من الیمن الجریح الی مخیم الیرموک المحاصر: السعودیة مشروع الصهیونیة العربیة
إن المنطقة اليوم تشهد الكثير من الأحداث المتسارعة والمترابطة، لكن الأحداث الجارية وبرغم كثرتها، واضحةً من حيث الأهداف والدلالات. فالصراع القائم منذ زمنٍ طويل بين السياسات الأمريكية وبالتحديد الكيان الإسرائيلي، ومحور المقاومة في المنطقة، أصبح اليوم أكثر وضوحاً. وأصبحت الدول التي تحمل هم القضية الفلسطينية، واضحة للجميع، كما اصبحت الدول التي تتآمر على الشعب الفلسطيني معروفةً أيضاً. ولعل العدوان السعودي الأخير على الشعب اليمني، يتوافق في أهدافه ودلالاته مع المعارك الحاصلة في سوريا. فالسعودية وقطر بالتحديد، هم أصل قيام الإرهاب في سوريا، من خلال دعمهم لتنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين. وهنا يأتي الحديث عن حصار مخيم اليرموك وما يجري فيه من معارك لإقصائه. فكيف يمكن ربط الأحداث السورية لا سيما معارك مخيم اليرموك، بالعدوان السعودي على اليمن؟
منذ بداية العدوان السعودي على اليمن، والخطاب السعودي واضح المعالم بتشدده وبعده عن المنطق السياسي. وعلى الرغم من أن السعودية أعلنت وقف ما سمي بعاصفة الحزم، الى أن الحرب على الشعب اليمني ما تزال تستهدف أبرياءه وأطفاله العزل. ولعل تقارير المنظمات الإنسانية والتي تتحدث عن حجم الضحايا من المدنيين، يذكرنا بحرب لبنان في تموز ٢٠٠٦، وحرب غزة الأخيرة. لكن الغريب هو أن الدول الخليجية لا سيما السعودية وقطر، والتي يعرف القاصي والداني أنها تختلف في كثير من الملفات فيما بينها، اجتمعت على أهداف عاصفة الحزم، الى جانب قيامها بتنسيق جهود عناصرها الإرهابیة من داعش والنصرة في سوريا، من أجل إقصاء الشعب الفلسطيني المحاصر في اليرموك، وضرب الدولة السورية بطريقة غير مباشرة عبر استدراجها لمعركة اليرموك.
فالسعودية التي تعتبر الخصم الخليجي اللدود لقطر، توافقت مع الأخيرة على ضرورة شن الحرب على اليمن، على الرغم من أنها لم تفلح في إقناع قطر وكذلك الدول الخليجیة الأخرى، بالدخول في معركةٍ برية. فالرفض الخليجي العام للمعركة البرية مع اليمن، فيما تصر السعودية على ذلك، ليس محبةً باليمن بل لحساباتٍ تتعلق بأزمة الوجود التي قد تهددها. وهنا يأتي الحديث عن حقيقة العلاقة بين هذه الدول التي تجمعها المصالح المشتركة. لكن على ما يبدو فإن هذه المصالح لا تصب إلا في سبيل تأمين استمرارية أنظمة الدول الخليجية، والتي ليست من الصدفة أن تتوافق مع المصلحة الإسرائيلية. وبالتالي فإن الحديث عن الانخراط الخليجي في المشروع الصهيوني، أصبح واضح الدلالات للجميع.
فالشعب اليمني لا يختلف عن الشعب الفلسطيني على الإطلاق، بل إن الحرب السعودية عليه، كانت متطابقةً لحروب الكيان الصهيوني على الشعوب العربية. كما أنه ومن الجانب الآخر، فإن توافق تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين والذي أدى الى تطور معركة اليرموك وتقوية عصب الإرهاب في المخيم، لم يكن لصالح الشعب الفلسطيني المحاصر والمهجر. وهنا يأتي الحديث عن الروابط بين ما يجري في سوريا واليمن على الشكل التالي:
– إن الشركاء الإقليميين للمجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا، هم أنفسهم أصحاب الخيار العسكري في اليمن. فالرياض ترفض الإصغاء للمبادرات السياسية حول اليمن وبتنسيقٍ كامل مع قطر، كما أن مساعي تحييد المدنيين في مخيم اليرموك لم تفلح، بسبب قوة الإرهاب الموجود فيه، بعد توحد تنظيمي داعش والنصرة.
– في اليمن يجري الضغط سياسياً وعسكرياً لتمكين أنصار الدول الخليجية من تحقيق مكسبٍ ما في الميدان اليمني، فيما تكشف العمليات العسكرية الواسعة النطاق من قبل الأطراف الإرهابية المسلحة والمحسوبة على السعودية وقطر وتركيا في سوريا، حقيقة الخيارات الأساسية للدول المتورطة في الحرب على سوريا، أهمها إسقاط الدولة السورية. وهنا يأتي الحديث عن محاولة استدراج الدولة السورية لمعركة اليرموك، من أجل إضعاف صورتها.
– إن معركة إدلب والدعم التركي المباشر للمسلحين يرتبطان بمشروع جدي لفصل محافظة إدلب عن الساحل السوري، ويتقاطع هذا التوجه مع الدفع بإتجاه فصل الجنوب السوري عن السلطة المركزية. من جهة ثانية تعمل “غرفة عمليات مورك” في الأردن والمدعومة من السعودية وقطر وواشنطن، على محاولة توسيع رقعة سيطرة المسلحين الإرهابيين على بعض المناطق الإستراتيجية، ويقوم الكيان الإسرائيلي بمنحهم مزيداً من التسهيلات، وصولاً إلى التدخل بالقصف الجوي بالقرب من الجولان. وهنا جاء تفجير الأوضاع في مخيم اليرموك، والذي أتى في إطار الخطة نفسها للضغط من مسافة قريبة على دمشق.
إذاً لم ولن تتوانى السعودية وقطر عن دعم الإرهاب وإراقة دماء الشعوب. فالملوك والأمراء وحكام الأنظمة العربية، هكذا يعيشون ويستمرون. لكن السعودية التي تميزت في كل شيء، تميزت بوفائها للمشروع الصهيوني الذي تبناه أجدادها من مؤسسي آل سعود. ولذلك فإن السعودية كانت ومازالت تقوم بدورها ليس أكثر، وهي التي تربت في أحضان الصهيونية العالمية، وعلى قواعد بروتوكولات بني صهيون. فوجه الشبه بين السعودية والكيان الإسرائيلي يتزايد، بل لعل الحقيقة تقول إنه يتضح أكثر، ليخبرنا عن صناع المؤامرة على الشعوب العربية، وعن تجار الدم العربي في سبيل إقصاء القضية الفلسطينیة، وضمان بعض أمن إسرائيل المزعومة. إنها السعودية مشروع الصهيونية، ويد تل أبيب العربية.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق