هجوم مقاتلی قبیلة همدان فی نجران؛ هل بدأ الانتقام الیمنی؟
يبدو أن صبر الشعب اليمني بدأ بالنفاذ أمام العدوان السافر الذي يتعرض له من قبل حكومة آل سعود منذ ما يربو على شهر من الآن، العدوان الذي خلف حتى الآن نحو عشرة آلاف شهيد وجريح بمن فيهم نساء وأطفال وشيوخ، وتسبب بدمار واسع طال البنية التحتية والمنشآت الحيوية، والمباني العامة والخاصة ومعسكرات الجيش. فالشعب اليمني المعروف بإبائه للضيم، لم يعد يطيق رؤية أبنائه وبناته ونسائه يقتلون بنيران الطائرات السعودية وبيوتهم تهدم فوق رؤوس ساكنيها، دون أن يرد على المعتدي بما يستحقه.
فقد شهد مساء الأحد الماضي قيام مجموعة مقاتلة من قبيلة همدان بن زيد بالتوغل في عمق الاراضي السعودية وصولا الى جوار سد نجران، حيث نفذوا كمينا لدورية عسكرية سعودية، وعلى اثر وصول الدورية فتح افراد المجموعة النار عليها ما ادى الى مقتل عدد من الجنود السعوديين اضافة الى ضابط كبير كانوا في عداد الدورية. وبعد تنفيذهم العملية عاد مقاتلو قبيلة همدان بن زيد الى قواعد انطلاقهم في المناطق الحدودية اليمنية رغم ضراوة القصف والغارات السعودية.
وكانت قبيلة طخية اليمنية اقتحمت في ١١ نيسان/ابريل الحالي، موقع المنارة العسكري السعودي على الحدود مع مديرية باقم في محافظة صعدة بعد قتل عناصر الموقع لعدد من ابناء القبيلة، حيث تمكن مقاتلو قبيلة طخية من السيطرة على الموقع وقتل عشرات الجنود السعوديين فيما فر الباقون الى الداخل السعودي. وقد غنم مقاتلو طخية الأسلحة والاليات في الموقع، الأمر الذي أحدث صدمة لدى القوات السعودية التي وقفت عاجرة أمام ما يجري.
هذه التطورات وردود الفعل التي تبديها القبائل اليمنية لها مدلولاتها على وقائع الأحداث والتي نسعى هنا أن نسلط عليها الضوء ضمن النقاط التالية:
أولا: تدل العمليات التي تنفذها القبائل اليمنية ضد المواقع السعودية العسكرية، على اصطفاف القبائل اليمنية إلى جانب الحراك الثوري في اليمن بقيادة حركة أنصار الله، وتفاعل هذه القبائل مع مطالب الثورة اليمنية. وإن كانت هذه القبائل تأخرت حتى الآن في ردها على العدوان، وانحصر ردها في نطاق محدود فهو بسبب مراعاتها للاستراتيجية التي اعتمدتها القوى الثورية وحركة أنصار الله، في اعطاء فرصة للحل الدبلوماسي التي تتوسط لإنجازها بعض القوى والدول الإقليمية، إلا أن عدم احراز تقدم ملموس في هذه المساعي، جعل هذه القبائل تتأهب للانتقام الوشيك وتستعد لرد الصاع صاعين لحكومة آل سعود، خاصة وأنهم أصحاب بأس معهود في المعارك تشهد عليه الوقائع التاريخية.
ثانيا: برهنت العمليات التي نفذتها القبائل اليمنية في العمق السعودي، على أن السعودية ليست ﺑﻣﻧـﺄى عن انتقال الاضطراب إلى أراضيها. فبعد ما ينحو على شهر من بدء عدوانها على اليمن، لم تستطع السعودية تحقيق أي من أهدافها، وأثبتت عجزها عن السيطرة على نيران الحرب ومنع امتدادها إلى أراضيها، بالرغم من الاجراءات والاستعدادات التي اتخذتها في هذا المجال. ويُعتبر وصول المقاتلين الى هذا العمق انجازاً مهماً جدا على الرغم من الاستنفار الضخم من قبل السعوديين وحرصهم الشديد على استعراض حضورهم وجهوزيتهم عبر التقارير التي تبثها وسائل الاعلام التابعة لهم. ويبدو أن الحرس الوطني الذي أمر الملك سلمان بتوجهه إلى الحدود السعودية مع اليمن، لم يبد نجاعة كافية في منع عمليات مقاتلي القبائل اليمنية.
من ناحية أخرى، يرى مراقبون أن تركيبة الجزيرة العربية القبائلية والعشائرية وحساسية العلاقات بين قبائل اليمن والحجاز، تشكل تهديداً حقيقياً على الاستقرار في السعودية، وأن اعلان القبائل في اليمن للحرب على النظام السعودي لا شك سينعكس على موقف الوضع الداخلي في السعودية، مما سيضع آل سعود أمام تحديات داخلية جديدة إضافة لتلك العابرة من خارج الحدود.
ثالثا: إن استمرار أمد العدوان السعودي على اليمن، سيشدد من الاضطرابات في المنطقة المتأزمة بالأساس، مما يفرض على المجتمع الدولي المسارعة لإيقاف نزف الدم، ووضع حد للمغامرة السعودية التي تسببت حتى الآن بسقوط آلاف الضحايا اليمنيين الأبرياء. حيث بلغ عدد الضحايا وفق ما جاء في الإحصائيات الأولية لمؤسسة بيت الحرية لمكافحة الفساد والدفاع عن الحقوق والحريات حول ضحايا العدوان، أن حصيلة العدوان السعودي على اليمن، قد بلغت ثلاثة آلاف و ٥١٢ شهيداً بينهم ٤٩٢ طفلاً وطفلة و ٢٠٩ امرأة، إلى جانب ستة آلاف و١٨٩ جريحاً بينهم ٩٧٨ طفل و٧١٣ امرأة؛ وأن عدد الأسر التي نزحت من مساكنها في الأحياء والقرى والمدن التي طالها قصف العدوان السعودي خلال الـ ٣٠ يوماً الماضية ما بين ٩٠ – ٩٥ ألف أسرة، حيث بلغ عدد المساكن التي تهدّمت وتضرّرت كليا أو جزئيا اربعة آلاف و ٨٩٨ منزلا.
إن السعودية أخطأت كثيراً عندما امتحنت صبر اليمنيين في عدوانها على أراضيهم، وأخطأت أكثر عندما تناست الاخفاقات والهزائم التي مني بها جيشها في حرب صعدة السادسة عام ٢٠١٠، وأغمضت عينيها عن قدرة اليمنيين واصرارهم وبأسهم في الحروب البرية وقدرتهم على الصمود وإلحاق الهزائم بعدوهم، وعلى السعودية أن تعلم أن مضيّها في استفزاز الشعب اليمني لا شك سيكلّفها أكثر مما تحتمل.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق