الموالی لواشنطن وداعیة الحرب “عادل الجبیر” وزیراً للخارجیة السعودیة خلفاً للفیصل
عقب الخلافات العميقة حول مسار العدوان على اليمن وفي ظل التوتر الأمني الذي تعيشه السعودية والذي تمخض عنه الاعلان مؤخراً عن اعتقال عشرات السعوديين بتهمة الانتماء الى تنظيم “داعش” الارهابي، قرر الملك سلمان بن عبد العزيز وبأوامر عاجلة إقالة ولي عهده مقرن بن عبد العزيز وتعيين وزير الداخلية محمد بن نايف خلفاً له. كما قرر الملك سلمان تعيين ولده محمد ولياً لولي العهد مع الاحتفاظ بمنصبه وزيراً للدفاع، واقالة وزير الخارجية سعود الفيصل وتعيين سفير السعودية في واشنطن عادل الجبير خلفاً له.
ويرى المراقبون ان هذه التغييرات تعكس بشكل واضح حالة الشقاق التي تعاني منها الاسرة الحاكمة في السعودية والتي تفاقمت بعد رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز ومجيء اخيه غير الشقيق سلمان بن عبد العزيز الى سدة الحكم.
ويعتبر تغيير سعود الفيصل واقالته من منصب وزير الخارجية بعد أربعين عاماً قضاها في هذا المنصب واستبداله بعادل الجبير، من بين ابرز التغييرات التي أجراها الملك السعودي حتى الآن، والتي تعد بمثابة طي صفحة من صفحات تاريخ السياسة الخارجية للسعودية. فمن هو الجبير ولماذا أنيطت به مهمة الخارجية في هذا الوقت بالذات؟
ولد عادل بن أحمد الجبیر في الأول من فبراير في مدينة المجمعة عام ١٩٦٢م وحصل على شهادة البكالوريوس من جامعة شمال تكساس في الاقتصاد والعلوم السياسية وشهادة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة “جورج تاون” في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وفي عام ١٩٨٦م عيّنه السفير السعودي السابق في أمريكا بندر بن سلطان كمتعاقد محلي في السفارة لإجادته اللغة الإنجليزية. وفي ٢١ ديسمبر عام ٢٠٠٦م ذكرت جريدة واشنطن بوست الأمريكية أن حكومة الرياض أبلغت وزارة الخارجية الأمريكية بنيتها تعيين عادل الجبير كسفير جديد للسعودية في أمريكا بدلاً عن تركي بن فيصل آل سعود الذي قدم استقالته بعد ١٥ شهراً من تعيينه دون معرفة اسباب الاستقالة. وعمل الجبير لفترة مستشاراً للملك الراحل عبدالله بن عبد العزیز للشؤون الخارجية. وعرف عنه كممثل للسعودية في الغرب وخاصة في أمريكا.
وينتمي الجبير الى أسرة تقطن محافظة المجمعة وعمه “محمد بن إبراهيم بن جبير” شغل مناصب وزارية متعددة في اوقات مختلفة. ويعد الجبير من ابرز المؤيدين للعدوان السعودي – الامريكي على اليمن وأول المعلنين عن بدء هذا العدوان امام وسائل الاعلام.
والسؤال المطروح الآن هو: لماذا عُيِّن الجبير وزيراً للخارجية السعودية في هذا الوقت بالذات؟
يعتقد اكثر المراقبين ان هذا التعيين جاء في ظل الظروف الأمنية والسياسية البالغة الخطورة التي تمر بها السعودية في الوقت الحاضر بسبب عدوانها المتواصل على اليمن منذ السادس والعشرين من آذار الماضي ورغبة الادارة الامريكية في استمرار هذا العدوان رغم الورطة التي تشعر بها حكومة الرياض بعد وقوعها في المستنقع اليمني، حيث كانت تتصور أن بإمكانها حسم المعركة خلال أيام قليلة لكنها تفاجأت بصلابة الشعب اليمني واصرار قيادته المتمثلة بحركة انصار الله في الدفاع المستميت عن بلدهم رغم شراسة الهجمة التي يواجهونها والتي تشارك فيها عدة دول الى جانب السعودية في مقدمتها امريكا.
والسبب الآخر الذي يراه المراقبون لتعيين الجبير في منصب وزير الخارجية السعودية هو الولاء المطلق الذي يحمله لأمريكا، باعتباره عمل لمدة طويلة في السلك الدبلوماسي لبلاده في واشنطن كان آخرها شغله لمنصب السفير في العاصمة الامريكية، اضافة الى ان العديد من إخوانه وأخواته يقيمون في أمريكا منذ مدة طويلة. وهذا الامر بنظر المراقبين يجعل من الجبير منسجماً تماماً مع تطلعات الادارة الامريكية لتنفيذ مشروعها التوسعي في الشرق الاوسط والذي يعتبر النظام السعودي احد أهم اركانه كونه ينصاع بشكل تام للارادة الامريكية في تنفيذ هذا المشروع، وما العدوان الذي يشنه هذا النظام على اليمن الآن إلّا حلقة من حلقاته.
والمعروف عن الجبير كذلك أنه من اشد المتعصبين للفكر الوهابي السلفي الذي يدعمه أيضاً الملك سلمان بن عبد العزيز. كما انه من ألد أعداء محور المقاومة الذي يتصدى للمشروع الصهيو أمريكي في المنطقة.
ومن خلال قراءة سريعة للمتغيرات الأخيرة التي قام بها الملك سلمان في صفوف الكادر المتقدم في العائلة المالكة والحكومة السعودية، يتبين أن هذه التغييرات تهدف في الاساس الى اقصاء المعارضين أو المتلكئين في دعم العدوان السعودي على اليمن واستبدالهم بأشخاص داعمين لهذا العدوان. لكن معظم المراقبين يعتقدون ان هذه التغييرات لا تصب بالنهاية في صالح النظام الحاكم في السعودية على الصعيدين الداخلي والخارجي باعتبار ان هذه التغييرات ستوغر صدور الذين طالهم التغيير وصدور قبائلهم خصوصاً وان النظام السعودي وكما معروف عنه هو نظام قبلي قائم على اساس الولاء للقبيلة. ومن الناحية الخارجية وكما تؤكد الوثائق والمعطيات التي أفرزتها الاحداث والتطورات التي شهدتها المنطقة طيلة السنوات الماضية، ان السعودية متورطة الى حد النخاع بدعم الارهاب والجماعات الارهابية في العديد من الدول بينها سوريا والعراق ولبنان واليمن وافغانستان وباكستان، وهو ما أثار الشعور بالغضب والسخط لدى عامة المسلمين في كافة انحاء العالم، محملين آل سعود مسؤولية الجرائم البشعة التي ترتكبها العصابات الارهابية في هذه المنطقة الحساسة والمهمة من العالم.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق