لماذا تتغاضی الانظمة الرجعیة عن حق العودة للاجئین الفلسطینین
تعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين امتداداً لمأساة احتلال وطنهم من قبل الكيان الاسرئيلي المدعوم غربياً لاسيما من قبل أمريكا.
فالمأساة الانسانية التي يعاني منها هؤلاء اللاجئون منذ نكبتهم عام ١٩٤٨ وحتى الآن لا يمكن فصلها عن قضيتهم الاساسية المتمثلة بتشريدهم عن اراضيهم والاستحواذ على ممتلكاتهم. ومن هذا المنطلق يعتبر حق العودة بالنسبة لهم من الحقوق البديهية التي أقرتها القوانين الدولية ومنها القرار ١٩٤ الصادر عن الامم المتحدة عام ١٩٤٨.
في هذا الاطار اكد رئيس التجمع الفلسطيني في المانيا الدكتور سهيل ابو شمالة ان حق عودة اللاجئين الى ديارهم ووطنهم هو من الحقوق الاساسية للشعب الفلسطيني التي لا يمكن التراجع عنها أو التفاوض بشأنها بأي حال من الاحوال.
واوضح ابو شمالة في حديث على هامش المؤتمر السنوي الثالث عشر لفلسطينيي اوروبا الذي عقد مؤخراً في برلين أن القضية الاساسية لهذا المؤتمر تمثلت بالتركيز على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، مشيراً الى ان اكثر من سبعة ملايين فلسطيني لازالوا مشردين عن وطنهم الاصلي ومسقط رأسهم فلسطين. واضاف ان حق تملك الاراضي في فلسطين المحتلة هو من الحقوق الحصرية للشعب الفلسطيني التي ضمنتها جميع القوانين والمقررات الدولية.
وانتقد رئيس التجمع الفلسطيني في المانيا بشدة وسائل الاعلام الغربية الخاضعة للهيمنة الصهيونية لاسيما وسائل الاعلام الألمانية بسبب الحرب النفسية التي شنتها على المؤتمر السنوي الثالث عشر لفلسطينيي اوروبا ومحاولة تضليل الرأي العام للتقليل من اهمية هذا المؤتمر.
وطالب ابو شمالة الحكومة الالمانية بدعم الفلسطينيين، مندداً في الوقت نفسه بالجرائم الشنيعة التي يرتكبها الكيان الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة، مشدداً على أن هذه الجرائم تزيد من عزلة هذا الكيان في المجتمع الدولي.
ونوه رئيس التجمع الفلسطيني في المانيا الى ان الكيان الاسرائيلي الغاصب يعاني اصلاً من العزلة بسبب سياساته العنصرية المقيتة وبسبب نقضه ورفضه الانصياع للقوانين والمقررات الدولية.
والسؤال المطروح الآن هو لماذا لا تهتم معظم الانظمة العربية بقضية الشعب الفلسطيني وحقه المشروع بتحرير ارضه والعودة الى وطنه ودياره؟!
للاجابة عن هذا السؤال لابد من القول ان الانظمة العميلة والرجعية في العالم العربي والمرتبطة بشكل مباشر بالمشروع الصهيو أمريكي في المنطقة تنفذ مخططاً مرسوما لها بدقة من قبل دوائر المخابرات الغربية والاسرائيلية وبتوجيه مباشر من الاستخبارات الامريكية بهدف حرف أذهان الشعوب العربية عن القضية الفلسطينية بإعتبارها القضية المركزية والمصيرية للعالمين العربي والاسلامي وذلك من خلال:
١- تهميش ذكرى النكبة عام ١٩٤٨ التي تشكل إحدى أهم ركائز مظلومية الشعب الفلسطيني والتي تعرض خلالها للتهجير الظالم خارج دياره وبأعداد كبيرة جداً على يد العصابات الإرهابية الصهيونية وتم خلالها احتلال معظم أراضي فلسطين وهدم معظم معالمها السياسية والاقتصادية والحضارية. وشملت النكبة أيضاً ارتكاب عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب والسلب ضد الفلسطينيين ومحاولة تدمير هويتهم ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية.
٢-الترويج الى أن القضية الفلسطينية تخص الفلسطينيين وحدهم بهدف تبريرعدم دعمها من قبل الحكام الرجعيين العرب أو الاقتصار على طرح مشاريع استسلامية تحت مسمى التسوية مع الكيان الاسرائيلي.
٣- لجأت بعض الانظمة العربية ومن بينها قطر والاردن الى تطبيع علاقاتها مع الكيان الاسرائيلي في محاولة بائسة لكسر جدار العزلة الذي يحاصر هذا الكيان الغاصب.
٤- محاولة خلق ازمات في المنطقة على غرار ما حصل مؤخراً بشن العدوان السعودي على اليمن بإيعاز من الادارة الامريكية بهدف إشغال الشعوب العربية عن القضية الفلسطينية وإبعادها عن الذاكرة الجماعية كي تركن في طي النسيان.
ورغم المآسي التي تعرض ويتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في دول الشتات نتيجة إبعادهم بشكل قسري وظالم عن اراضيهم وديارهم وموطن آبائهم واجدادهم، لا زال الحكام الرجعيين العرب يتفرجون على هذه المأسي دون أن يحركوا ساكنا.
وما تعرض له اللاجئون الفلسطينيون مؤخراً في مخيم اليرموك جنوب دمشق على يد عصابات “داعش” الارهابية من قتل فجيع وترويع للنساء والاطفال شاهد حي على المأساة الكبيرة التي يعاني منها هؤلاء اللاجئون. ورغم الدعم الذي تقدمه لهم الحكومة السورية التي تعاني هي أيضاً من ظروف صعبة بسبب الهجمة الشرسة التي تشنها الجماعات الارهابية المدعومة من قبل امريكا واسرائيل والانظمة المرتبطة بهما في المنطقة لاسيما تركيا وقطر والسعودية لا يزال اللاجئون الفلسطينيون يعانون الأمرَّين من هذه العصابات التي تهاجم مخيماتهم وتقتل رجالهم ونساءهم واطفالهم دون رحمة ودون أن تبدر اي ردة فعل من جانب الانظمة العربية السائرة في ركاب المشروع الصهيوامريكي الذي يستهدف المنطقة.
ولو اقتصرت مواقف الحكومات الرجعية العربية على هذا المقدار من الخيانة لهان الأمر، لكنها تمادت في تواطئها مع اعداء الشعب الفلسطيني من خلال التآمر وعقد الصفقات المشبوهة على حساب دماء وارواح وحقوق وكرامة أبنائه خدمة لأعدائه وفي مقدمتهم اسرائيل وحماتها الغربيين وعلى رأسهم أمريكا.
ولابد من التأكيد هنا على أن تخاذل الانظمة العربية الرجعية والعميلة هو بحد ذاته جزءٌ من المؤامرة التي حيكت ضد الشعب الفلسطيني ولا زالت تنفذ بطرق وأساليب ماكرة وباشراف مباشر من قبل امريكا واسرائيل ودعم القوى الغربية السلطوية مقابل استمرار بقاء هذه الانظمة لفترة اطول في سدة الحكم الى أن يحين استبدالها بأنظمة اخرى اكثر خيانة ونفاقاً ما لم تبادر الشعوب العربية الى قلعها من جذورها واستبدالها بحكومات وطنية معبرة عن تطلعاتها في نيل الحرية والعزة والكرامة وتأخذ بيدها نحو تحرير مقدساتها من دنس الاحتلال لاسيما القدس الشريف.
ولابد من الاشارة ايضاً الى الملتقی الشعبي الفلسطیني الذي عقد مؤخراً في دمشق تحت شعار “مخیماتنا .. بوابة عودتنا” كونه يعبر بشكل واضح عن اصرار اللاجئين الفلسطينيين لنيل حقوقهم المشروعة في الارض والوطن وفي مقدمتها حق العودة باعتباره يمثل ركيزة اساسية وحيوية في استعادة باقي الحقوق المسلوبة.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق