التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, نوفمبر 14, 2024

الاردن بین دعم التکفیر ومحاربته 

شهدت المملكة الاردنية في الاونة الأخيرة تغييراً ظاهريا في النهج الذي كان متبعا اتجاه التيارات السلفية والحركات التكفيرية، وبرز ذلك بوضوح من خلال اعلان المملكة شنها للعديد من العمليات على حدودها مع كل من العراق وسوريا على اليات وتحركات لمجموعات تكفيرية، يضاف الى ذلك اعدامها لبعض المساجين عندها ممن لهم سجلات وارتباطات سابقة مع الفكر التكفيري. وجاء ذلك كرد على اعدام التنظيم لاحد طياري المملكة “الكساسبة”، بالاضافة الى حملة من التحذيرات اتجاه الخطر الذي اصبح يشكله الفكر التكفيري ومجوعاته المنتشرة.

وقد جاء ذلك في تصريح اخير صدر عن وزير الخارجية الاردنية (ناصر جودة) في مقابلة مع قناة (السي ان ان) بأن “الاردن حذر من ما يقارب ست سنوات مضت من احتمالية نمو القاعدة والجماعات التكفيرية في اليمن كونها متشابهة من حيث الطبيعة والجغرافية لدولة افغانستان والبیئة القبلية). هذا التصريح بالاضافة الى بعض الاجراءات الشكلية اتجاه داعش اثار موجة تساؤلات كثيرة من الازدواجية والتناقض بين اقدامات المملكة وما اصبح واضحا وظاهرا ومتجليا للجميع من سياسات المملكة السابقة والحالية بدعمها للإرهاب التكفيري الاجرامي بكافة اشكاله والتي تفيض امثلة ذلك. ومن هنا يبرز السؤال الاساس، وهو هل للتناقض بين بعض اجراءات المملكة الأخيرة ودعمها للقاعدة ودخولها الحرب ضد الشعب اليمني من تبرير؟ واين استقلالية المملكة من سياسات ال سعود ومختطاطهم في المنطقة؟ والى اين ستمضي المملكة في سياستها؟

مع اعلان ال سعود الوهابيین حربهم على الشعب اليمني الأعزل سارعت حكومات بعض الدول العربية الى إعلان رغبتها في المشاركة في هذا العدوان الذي اطلق علية عاصفة الحزم وقد كان من ابرز هذه الدول المشاركة المملكة الاردنية التي ابدت استعدادها لمشاركة طائراتها في هذا العدوان ولم تظهر من ممانعة اذ اقتضى الامر المشاركة البرية وان كان بأعداد محدودة، وبالامكان فهم التناقض بين بعض اجراءات الاردن الشكلية ضد المجموعات التكفيرية وبين مشاركتها في اليمن الى عرض بعض الاسباب التي حزت باليمن الى اعلانه مشاركته متناسيا ومتجاهلا ان هذه الحرب تحصد ولا زالت مئات الضحايا والأبرياء من هذا الشعب المظلوم. وفي عرض لابرز اهداف الاردن في اعتداء اليمن الداعم للموقف التكفيري الارهابي نذكر التالي:

– تسعى المملكة ومنذ فترة الى توطيد علاقتها مع دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسهم ال سعود اذ ان المملكة الاردنية غاية طموحها ومكسبها اتجاه مشارکتها في هذا الاعتداء على الشعب اليمني كسب رضا ال سعود بغية انضمامها الى مجلس التعاون الخليجي وكسب الحماية منهم، بالاضافة الى بعض المكاسب التجارية والاقتصادية. هذا وان كان يتعارض مع قتل الابرياء والمدنيين وتشريد الاطفال وهو ما يتعارض مع الاجراءات الاخيرة للملكة وتحذيراتها من خطر التكفيريين اذ ان جزءاً من المشكلة الموجودة في اليمن هي الجماعات التكفيرية التي اصبحت تهدد وحدة الشعب اليمني وامنه.

– توسيع المملكة الاردنية لنفوذها السياسية واستثماراتها الاقتصادية والتي تجد المملكة ان لا غنى لها في ذلك من دعم الجماعات التكفيرية الوهابية التي من شأنها ان تزيد من قدرة المملكة الاردنية في بسط يدها للتدخل والنفوذ في شأن الدول المجاورة كلاعب اساسي، لاعتبار كونها لها اليد والمنة داخل الجماعات التكفيرية.

– حماية النظم الحاكمة لذاتها، فالاردن يعاني بشكل او بآخر من مواجهة معارضة داخلية، وفي هذا الاطار يعتبر النظام الحاكم في الاردن ان مشاركته في هذه الحرب يتيح له الحماية في الوقوف امام اي حالات معارضة مستقبلية.

– الاردن كان وعلى الدوام خزاناً للسلفيين المتطرفين بل للأردن دور أساسيٌ في نشأتهم بالأساس وما حصل في الآونة الأخيرة حيث قرر النائب العام لمحكمة أمن الدولة الأردنية فسخ قرار الظن الصادر عن محكمة أمن الدولة على المشتكى عليه عصام البرقاوي(منظر التيار السلفي) وهو الملقب بـ«أبي محمد المقدسي» بتهمة التحريض على مناهضة الحكم، وبالتالي تم منع محاكمته والإفراج عنه فوراً ما لم يكن مطلوباً لأمر آخر، بعدما كان مسجوناً في سجن الموقر لمدة ١٠٠ يوم بتهمة الترويج لأفكار إرهابية. أليس مريباً إطلاق سراحه وفي هذا الظرف بالتحديد؟

– استضافة الاردن واحتضانه للعديد من المؤتمرات التي حوت قيادات لمجموعات وشخصيات تبنت الفكر التكفيري الوهابي كان اخرها مؤتمرا جمع شخصيات من حزب البعث العراقي السابق بالاضافة الى بعض القيادات التكفيرية الداعشية في العراق. وقد حضي المؤتمر براعية خاصة من الديوان الملكي وحراسة مشددة. وتبني المؤتمر في بيانه الختامي دعمه للمجموعات الارهابية في العراق وسوريا وهو تناقض صريح لا يحتمل الشك والتأويل في الدعم الواضح للمملكة الاردنية بخلاف الادعاءات الاخيرة والتصريحات بخصوص التحذير من الخطر التكفيري.

وفي الاطار الذي يسعى فيه ال سعود من بسط هيمنتهم على دول الجوار، ومن اجل تحقيق اهدافهم ومختطاتهم ومن ورائهم أمریکا والكيان الإسرائیلي والغرب أجمع، ترى السعودية في الاردن البلد المطواع والمستجيب، اذ لا تخفى مراكز التدريب التي اعدت في المملكة الاردنية لاعداد وتهيئة المقاتلين التكفيريين وارسالهم الى سوريا والعراق وغيرهما، كل ذلك بتنسيق ودعم سعودي مما دفع بالبعض الى اعتبار الاردن محطة انطلاق سعودية لتحقيق مآربها وقاعدة تدريب لال سعود لدعم التكفيريين.

وفي ظل هذا التناقض الحاد بين الموقف الذي توحي به المملكة الاردنية وخصوصا تحذيرها من خطر التكفير على الاراضي اليمنية وبين واقعها الذي لا يخفى على احد من قتل اليمنيين واعداد الارضية للتكفيريين على اراضيها، يبقى السؤال برسم الاجابة، الى اين ستمضي المملكة في سياساتها؟ وهل تهدد سياسة المملكة المضطربة استقرارها وكيانها؟

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق