باحث استراتيجي سوري: الأزمة السورية فرضت صراعاً بين المحورين الإسرائيلي -السعودي والتركي -القطري
سوريا ـ سياسة ـ الرأي ـ
أكد الباحث في الشأن الاستراتيجي السوري الدكتور علي مقصود إن العملية العسكرية الجنوبية التي أطلقها الجيش في المرحلة الأخيرة إثر زيارة وزير الدفاع فهد جاسم الفريج إلى المنطقة جاءت لإفشال السيناريو الذي وضع لها.
مقصود أوضح إن ذلك يدلل على الفهم الاستراتيجي للمرحلة الحساسة في المواجهة من قبل الحكومة السورية التي توظف كل إمكاناتها في مواجهة الإرهاب وداعميه بما في ذلك العمليات الاستخبارية رفيعة المستوى.
واوضح ان السيطرة على معبر اللجاة جاء بجهود عملياتية مركزة مكنت من السيطرة على قوى هامة وحيوية في طرق نقل السلاح والمسلحين من الأراضي الأردنية إلى سوريا، مما أوقع أيضاً بصر الحرير تحت السيطرة النارية والقواتية للجيش العربي السوري، وهذا كله يصب في خانة كسر ظهر الأفعى الوهابية التي تحاول أن تحول مدينة درعا إلى إمارة لجبهة النصرة في خطوة أولى لفرض منطقة عازلة تتمدد إلى مدينة السويداء في الشرق، وإلى ريف محافظة القنيطرة في الغرب، وهذا ما يفكر الكيان الإسرائيلي بإنشائه ليصار في مرحلة لاحقة لتقسيم سوريا.
وأشار الباحث السوري إلى أن القوات السورية التي تعمل الآن على التمهيد مع حلفائها لضرب مقرات الإرهاب بكثافة في داخل بصر الحرير ليصار إلى استكمال العملية العسكرية فيها، تقوم في الوقت نفسه على إكمال عملية قطع الإمداد القادمة من الكيان الإسرائيلي إلى مسلحي النصرة، من خلال التركيز في العمليات الجوية على المناطق القريبة من شريط الفصل بين منطقتي الجولان السوري المحرر والمحتل.
وبين مقصود إن ما تحاول فعله الميليشيات المسلحة في مناطق سهل الغاب انطلاقا من ريف إدلب الجنوبي يأتي لتشتيت عمل القوات السورية في الشمال الذاهبة نحو تصفية المسلحين في محيط إدلب واستعادة المدينة التي سيطرت عليها الميليشيات بدعم تركي واضح وعلني، مشيراً إلى أن الحكومة التركية لم تعد تستحي بالمطلق من تجديد ماضي العثمانيين وارتكاب مجازر جديدة بحق المدنيين في سبيل تحقيق سلطنة أردوغان الإخوانية.
وأوضح مقصود بأن الميليشيات في الشمال السوري التي ترتبط بأنقرة تحاول أن تسبق نظيرتها في الجنوب لفرض المنطقة العازلة، وذلك انعكاس واضح لتنافس محورين أساسيين من الداعمين للإرهاب، فإن كانت كل من “إسرائيل” والسعودية متحالفتين في الجنوب لفرض هذه المنطقة لضرب وحدة الأراضي السورية باستخدام الأردن كأداة لا قرار لها، فإن الحكومتين التركية والقطرية تحاول أن تطبق هذه المنطقة في الشمال، وهذه التحالفات ليست بالجديدة على الملف السوري، لكن الجديد هو طبيعة التنافس بين هذين المحورين الذي تحول إلى صراع فيما بينهما، لذا من المرشح أن يتمكن أي من الطرفين باستمالة قسم من ميليشيات الآخر لإنشاء صراع ميليشياوي ينهي ملف التنافس لصالح أحد المحورين، فالكل يطمع أن تكون ميليشياته صاحبة القرار المطلق في الميدان السوري، لكن المفارقة دائماً من صنع الجيش السوري الذي يتمكن من ضرب الميليشيات المسلحة في عقر دارها من خلال العمليات الاستخبارية الدقيقة التي تفضي إلى كشف المخطط وضربه قبل البدء بتنفيذه، ولنا في الجنوب وما حدث فيه أسوة حسنة.
وختم الباحث السوري بالإشارة إلى أن الأزمة السورية مرشحة للتصعيد بشكل كثيف خلال الأيام القادمة نتيجة لدعوة المبعوث الأممي الخاص ستيفان دي مستورا لعقد مشاورات بما يخص الحل السياسي في العاصمة السويسرية جنيف، فالمشاهد في سوريا يؤكد أنه كلما كان هناك تحرك سياسي لا يعجب مشغلي الإرهاب في سوريا يكون ثمة تصعيد ميداني شرس في الأراضي السورية يصل الى حد ارتكاب المجازر بحق المدنيين.انتهى