية السعودية(المنتج الأكبر للنفط في العالم) يعني دخول محمد بن سلمان في نفق مظلم وفشله في الملف الاقتصادي(مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية) الذي يترأسه كما فشل في الملف العسكري(وزارة الدفاع)، وهنا تجدر الإشارة إلى أن حركة أنصار الله أشارت في وقت سابق عبر القيادي هادي العجيلكي بأنهم استلموا “صورايخ روسية من طراز متطور جداً، وذات دقة عليها وقادرة على الوصول إلى المنشآت النفطية السعودية”. وقد أشار العجليكي حينها “إن هذه الصورايخ التي نملك منها العشرات، ستغير استراتيجة السعودية في العدوان الحالي على الشعب اليمني”، موضحاً “أن أجهزة الاستخبارات العربية عاجزة عن تحديد عدد الصواريخ ومكانها”.
تداعيات الردع النفطي
الحديث عن أي رد أو ردع نفطي يطرح معادلة جديدة على غرار معادلة “النفط مقابل الغذاء”، عنوانها “النفط مقابل العدوان”، وبالتالي إن أي تهديد للمنشآت النفطية السعودية يعني وقف إنتاج النفط في جميع المنشآت التي تطالها صورايخ أنصار الله، وهو ما يشكل تهديدا استراتيجيا هائلا على السعودية والاقتصادي السعودي، عندها من المؤكد أن الرياض هي من ستسارع للطلب بوقف ما يمسى بـ”إعادة الأمل”.
وعلى الصعيد الدولي وبالتحديد الدول الأعضاء في مجلس الأمن( أغلبها دول مستوردة للنفط السعودي)، سوف يتأثر اقتصاد هذه الدول جراء ضرب المنشآت النفطية ولربما يعود البرميل إلى عتبة الـ١٠٠ دولار من جديد، لذلك من مصلحة الدول الأعضاء في مجلس الأمن قبل غيرها كبح جماح السعودية في استهداف الشعب اليمني.
معادلة “النفط مقابل العدوان” تعيد إلى الأذهان ما طرحه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في العام ٢٠٠٦ عندما وضع بيروت مقابل تل أبيب، ولربما يطالعنا أنصار الله في نيسان اليمن بمفاجآت جديدة على غرار مفاجآت حزب الله في تموز لبنان.
في الخلاصة، الوقت ليس في صالح المجتمع الدولي ولا السعودية لأنها حتى الآن تملك هي نقطة نهاية الحرب كما امتلكت بدايتها، ولكن نفاذ “الصبر الإستراتيجي” للشعب اليمني يعني أن الرياض لن يکون باستطاعتها تحديد موعد النهاية ولربما تكون نهاية النظام السعودي، لأن حركة أنصار الله ستستهدف آل سعود ولن تستهدف الابرياء كما تفعل سلطات الرياض .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق