الغفلة العربیة عن الکیان الاسرائیلی: خطأ بتشخیص العدو أم مصالح مشترکة؟
منذ ظهورها في اواخر القرن التاسع عشر كان للحركة الصهيونية اهدافها المعلنة وغير المعلنة على الاراضي العربية بهدف السيطرة على الشرق الاوسط، فكان القرار الصهيوني بتدمير كافة الروابط والعلاقات بين العرب بكافة طوائفه وشعوبه فكان للصراع العربي – العربي ظهور كبير يوما بعد يوم. ولا شك ان ظهور داعش واخواتها على الاراضي العربية ابتداءا من سوريا فالعراق وغيرهما المدعوم من الحركة الصهيونية يعتبر ابرز التحركات الاسرائيلية في المنطقة الشرق اوسطية العاملة على تقسيم البلاد العربية و تدميرها. فالهدف الاسرائيلي بناء دولة “من النيل الى الفرات” ولا يمكن تحقيقه الا بغرق عربي في وحول الخلاف العميق والقتل والدمار. فكيف يمكن تفسير الاشتراك الاسرائيلي في إشعال الحرب العربية العربية؟ وهل من المنطقي ان يعمد العرب الى محاربة ايران في حين تعبث الايدي الصهيونية بامنهم واستقرار بلادهم؟
أسلحة اسرائيلية في ايدي داعش
ليست جديدة على احد المساعدة التي یتلقاها “داعش” من الاسرائيليين، فالغارات الاسرائيلية التي اغتالت عناصر المقاومة على الحدود السورية مصحوبين بالجنرال الايراني “الله دادي”، ليست قديمة ولا يمكن اعتبارها صدفة استفاد منها عناصر التنظيم الارهابي، بل هي تنسيق منظم بين “داعش” و”الکیان الاسرائيلي”.
وتاكيدا على ذلك كشفت مصادر متابعة لملف الجماعات التكفيرية في العراق وسوريا ان داعش یستخدم السلاح الاسرائيلي الذي يصل عن طريق الثغرات الموجودة على الحدود السورية – العراقية، وأشارت المصادر الى ان هناك علاقة واضحة بين الکیان الاسرائيلي وتنظيم داعش. وأضافت ان الصحف الاسرائيلية اكدت ان حوالي ٧٠٠ عنصر من داعش ممن أصيبوا في سوريا تعالجوا في تل ابيب، وهذا يدل على حجم الدعم المقدم لهم، مؤكدة ان الكيان الاسرائيلي يغذي داعش العراق وسوريا بالاسلحة والمعدات والاموال وكافة الدعم التقني واللوجستي .
مصادر اخرى قالت في تقرير لها إنه تم العثور على اسلحة اسرائيلية لدى داعش في الانبار العراقية وفي بعض المحافظات السورية، وان بعض عواصم دول الخليج الفارسي اشترت السلاح الاسرائيلي بالاساس لحساب ما يسمى المعارضة السورية ومنها النصرة وداعش، والمعلومات المؤكدة تشير الى ان دولة ترعى داعش عمدت الى تمويل تجنيد قرابة ١٧٠٠ عنصر من الجزائر وتونس والمغرب العربي بشكل عام لإرسالهم حاليا الى العراق.
وكان مجلس محافظة الانبار، قد كشف عن مقتل قناص بتنظيم “داعش” يحمل سلاح “اشتار” اسرائيلي الصنع شرق الرمادي. وقال عضو مجلس الاركان “خلف الطرموز” ان أحد ابناء العشائر تمكن من التسلل الى احد البنايات العالية في منطقة البوغانم شرقي مدينة الرمادي، وقتل احد قناصي “داعش” الذي كان يحمل سلاح قنص اسرائيلي الصنع من نوع اشتار. وأضاف أن هذا السلاح متطور وحديث ويقنص من مسافة خمسة كم ولا يوجد من هذا النوع لدى القوات الامنية وابناء العشائر، و قد تسبب هذا السلاح بقتل العشرات من منتسبي القوات الامنية وابناء العشائر. وأوضح الطرموز أن دخول هذا السلاح الى العراق يتم عبر مافيا الدول الاوروبية، حيث تعثر القوات الامنية وابناء العشائر بين الحين والاخر على اسلحة اوروبية متطورة لدى عناصر تنظیم “داعش” الارهابي.
خطأ بتشخيص العدو أم مصالح مشتركة؟
السلاح الاسرائيلي بيد داعش ليس الضربة الوحيدة التي یقدمها الکیان الاسرائيلي للدول العربية، بل يمكن اعتباره غيضاً من فيض المشاكل الامنية والسياسية التي اشتهرت بها الدولة العبرية منذ سنوات مضت، واستطاع فيها الصهاينة القضاء على كل حلم عربي بالوحدة والاتفاق العربي. ولا شك ان آخر ما توصلت له العلاقات العربية المتأزمة يوما بعد يوم، حرب امريكية سعودية على الشعب اليمني العربي الذي لم يذنب يوما سوى انه أراد التخلص من الحكم الفاسق ليبني دولة قوية تقف بوجه المطامع الاسرائيلية، فما كان من ايدي الشر الامريكية الا ان جندت ال سعود لحرب تخريبية تزعزع الاستقرار في المنطقة فتقتل وتهجر الشعب اليمني لدفن الثورة قبل نهوضها.
ولا يخفى على كل متابع ان السبب الذي أعلنته السعودية لعدوانها على اليمن هو إيقاف التقدم الفارسي فيها، باعتبار الجمهورية الاسلامية الايرانية اساساً لكل مشكلة يواجهها العرب. لكن لا يذكر التاريخ القديم والحديث تقدما ايرانيا في اليمن او غيرها، او دعما للحركات الارهابية للوقوف بوجه الإرادة العربية في المنطقة.
ولا يخفى على احد ايضا ان العلاقات السعودية الايرانية تأزمت بعدما أصبح هدف السعوديین السيطرة على القرار الشرق اوسطي، باعتبارها الدولة الكبرى في الشرق الاوسط. فاصطدمت بمحور الممانعة والمقاومة المدعوم من الجمهورية الاسلامية في ايران لتعتبره العقبة الاولى في طريقها فتحاول نزعه، دون ان تقدر ان محاولة نزع هذه القوة العظمى الايرانية أصعب بكثير من تنفيذ القرار الامريكي. فبدأت الحرب السعودية لفرض معادلة جديدة على دول الشرق الاوسط اساسها القوة السعودية المدعومة امريكياً متجاهلة كل ما یقوم به الکیان الاسرائيلي ضد العرب وتحويل البوصلة الى طهران.
الكيان الاسرائيلي اذاً، يدرب ويسلح ويربي داعش، محاولا تغذية العلاقات العربية المتوترة بحروب تزيد تعقيد الامور، والعرب حتى اليوم لم يفرقوا بين المساعدات الايرانية والعداوات الاسرائيلية، ولم يستطع حتى الان اي رئيس ان يقتنع ان مشاكله الاساسية ليست مع ايران بل مع عدو قديم عمره مئات السنين اسمه الکیان الاسرائيلي. فهل تبدلت القناعات العربية باختيار العدو ام ان المصالح المشتركة سيدة الموقف؟ أسئلة برسم التاريخ.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق